لا مفاجأة أبداً في الإعلان الجديد لمنظمة الشفافية الدولية، إذ يرد في تقريرها السنوي الجديد اسم العراق بين الدول الست الأكثر فساداً، إدارياً ومالياً ... هذا صار تقليداً سنوياً مألوفاً...
المفاجأة كانت ستكون لو أنّ المنظمة الدولية قد أقصت العراق عن هذا الموقع والترتيب إلى موقع وترتيب آخرين في تقريرها، وإن كنّا نتمنى حصول هذا ونرغب فيه ونعمل لأجله، لكنه في ما يبدو سيظل، إلى حين، من نوع أحلام العصافير.
لا مفاجأة، فنحن نعيش في هذي البلاد ... نرى بأمّ العين الفساد الضارب أطنابه في كل ركن وزاوية من أركان دولتنا ومجتمعنا وزواياهما. ونسمع قصصه وحكاياته ورواياته التي يشيب لها شعر الولدان، ونشمّ روائحه العفنة، ونلمسه ونتذوق طعمه المرّ أكثر من ثلاث مرات في اليوم.
لا مفاجأة، فما نراه ونسمعه ونشمّ رائحته ونتلمسه ونتذوقه على مدار الساعة يؤكد ويعيد التأكيد أنّ ما تفعله الدولة لمكافحة الفساد الإداري والمالي لم يحقق النتيجة المرجوّة، بل لم يحقق نتيجة ذات شأن واعتبار. والسبب الرئيس في هذا أنّ خروف مكافحة الفساد قد وُضع في رعاية ذئب الفساد!
مع هذا، لا يتعيّن علينا أن نبتئس أو نحزن ،لأنّ دولتنا بين الدول الست المتصدّرة قائمة الأكثر فساداً، فهذه الدولة ليست دولتنا، نحن الناس العاديون.. إنها دولة مَنْ يديرونها.. دولة هذه الطبقة السياسية التي لا تقتصر صفاتها الذميمة على الفساد، فهي في المقام الأول بلا ذمة ولا ضمير ومنزوعة الوطنية والأخلاق، ولو لم تكن كذلك ما أوصلتنا إلى هذي الحال التي لا تسرّ حتى الأعداء.
ليس علينا أن نبتئس أو نحزن، فليس العراق ولا شعب العراق هما مَنْ يتربّعان على " عرش " الفساد ، إنما هي هذه الطبقة السياسية المتنفذة التي تمارس فسادها وسائر موبقاتها علناً، باسم الدين والوطن! وها هي منغمرة هذه الأيام في نشاط محموم لتشريع قوانين ووضع أنظمة لمزيد من السلطة والنفوذ لها في سبيل المزيد من الفساد الإداري والمالي.. اسألوهم كيف يُهيّئون للانتخابات القادمة، المحلية والبرلمانية، وأي نظام انتخابي يريدون وضعه، لتتأكدوا.
اليوم يعقد مجلس النواب جلسة له .. لا تتوقعوا أنَّ أحداً من أعضاء هذا المجلس سيطلب إضافة بند على جدول أعمال الجلسة، أو الجلسة التالية، للتوقف عند تقرير منظمة الشفافية الدولية، فلم يفعل أحد هذا من قبل. ويوم الثلاثاء المقبل يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية، ولا أحد من أعضاء المجلس سيأتي على ذكر تقرير الشفافية الدولية، كما لو أنّ التقرير لم يأت على اسم العراق بالمرّة! فمثل هذا لم يحصل من قبل!
لا مفاجآت في تقرير الشفافيّة الدوليّة!
[post-views]
نشر في: 27 يناير, 2017: 04:27 م