#مضافات داعش تزخر بالمخدرات ... والمادة 140 تؤجل التحرير
 
ما يقرب من أربعين قرية تقع على امتداد الضفة اليسرى لنهر دجلة يقطنها أكثـر من عشرين ألف مواطن تئن بجراحاتها تحت وطأة الموت والهلاك ما لم تهرع الحكومة لإنقاذهم قبل فوات الأوان، خاصة ان ت

#مضافات داعش تزخر بالمخدرات ... والمادة 140 تؤجل التحرير

ما يقرب من أربعين قرية تقع على امتداد الضفة اليسرى لنهر دجلة يقطنها أكثـر من عشرين ألف مواطن تئن بجراحاتها تحت وطأة الموت والهلاك ما لم تهرع الحكومة لإنقاذهم قبل فوات الأوان، خاصة ان تنظيم داعش الإرهابي لم يدخر اي جهد في ارتكاب أبشع المجازر وعمليات القتل في قراهم. قصص كثيرة رواها ناجون من بطش آلة الموت في المعقل الأخير لعصابات داعش ضمن محافظة صلاح الدين (ناحية الساحل الأيسر) التابعة لقضاء الشرقاط. "المدى" تابعت شهادات لمواطنين افلحوا في الوصول إلى الضفة الاخرى لنهر دجلة والفوز بحياة جديدة .

الدواعش يمتلكون كل شيء
بما أن الجوع دفع الكثيرين الى ترك منازلهم في الساحل والتوجه الى مدينة الشرقاط هرباً من الموت الحتمي،  إلا أن هناك من يعيش حياة رغيدة لا يعكرها شيء. هكذا قال بعض النازحين، الذين اكدوا بأن أفراد عصابات داعش وعوائلهم يمتلكون كل شيء ولديهم القدرة على شراء ما يحلو لهم وبالعملة الصعبة (دولار أوباما) اي الطبعة الجديدة لفئة 100$ . هذا ما قاله احدهم معلقاً على وضع أفراد عصابات داعش الإرهابي. هارب آخر ذكر انهم لا يقومون بمنحنا حتى كسرة الخبز باعتبارنا كفاراً كي يجبروننا على مبايعتهم والعيش في نعيمهم ، كثيرون يتساءلون من أين لهم تلك الأموال ؟ ومن أين يصلهم كل شيء؟ إذا كانت منطقتهم محاصرة منذ شهر حزيران 2016 ؟

أسعار فلكية تفتح باب المقايضة
عندما تعيش في منطقة يتجاوز سعر كيلو البصل فيها أكثر من (10)$ فأنت بالفعل تعيش خارج مدارات المعمورة . حينما يصل بك الحال إلى قصد منطقة تبعد عن محل سكناك اكثر من 40كم لشراء علبة مضاد حيوي فأنت بالفعل تعيش خارج حدود الزمن. كل شيء موجود لكن لكل شيء ثمنه، هكذا قال المواطن محمد جمعة النازح حديثاً من منطقة الساحل الأيسر عندما أردنا معرفة آخر الأسعار في مدينته، صمت قليلاً ثم واصل حديثه بالقول: بعد ان تم تطويق منطقتنا تمهيداً لاقتحامها منذ أكثر من ستة أشهر بدأت المواد و السلع بالنفاد من المحال التجارية حتى اختفت تماماً. مردفا: وبما أنه لا يوجد مصدر لدخول الأموال إليها تم الاعتماد على نظام المقايضة بأن تعطي لأحدهم كمية من " الأرز" مقابل كمية من الدقيق وهكذا تتم عملية التبادل التجاري بين المواطنين.

كيلو السكر بـ 30 ألفاَ والرز بـ 25 ألف دينار
 نازح آخر ،رفض الكشف عن اسمه، تحدث للمدى عن أرقام خيالية وصلت إليها أسعار السلع الاستهلاكية حيث وصل سعر الكيلو غرام من السكر إلى أكثر من ثلاثين ألف دينار، فيما تجاوز الكيلو غرام من الأرز حاجز الخمسة وعشرين الفاً وعلبة معجون الطماطم إلى عشرين ألفاً كما وصل سعر لتر زيت الطهي الى أكثر من خمسة عشر ألف دينار .أبو صباح ،مواطن "شرقاطي" رفض الإفصاح عن اسمه الحقيقي خوفاً على ما تبقى له من أقرباء ما يزالون في الجانب الأيسر، اجبره ضعف الحال على البقاء تحت رحمة داعش لأكثر من عامين ونصف كونه لا يملك مصدر دخل ثابت، فهو المعيل الوحيد لعائلته المكونة من (10) افراد يمتلك دكاناً بالقرب من منزله الواقع في قرية (اسديرة) بالساحل الأيسر من قضاء الشرقاط. تحدث لـ "المدى" بحسرة وألم عن معاناته في عبور نهر دجلة بعد أن كان النهر مرتعاً للأنس أصبح الاقتراب منه مسألة حياة او موت، كما يقول.

السباحة في ليالي كانون الباردة
وعن طريقة عبوره للنهر يقول: بعد أن تحرر نصف المدينة أصبح الوصول إلى غرب دجلة أشبه بالحلم الذي يرواد الجميع. وعن كيفية العبور يذكر أنه يئس من وعود الحكومة بتحرير قريته على مدى أكثر من عامين ونصف، ونتيجة للحصار المفروض عليها ونفاد كل ما يمتلك من مؤن وغيرها، اضطر لحمل عائلته في قارب صغير مجازفاً برحلة نسبة النجاح فيها ضئيلة جدا ليتمكن من اجتياز دجلة في ليلة كانونية شديدة البرودة حتى ان عائلته كادت تضيع في أكثر من مناسبة نتيجة حدوث خرق في القارب ما دفعه للنزول الى المياه واكمال رحلته سباحة في درجة حرارة تقترب من الانجماد تاركاً أمر التجديف لابنه ذي السبعة عشر ربيعاً. مضيفاً انه لا يستطيع وصف مشاعره وهو يرى ويسمع صرخات الأطفال وبكاء النساء خوفاً من مصير مجهول وسط دعوات والدته العجوز التي اوصلتهم للنجاة ، هكذا كان يعتقد .

داعش يصادر المستمسكات الأربعة
منذ اليوم الأول لهيمنة عصابات تنظيم "داعش" الإرهابي على مناطق واسعة من البلاد عكف على استخدام كافة الوسائل والطرق والأساليب التي تمنع المواطنين من الهرب نحو المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة. فتارة يقوم بأخذ أموال مقابل ذلك وصلت لآلاف الدولارات، وفي أخرى يحتجز ويعدم من يحاول الفرار لاسيما إذا كان منتسباً لإحدى المؤسسات الحكومية. وبعد أن حررت القوات الأمنية الساحل الأيمن من مدينة الشرقاط أقدمت تلك العصابات على جمع ومصادرة المستمسكات الثبوتية (هوية الأحوال المدنية وجوازات السفر وسنويات السيارات وغيرها) أملاً في منعهم من الهروب. لكن كل ذلك لم يمنع صالح حمد من تجاوز النهر برفقة عائلته ليبدأ من جديد في رحلة بين المؤسسات الحكومية لاستصدار مستمسكاته التي صادرها التنظيم. يقول صالح ان التنقل بين المؤسسات مسألة في غاية الصعوبة لاسيما انه وصل الى مدينة الشرقاط وجيبه خالي الوفاض من اي مبلغ مالي إضافة إلى أن المؤسسات الحكومية ما تزال تتبع البيروقراطية المكثفة الأمر الذي زاد المسألة تعقيداً. وبعد شدّ وجذب افلح صالح بالظفر بمستمسكاته الجديدة التي وصفها بالنفيسة كونها سلاحه الوحيد في التعريف عن نفسه بعد أن باتت قضية تشابه الأسماء تشكل مصدر قلق للجميع في تحديد سلامة موقفه الأمني خصوصا أن العراقيين متشابهون في أسمائهم وهذا ما يخشاه من تطابق اسمه مع أحد المطلوبين للسلطات .

بقرة تنقذ حياة أسرة !!
في إحدى قرى ناحية الساحل الأيسر من مدينة الشرقاط يقطن أحمد فلاح ابن الخامسة والثلاثين عاماً. يعتاش وعائلته طوال الأشهر التي تلت تحرير الجانب الأيمن على ما تجود به بقرتهم الحلوب فيقوم ببيع نصف حليبها والاعتماد على النصف الآخر. قد تشوب الطرافة قصة هروب أحمد وعائلته كما رواها لـ(المدى) بالقول: بعد أن وجدنا أنفسنا نسير نحو الموت قررنا مغادرة القرية باحثين عن فسحة من الحياة افتقدناها بعد العاشر من حزيران 2014. مضيفاً: انه لم يكن يمتلك المال الكافي للفرار ليقدم على التوسط لدى أحد أقاربه الذي اوصله لأحد المهربين الذي اشترط عليهم دفع (1000)$ ليقوم بنقلهم إلى جهة النهر الأخرى. وبما أن أحمد وعائلته لا يمتلكون المبلغ المذكور فقد اقترحوا على المهرب بأن يعطوه بقرتهم "العزيزة" عليهم بدل المبلغ بعد توسلات أجبرت المهرِّب بالموافقة على مضض كما يقول أحمد الذي اضاف: لا يمكن نسيان مشهد صعود البقرة الى مركبة جلبها المهرّب ونحن ننظر اليها بعيون دامعة لكنها كانت وفية في انقاذنا ومنحنا الحياة من جديد.

 مضافات داعشية زاخرة بالمخدرات
 زيف النهج الذي جاء به تنظيم داعش الإرهابي مالبث إلا ان ينكشف سريعاً.  فبعد أن فرض التنظيم تعاليم معتقده الصحراوي على أهالي المناطق التي اجتاحها، أخذت عناصر التنظيم تمارس كل ما يحلو لها من موبقات. ناجٍ من أحد سجون داعش ،رفض الإفصاح عن اسمه، تحدث لـ(المدى) عن مشاهدته لمجموعة من الشابات في إحدى مضافات التنظيم الواقعة في قرية "السلمان" بالساحل الأيسر. مبيناً: بعد أن تم توقيفي لأكثر من عشرة أيام بتهمة المتاجرة  بالسكائر وأدوات الأركيلة كنت اسمع اصوات وضحكات نساء يتبادلن الحديث مع حراس السجن. متابعاً: وبعد ان وثق بي أحدهم تحدث لي عن ليالٍ حمراء يقضيها أفراد التنظيم مع هؤلاء النسوة اللواتي تم خطفهن او ممن قبلن العمل مع التنظيم.  مردفاً: انه استطاع ذات ليلة من رؤية ما يحدث في احدى المضافات التي كانت تزخر بالعديد من انواع المخدرات وحبوب الهلوسة التي كانت تدخل بكل يسر وسهولة عكس المواد الغذائية.

المكاسب السياسية تفشل تحرير الجانب الأيسر
المستشار السياسي لهيئة الحشد الشعبي (يزن الجبوري) أفاد لـ(المدى) بأن قاطع الحويجة والزاب والساحل الأيسر من الشرقاط هو قاطع واحد عسكرياً وجغرافياً وان اية عملية محدودة هي عملية فاشلة عازياً سبب ذلك الى غرور بعض القيادات العسكرية التي عقدت صفقة مع جهات ادارية وسياسية في المحافظة وشخصيات من الساحل الأيسر لتحقيق اي نصر يرفع من شعبيتهم  دون حسابات عسكرية دقيقة. مبينا: ان الدولة أمنت له كل ما طلبه من عدد وعدة وفق الخطة التي ارسلها هو لقيادة العمليات المشتركة. موضحاً: ان العملية لم تتأخر بل فشلت فشلاً ذريعاً وتتحمل كل الأطراف وخصوصا العكسرية الفشل. مردفاً: اما الحل فهو حتماً بعملية واسعة شاملة لتحرير كامل القاطع وهو غير ممكن الآن لعدم وجود قطعات تكفي لمثل هكذا معركة مهمة.

وضع مأساوي
هذا ما أكده الخبير الستراتيجي (رعد هاشم) في حديثه لـ(المدى) مشيراً الى ان عامل الأولويات الذي اختطته قيادة العمليات المشتركة بالتنسيق مع قوات التحالف الدولي في مسألة التحرك على الأهداف والمدن التي يحتلها داعش يشكل عاملاً حاسماً في الأسبقيات، وتأخير عملية الشرقاط ككل وأخيرا بقاء الجانب الأيمن يرزح تحت نير السيطرة الداعشية الإرهابية. مضيفا: انه وفق مبدأ الأسبقيات جاء التحرك الى الموصل وإبقاء أكثر من بؤرة وثغرة يسيطر عليها داعش خلف القطعات. مردفاً: الأمر الذي انسحب وفق ذلك الى فرض أمور عدة منها تحديدات تخص مشاركة الحشد الشعبي وأخرى استمرار معاناة الأهالي الأمر الذي خلق وضعاً انسانياً صعباً مستداماً على مستوى تدفق النازحين وإغاثتهم وتلبية احتياجاتهم الضرورية وتسهيل أمر عودتهم الى ديارهم بانسيابية.

التحقق من المعلومات
ولفت هاشم إلى: أن الحكومتين المحلية والمركزية عاجزتان عن معالجة هذا الوضع الخطير، ما يستدعي إيجاد الحلول الضرورية اللازمة لنجدة الأهالي هناك، من خلال زيادة الدعم الإنساني وتهيئة المستلزمات الضرورية لتخفيف الأعباء عنهم. متابعاً: فضلا عن الإسراع بتحرير الساحل الأيسر من الشرقاط بعد تفعيل قاطع الحويجة وإنهاء تواجد داعش هناك. داعياً الى: التحقق مليّاً من المعلومات التي تناقلتها مصادر محلية بحصول أعمال تهريب منظمة بين جانبي مدينة الشرقاط والتي ممكن إذا تم التحقق منها قانوناً أن تندرج ضمن الأعمال الإجرامية بمثابة عملية تمويل للإرهاب بما يخالف القوانين الدولية التي تعنى بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.

المادة (140) تعيق التحرير
 من جانبه، ذكر رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين الشيخ (جاسم الجبارة)  في اتصال هاتفي مع (المدى) ان مسألة تحرير الساحل الأيسر من قضاء الشرقاط مرتبطة بالمادة (140) من الدستور العراقي والخاصة بالمناطق المتنازع عليها كون منطقة الساحل الأيسر من الشرقاط مرتبطة جغرافيا بقضاء الحويجة التابع لمحافظة كركوك والتي تشهد ازمة سياسية حول مصير مجموعة من المدن المرتبطة بها. مطالبا الحكومة المركزية بتفعيل أطر التباحث مع الإقليم لإيجاد مخرج يرضي الجميع والوصول الى حل مناسب ومن ثم الشروع بعملية كبرى لتحرير هاتين المنطقتين. مسترسلاً: انهما باتتا تشكلان الخطر الأكبر وتقلقان أمن المحافظة بعد قيام عصابات داعش بشن عمليات نوعية انطلقت منهما.

مباركة قوات التحالف الدولي
 بدوره، يذكر (وسمي الصحن) مدير ناحية الساحل الأيسر التابعة لقضاء الشرقاط  أن السبب الرئيسي لتوقف عملية تحرير الناحية هو ان العملية لم تحظَ "بمباركة" قوات التحالف التي وافقت "مكرهة" بعد حملة شعبية أطلقها ناشطون لتعجيل تحرير الناحية. فقد أجبرت تلك القوات على الشروع بعملية توقفت بعد يومين من انطلاقها لأسباب مجهولة ،كما ذكر الصحن، وهذا ما اكده (عدنان الغنام ) النائب السابق عن محافظة صلاح الدين في اتصال هاتفي مع (المدى) حيث أشار إلى أن قوات التحالف غير عازمة على تحرير منطقة الساحل الأيسر من قضاء الشرقاط، مشيراً  إلى: أن تحريرها لا بد ان يحظى بقبول جميع الأطراف لموقعها الستراتيجي فهي تقع بين محافظات كركوك واربيل ونينوى إضافة إلى أنها تتبع إدارياً لمحافظة صلاح الدين وتلك مسألة صعبة كما ذكر الغنام لكنه أكد أن تحريرها سيكون في القريب العاجل لامحالة، فبعد أن أنهت القوات الأمنية تحرير الساحل الأيسر من مدينة الموصل ستتجه نحو الحويجة والساحل الأيسر من الشرقاطً.