TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "ارنست آند يونغ".. جهدٌ ضائع!

"ارنست آند يونغ".. جهدٌ ضائع!

نشر في: 31 يناير, 2017: 06:42 م

adnan.h@almadapaper.net

لأن طاعون الفساد لم يترك مؤسسة أو دائرة حكومية أو شبه حكومية دون أن يتفشى فيها، ولأن المؤسسات التي أوكلت إليها مهمة مكافحة هذا الوباء لم تسلم هي أيضاً، في الغالب، منه، كان لابدّ من طلب العون من الخارج لفكّ شفرة الإخفاق المتواصل والمتأصل في علاج هذه الظاهرة.
اختارت وزارة المالية منذ بضع سنوات مؤسسة عالمية رصينة، هي "ارنست آند يونغ" المتعددة الجنسية ومقرها في لندن، للقيام باللازم، وقامت باللازم، فقد راجعت حسابات "صندوق تنمية العراق" الذي تدخل فيه، وتخرج منه لأغراض إنفاق الدولة العراقية، الأموال المتأتية من إنتاج وتصدير البترول، منذ العام 2006. حتى الآن انتهت المؤسسة الدولية من مراجعة وتدقيق حسابات الصندوق ونفقات الوزارات والمحافظات وسواها من هيئات الدولة العراقية، حتى العام 2015 الذي صدر للتوّ التقرير الخاص به والمذكرات المرافقة. دائماً سجّلت تقارير"ارنست آند يونغ" على الوزارات وهيئات الدولة الأخرى مخالفات مالية كبيرة، ومن المفترض أن تقوم جهة ما أو أكثر في الدولة، مجلس النواب والحكومة ولجنة الخبراء الماليين، وهذه هيئة حكومية شبه مستقلة مكلّفة بالعمل مع "ارنست آند يونغ"، باقتفاء آثار الأموال موضوع هذه المخالفات، وهي تتراوح بين عشرات الآلاف ومئات الملايين من الدولارات. لكن من الواضح أن أحداً لم يهتمّ بهذا الأمر.لجنة الخبراء أصدرت منذ يومين بياناً بنتائج أعمال "ارنست آند يونغ" الخاصة بالعام 2015، لاحظت فيه أن عمليات التدقيق التي قامت بها المؤسسة العالمية "أظهرت استمرار تكرار الملاحظات المشتركة في عدد من الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة رغم التأكيدات المستمرة لتجاوزها، خاصة وأن بعضها هام جداً ومؤثر على سلامة التصرف المالي وكفاءة التدقيق سواء الداخلي أو الخارجي".وعلى سبيل المثال، أشار البيان  إلى أنه "ما زال الرأي المتحفظ بالبيانات المالية قائماً بسبب عدم التحقّق من كميات انتاج النفط في اقليم كردستان للأعوام 2013 – 2015، وعدم تمكّن حكومة العراق من اعتماد تقدير دقيق لقيمة الموجودات المجمّدة في الخارج التي يمكن تحويلها الى صندوق تنمية العراق". كما أنه "قد تعذّر على شركة التدقيق الدولية تدقيق بعض أنشطة الجهات المعنيّة التي لها أهمية نسبية عالية في طبيعة نشاط هذه الجهات بسبب عدم تزويدها بالوثائق المطلوبة، ومنها تفاصيل مبلغ 615 ملياراً و129 مليوناً و916 الفاً و720 ديناراً، لأغراض إغاثة النازحين في وزارة الهجرة والمهجرين (!ّ)، كما أن هنالك وزارات ودوائر ومحافظات أخرى رفضت تقديم موقف تفصيلي بعقودها المبرمة خلال عام 2015 وتلك المتلكئة من سنوات سابقة".معلوم أن ديوان الرقابة المالية يقوم بعمل مماثل تقريباً، فهو يراجع ويدقّق فصلياً حسابات الوزارات والهيئات الأخرى، وعلى الدوام أيضا يسجّل الديوان على الوزارات والهيئات الأخرى في تقاريره خروقات وتلاعبات مالية كبيرة، لكن تقارير الديوان تنتهي هي الأخرى إلى المصير ذاته، فما من أحد يتابع الخروقات والتلاعبات ويقتفي آثار القائمين بها. الحقّ على مَنْ في هذا؟ .. إنه في المقام الأول على مجلس النواب، فالدستور الذي تشكّل المجلس بموجبه يُلزمه بعدم تمرير الموازنة العامة للدولة ما لم تقترن بالحسابات الختامية للسنة السابقة، لكنه لم يفعل هذا في أي سنة. ولو كان المجلس أميناً على اليمين الدستورية ولم يحنث بها ما كانت مئات مليارات الدولارت من المال العام قد طارت تماماً من حسابات الدولة في السنوات الماضية لتختبئ في الحسابات الخارجية للفاسدين والمفسدين، وهم في الغالب من كبار مسؤولي الدولة.المال السائب يعلّم السرقة، ومجلس النواب يصرّ على إبقاء المال العام لدولتنا سائباً، لأن عدداً غير قليل من أعضائه وزملائهم في أحزابهم قد أتقنوا السرقة واستمرأوها...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    أستاذ عدنان حسين أين تبخرت ملفات احمد الجلبي والأسرار التي فيها والتي أراد ان يظهرها امام الرأي العام والشعب العراقي ولكن فجأة علمنا انه توفى والرجل كان يمتلك صحة جيدة ولَم يشكو من شيئ ولو ان الأعمار بيد الله ولكن هل كان موت احمد الجلبي موت طبيعي ولماذا ت

  2. ييلماز جاويد

    تطالب البرلمان بمراقبة أعمال الحكومة ومحاسبة الفاسدين والبحث عن المال الطائر بينما البرلمان محكوم بالفاسدين ، فالدوران في حلقة مفرغة مستمر إلى يوم أن تُزاح الغمّة وينقلب الأمر عليهم .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram