TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الرئيــس.. والأحـــــزاب

الرئيــس.. والأحـــــزاب

نشر في: 12 فبراير, 2010: 05:26 م

حسين عبد الرازقلم أكن قد قرأت الحديث الذي أدلي به الرئيس حسني مبارك لمجلة الشرطة بمناسبة عيد الشرطة والذي نشر نصيا في الصحف القومية يوم 26 يناير الماضي، حيث اتصل بي الزميل أحمد موسي يدعوني للمشاركة في ندوة تليفزيونية حول ما قاله الرئيس في هذا الحديث حول الأحزاب، وعدت بسرعة للأرشيف لقراءة الخطاب، خاصة الفقرة التي تناول فيها الحياة الحزبية في مصر، وتوقفت أمام أربعة مقاطع.
المقطع الأول قول الرئيس إن (أحزاب المعارضة هي جزء من النظام السياسي.. وليس لدي أدنى شك في أن كل الأحزاب المصرية تنشد مصلحة الوطن، كل حسب برامجه وما يطرحه للتعامل مع قضايا الداخل والخارج)، ومع التسليم بصحة ما قاله الرئيس، فيبدو أن الرئيس لا يعلم أن الأحزاب منذ الانتقال من نظام الحزب الواحد إلي التعددية الحزبية المقيدة عام 1976 - أي منذ 34 عاما - محكومة بقانون يمنعها من التواجد حيث توجد التجمعات الطبيعية للمواطنين في أماكن العمل والجامعات والمصانع، وبقوانين وإجراءات أمنية تحدد إقامتها في المقر والصحيفة وتمنعها من الالتقاء المباشر بالجماهير من خلال عقد المؤتمرات السياسية في الميادين والشوارع وتوزيع البيانات وتنظيم المسيرات السلمية والوقفات الاحتجاجية السياسية، وتعرضت بعض الأحزاب الحية وقياداتها وكوادرها في فترات معينة للاعتقال والمحاكمات الاستثنائية والملاحقة في العمل الوظيفي لكوادرها، مما أدى إلي تراجع عضويتها وإحجام الشباب عن الانضمام إليها، كما تمت مصادرة أجهزة الإعلام والصحافة القومية المفترض ملكية الشعب والدولة لها لحساب الحزب الوطني.المقطع الثاني يتناول حرص الرئيس علي طرح القضايا التي تمس حياة المواطنين لحوار مجتمعي عام ومفتوح، ضاربا المثل بالحوار المجتمعي حول عدد من الموضوعات منها التعديلات الدستورية، وللأسف فالحوار حول التعديلات الدستورية كان أشبه بحوار الطرشان، فالرئيس اقترح في رسالته إلي مجلسي الشعب والشورى تعديل 34 مادة وقدم رؤيته لهذه التعديلات، ورغم الجهود التي بذلتها الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وأساتذة وفقهاء الدستور والقانون فقد تم تجاهل كل ما طرح من جميع الأطراف، وصدرت التعديلات مطابقة بالحرف لكل ما اقترحه رئيس الجمهورية لتمثل في كثير منها ردة إلي الخلف. المقطع الثالث دعوة الرئيس للأحزاب بإنهاء خلافاتها الداخلية و(تتواصل مع مشكلات المجتمع المصري بمواقف تتجاوز توجيه الانتقادات إلي الأهم والمطلوب وهو طرح البدائل والحلول)، ويبدو أن المحيطين بالرئيس ومستشاريه والعاملين في رئاسة الجمهورية يفرضون حصارا على الرئيس حتى لا يعرف ما يجري في البلد، وصل إلي حد عدم إطلاعه علي صحافة الأحزاب المعارضة والخاصة (الجادة)، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فبرنامج حزب التجمع يحمل حلولا وبدائل لكل المشاكل التي تعاني منها مصر. أكثر من ذلك فقد أصدر حزب التجمع 3 برامج نوعية هي.. برنامج (العمران والإسكان في مصر) وبرنامج (التعليم.. الطريق إلي المستقبل) وبرنامج للصحة، وكلها برامج تقدم حلولا حقيقية وواقعية في هذه المجالات الثلاثة، وشارك في صياغتها سياسيون وخبراء من حزب التجمع وخارجه، فضلا عن برنامج (الإصلاح السياسي والديمقراطي)، ومشاريع لتعديل الدستور، ولقانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية وانتخابات مجلس الشعب، وكل هذه البرامج والمشاريع تم إرسالها إلي كل من يهمه الأمر من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء إلي الأحزاب السياسية والصحف ومراكز الدراسات والبحوث، ونشر عنها في صحيفة (الأهالي) وعلي موقع التجمع في شبكة النت.. دون أن يناقشنا أحد فيها!.المقطع الرابع هو حديث الرئيس عن الانتخابات التشريعية (2010) والرئاسية (2011) وقوله إنها ستكون (انتخابات حرة ونزيهة)، وأظن أن الرئيس يعرف جيدا أن مصر لا تعرف في ظل التعددية الحزبية لا انتخابات ولا استفتاءات (حرة ونزيهة).ففي ظل التعددية الحزبية بعد دستور 1923 وحتي ثورة 1952 وفي وجود الاحتلال البريطاني ودور القصر السلبي في الحياة السياسية، لم تشهد مصر انتخابات نيابة حرة ونزيهة إلا مرتين، الأولي عام 1924 والثانية عام 1950.وفي ظل التعددية الحزبية المقيدة الحالية التي بدأت عام 1976 جرى تزوير كل الانتخابات والاستفتاءات، سواء بالتدخل المباشر من أجهزة الدولة التي اندمجت مع الحزب الوطني - حزب الرئيس - أو سلطة المال أو استخدام العنف والبلطجة.وما لم يقله الرئيس فقد أدت هذه الممارسات إلي أزمة مقاطعة المواطنين في مصر لأي عمل سياسي، بدءا من أبسط ممارسة سياسية تتمثل في التصويت في الانتخابات والاستفتاءات حيث قاطع أكثر من 75% من المقيدين في جداول القيد الانتخابي الانتخابات عامي 2000 و2005 وانتخابات الرئاسة عام 2005.. وصولا إلي عدم الانضمام لأي حزب سياسي أو المشاركة في أنشطة الأحزاب أو الاشتراك في مظاهرة أو وقفة احتجاجية سياسية، ولن يتغير هذا الواقع ما لم تقدم الأحزاب على العمل معا من أجل كسر الحصار المفروض عليها والاتصال المباشر بالجماهير والتحرك معها لتحويل مصر من دولة بوليسية استبدادية إلي دولة برلمانية ديمقراطية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram