TOP

جريدة المدى > سينما > قتلة على كراسي متحركة.. حكاية عن ثنائية العوق الفيزيائي والمجتمعي

قتلة على كراسي متحركة.. حكاية عن ثنائية العوق الفيزيائي والمجتمعي

نشر في: 2 فبراير, 2017: 12:01 ص

بعد فلم السيرة الذاتية The Theory of Everything  -نظرية كل شيء- للمخرج جيمس مارش ، وبطولة الحائز على الاوسكار أيدي ريدمان ، وفلم My left Foot -قدمي اليسرى- للمخرج جيم شيرديان ،وبطولة دانيال دي لويس ،  لم أشاهد فلما يمكن أن يطرح قضية الاعاقة

بعد فلم السيرة الذاتية The Theory of Everything  -نظرية كل شيء- للمخرج جيمس مارش ، وبطولة الحائز على الاوسكار أيدي ريدمان ، وفلم My left Foot -قدمي اليسرى- للمخرج جيم شيرديان ،وبطولة دانيال دي لويس ،  لم أشاهد فلما يمكن أن يطرح قضية الاعاقة الجسدية الولادية منها والمكتسبة بطريقة تجعل المشاهد يتعاطف او ينتبه الى الاهمية الكبرى للمعاقين ، وضرورة  عدم تهميشهم والاهتمام بهم ، وعدم الاكتفاء بتأسيس جمعيات ومنظمات تعنى بشؤونهم.

فالإعاقة الجسدية لا تعني الاعاقة الذهنية ، وما يمكن ان ينتجه ويبدعه العقل البشري ،يتساوى بين الشخص المعاق جسديا والسليم ، ويأتي فلم (قتلة على كراسي متحركة) للمخرج أتيلا تيل ، ليطرح هذا الموضوع مجددا ، في مجتمع " هنغاريا " الذي ما زالت الكثير من التقاليد القديمة سائدة فيه ، خصوصا في النظرة الى المعاقين جسديا ، معتمدا على سيناريو محكم كتبه أتيلا تيل نفسه مشتغلا مع طاقم  من المعاقين فعليا ، اشتغلوا بأقصى ما يستطيعون ، كأنهم ارادوا ان يدافعوا عن حقوقهم فعلا من خلال تصحيح نظرة المجتمع لهم .
فلم (قتلة على كراسي متحركة) ، واحد من الافلام المهمة التي تنتجها سينما أوروبا الشرقية ، التي لا نتوفر على مشاهدتها كثيرا ، ربما في المهرجانات السينمائية فقط ، لان بعض مستوردي الافلام لصالات العرض ، وكذلك بعض الفضائيات ، يعتمدون على افلام الأكشن والرومانس وغالبية ما تنتجه هوليود من أفلام في اغلب الاحيان ز
 مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ38 ، وفر فرصة مشاهدة عدد من هذه الافلام من بينها هذا الفلم الذي حاز على جائزة الهرم الذهبي فيه.
نجح المخرج أتيلا تيل في الاشتغال على ثيمة امكانية تجاوز الشخص المعاق ، لإعاقته الفيزيائية التي فرضت عليه ولاديا او اكتسبها نتيجة حادث ما ، وتأكيده على انه لا يختلف كثيرا عن الشخص السليم في الجانب العقلي والروحي ، وان اختلف ذلك بين معاق واخر .
في مؤسسة للرعاية الاجتماعية يعيش زولي أدى دوره  Zoltan Fenyves، مع زميله باربا Adam Fekete ، في غرفة مشتركة ، وكلاهما يمتلك موهبة الرسم ، ونسج الحكايات من خلال الرسوم ، زولي يعاني من الم في عموده الفقري وهو بحاجة الى عملية جراحية كبرى في المانيا ، لا يمتلك ثمن اجرائها ، رغم ان والده الذي هجره وامه يمكن ان يمده بالمال اللازم لكنه يرفض مساعدة والده ، رافضا العطف على معاق ، وليس الالتزام الاخلاقي الابوي الذي يفترض ان يكون .
مشاجرة تقع بين زولي وباربا مع شخص يدعى جانوس ، معاق هو الاخر نتيجة حادث وقع له في عمله السابق كإطفائي، هذه المشاجرة تكون فاتحة لعلاقة بينها ، تاخذهما لعالم الجريمة الذي عادة ما يبتعد المعاقون عنه ، كونه لا يرحب هو بمن لديه اعاقة جسدية ، ولكن هل هو كذلك فعلا ؟
يتصالح الاثنان مع صديقهما الجديد جانوس ، الذي يدعوهما لسهرة صاخبة ، وتمتد العلاقة بينهم ليعدهم بتوفير عمل لهم ، وهو الذي يعمل مع واحد من عتاة المجرمين ، اليوغسلافي رادوس (Dusan Vitanovics)، صاحب المعارك والعداوات الكثيرة مع غيره من المجرمين وغير المجرمين، والذي سبق وان كلف جانوس بتصفية العديد من خصومه ، مستفيدا من اعاقة جانوس ، وعدم الشك فيه ، كمجرم يمكن له ان يفعل ما يفعله الاشخاص العاديون ، فالإعاقة لا يمكن ان توقف شخصا ما عن القيام بفعل يريده ، بل يمكن ان تكون عامل تغطية له ، خصوصا اذا كانت هذه الافعال افعالا شريرة كالقتل .
يتعاون باربا وزولي ، مع جانوس ، ويغدق عليهما الكثير ، فيصبحان مع جانوس " قتلة على كراسي متحركة"..
لكن رادوس وبعد عملية ناجحة نفذها جانوس ، يعلم بان الاخير يستخدم اثنين من المعاقين كمساعدين له ، وخوفا من ان ينفضح امره ، يأمر جانوس بتصفيتهما ، فيقوم الاخير باستدراجهما الى بحيرة ويقوم بإلقائهما فيها ، لكنه المعاق جسديا ، لا يقوى على ان يقتل زميليه في الاعاقة على الاقل فيقوم بإنقاذهما ، ويخبر رادوس بانه قتلهما ، لكن الاخير يكتشف فيما بعد انه لم يقم بذلك ، فيعلقه بحبل مشنقة ويتركه ، لكن جانوس ونتيجة التدريبات التي كان يقوم بها ينجح من الافلات من الموت ، ويخطط مع باربا وزولي ، لقتل رادوس ، وينجحون في ذلك رغم التحصينات التي وضعها الاخير لبيته ، لكنهم يخسرون جانوس.
استخدم المخرج اتيلا تيل ، العديد من المشاهد المرسومة بالفحم ، ليقحمنا بين ما هو واقعي وخيالي ، وهي اشارة أولية الى امكانية افتراض الاحداث ، رغم ان معظم الافلام السينمائية تعتمد على حكاية من نسج كتابها ، وان كان هناك ما يشابهها في الواقع . والفلم اعتمد على قصة حقيقية ، فلماذا يجعلنا نعرف ان الحكاية بكاملها ، كانت عبارة عن قصة مصورة كتبها زولي بمساعدة باربا ، وارسلها لأبيه ليخبره ان بإمكانه عمل اي شيء ، سواء عن طريق نسج الحكايات المصورة ، وكذلك امكانية تطبيقها عمليا في ذات الوقت .   
رغم ان الفلم يبدو وكانه فلم قريب الى الاكشن مع كون ابطاله من المعاقين الا ان للفلم دلالات ورسائل مهمة اراد طرحها ، فمعظم الناس تتعامل مع المعاقين وكأنهم اشخاص لا فائدة لهم ، وانهم بعيدون عن الكثير من الاعمال سواء كانت الطبيعية منها او حتى اعمال العنف وعالم الاجرام ، لذلك كانت الحكاية تطرح ما لم يكن يتوقعه الكثيرون ، وهو امكانية قيام المعاق فيزيائيا بالكثير من الاعمال والافعال ، حتى الجرمية منها .
كذلك يطرح الفلم ، تخلف بعض الدول في التعامل مع المعاقين وعدم توفير الفرص اللازمة لهم ليعيشوا ، فالمنح التي تقدم لهم لا تكفيهم ، وبالتالي يكون الاهم توفير فرص عمل لهم ، بما يتناسب واعاقتهم ، وربما البعض وخصوصا في العالم الشرقي قد لا يتفاءل لرؤية معوق ما في اول نهاره .
ما يحسب للمخرج اتيلا تيل ، انه استطاع تحريك ممثليه بحرفية عالية [ معظم ابطال الفلم معاقون جسديا ] وتوظيف ادائهم بما يخدم هدف الفلم وغايته ، كذلك كان الاداء الرائع للممثلين سببا رئيسا في الارتقاء بمستوى الفلم ،خصوصا في المشهد المهم ، عندما يسهر الثلاثة باربا  وزلي وجانوس ، مع بعض الفتيات ، وحجم المعاناة التي يلاقونها بسبب اعاقاتهم الجسدية ، واعتقد انه المشهد الاكثر تأثيرا في الفلم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"ذو الفقار" يستهدف وزارة الدفاع الإسرائيلية

مالية البرلمان تحدد أهداف تعديل قانون الموازنة

نائب عن قانون تعديل الموازنة: من المستبعد إقراره خلال جلسة الغد

مفاجأة مدوية.. نائب يكشف عن شبكات تتجسس على المرجع السيستاني

برلماني يصف الوضع السوري بـ"المعقد": العراق يسعى لحماية مصالحه

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram