سها الشيخليلا ادري من تكونين .. ولا اعرف اسمك وعنوانك .. ولا حتى عمرك .. وكل الذي اعرفه عنك انك أم لطفل صغير.. تركته وهو يعاني المرض وبعمر يومين لا أكثر! في احد مستشفيات العاصمة في مساء يوم قارص البرد .. وصراخه يملا الكون حزنا واحتجاجا على أمومتك..
ربما قد تكونين رازحة تحت ظروف قاهرة دفعتك الى التخلي عن فلذة كبدك لكنها بالتأكيد لم تنسك أمومتك حيال ابن يعاني المرض في اول أيامه .. دعيني اتحدث اليك بصفتي اما تحمل كنيتك نفسها فانا الأخرى أم لطفل اسمه محمد. راى النور وكان ابوه قابعا على الحدود الشرقية يدافع عن وطن خاض حروبا خاسرة .. وبعيدا عن كل المجاملات دعيني أتحدث معك ولا اريد ان اكون واعظة لك ولا من باب تقديم النصائح التي امجها انا قبلك ! ..ولكن ما دمنا نحن المرأتين نحمل معا كنية (ام محمد)، فقد زرت المستشفى الذي يرقد فيه صغيرك محمد بعد ان تسربت لي قصته المحزنة ! ، وحملته بين ذراعي بحنان كبير وشفقة اكبر .. وصورته في كامرتي والممرضة تحمله على ذراعها ، ودعيني أتحدث معك في هذا الموضوع لست بصفة ( صحفية وجدت في قصة الصغير مادة جيدة للنشر ) بل بصفة الأمومة التي لا تقوى اية انثى مهما أحاطتها النوائب ان تتخلى عنها .. فاللبوة تزداد شراسة إذا ما تقرب احد من اشبالها .. والقطة الوديعة الدافئة تتنمر اذا شعرت بفقدان صغيرها .. هذه الغريزة يا عزيزتي ام محمد لم توجد بشكل اعتباطي ولا هي محض الصدفة ولا تكثر او تقل او تنعدم عند الإناث مهما كانت الأسباب، وهي سر الوجود والبقاء لنوع كل من البشر والحيوان معا .. لا تذهب بك الظنون من أنني انما أردت ان الومك او أقرعك، لا مطلقا يا عزيزتي ام محمد بل فقط أردت ان أذكرك بأنك ام والأمومة غريزة بينما الابوة عادة مكتسبة ، ويقينا ان الأمومة ما زالت تصرخ في دواخلك .. ولكن ربما هناك ظروف قاهرة كما وصفتها في اول حديثي معك قد أرغمتك على التخلي عن طفل مريض ميؤوس من شفائه .. ولكن دعيني أزف لك بشرى نجاح عمليتين أجراهما طبيب جراح عراقي ماهر الأنامل كبير القلب وقد تعلق بابنك الصغير الى درجة كبيرة وهو والجميع يناشدوك العودة الى المستشفى لاستلام فلذة كبدك محمد الصغير الذي وجدته يتطلع الى كل الوجوه المحيطة حوله باحثا عنك .. فكلنا يا ام محمد مهما اوتينا من عواطف جياشة حيال الصغير لا نستطيع ان نعوضه دقيقة واحدة من سعادته وهو يضع راسه الصغير والمتعب من صمامات (العملية) على صدرك ليستعيد عافيته في وقت اقصر مما هو بعيد عنك . كما اود ان أخبرك ان مؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنو ن والتي اعمل فيها قد ابدت استعدادها في مساعدتك ومساعدة الصغير محمد فلي امل ورجاء لديك ان لا تفوتي هذه الفرصة الثمينة والتي قد لا تتكرر في حياة الصغير محمد فمن اجله أرجو ان تتصلي بالمستشفى الذي يرقد فيه طفلك الصغير وان تكوني جديرة بامومته ورعايته فهو في الأول والأخير فلذة كبدك ، ولا يسعني في هذه المناسبة وفي هذا الحديث القصير الا ان أعرب لك عن قلقي ولهفتي لما حل بالصغير من ضياع ، بادية لتقديم اية مساعدة ممكنة من جانبي لعودتك الى الصغير محمد بل وحتى بعد عودتك إليه .. وفي الختام تقبلي تحياتي.
رسالة العدد :إلـى مـشـاعــر أُم
نشر في: 12 فبراير, 2010: 04:59 م