دقيقتان و15 ثانية هو وقت الفيديو الذي عرضه عدنان الجابري أحد الرواد الرياضين عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك لخّص بصورة جلية حجم المأساة التي تمر بها الرياضة العراقية في جانبها الإنساني عندما طالب بحسرة في تجمّع للرياضيين بفتح باب التبرّعات لمساعدة البطل الدولي في عقد الثمانينات فاروق جنجون كونه مُهدّدا بالموت وهو بحاجة الى إجراء عملية لإزالة ورم من رأسه.
الفيديو حقيقة ناصعة تظهر المعدن العراقي الأصيل عندما هبَّ الجميع الى الاستجابة لنداء ومبررات فتح (مزاد) التبرّع لإنقاذ زميلهم رغم اعتراض البعض على التسمية والأسلوب كونه يمثل إساءة لبلدنا نفسه، إلا أن المعترضين ربما يكون قد فاتهم أن الرواد ممن يواجهون قسوة الحياة وسياط المرض قد وصلوا الى مرحلة اليأس بعد الإهمال واللامبالاة من قبل الجانب الحكومي والجهات المعنية لإنصافهم والمساهمة في المحافظة على رموز وطنية لم تبخل في رفع اسم البلد في المحافل الخارجية وتعيد لهم الكرامة التي يكاد العوز يسلبها منهم.
من الخطأ أن نوجه اللوم لقلوب تعشق الرحمة وتأبى أن تودع احباءها دون أن تمد اليهم يد المساعدة بالمال والكلمة والدعاء بينما نغضّ النظر عن من يسهم في لجوء الرواد نحو آخر الحلول الممكنة بعيداً عن الصدقات الدعائية والمواساة المتلفزة التي كانت وما تزال هي الوسيلة الوحيدة التي نسمعها من اصحاب الشأن عندما نقترب من فقدان رمز رياضي بينما تغيب عن أذهانهم فرص البحث عن اصدار قانون واجراءات رسمية تحفظ الحقوق وتصون الكرامة وتنتصر لسمعة البلد داخلياً وخارجياً وتذهب بالرواد نحو حصون الرعاية الحكومية بدلاً من الوقوف على اعتاب ( التسوّل الإضطراري!)
لا نعلم سبباً منطقياً جعل لجنة الشباب والرياضة البرلمانية تسقط خيار تضمين قانون منح الرواد والأبطال الرياضيين ببند تقديم الرعاية الصحية والتكفل بمعالجتهم في المستشفيات في الداخل أو الخارج وفق إجراءات مبسطة وتبعاً لخطورة الحالة وخاصة أن هناك حالات تتطلب اجراء عمليات بمبالغ مالية عالية تمثل معضلة لذويهم حيث يصعب عليهم تأمين المبالغ المالية اللازمة ، وهي بذلك تفرغ القانون من أهدافه الأساسية وتذهب به نحو منح مساعدات مقطوعة على فترات لا تشكل اكتفاءً فعلياً لهم وانما تندرج ضمن ( اسقاط فرض) ليس إلا!
إن قطار الرواد يمر الآن أمام أنظارالأجيال الحالية بكل معاناة راكبيه ليشكّل هاجساً يقلق مستقبلهم بدلاً من أن يكون حافزاً لهم في العطاء من دون الخوف من النسيان والإهمال كما أن ذات القطار سيتوقف يوماً ما عند محطّات القائمين على شؤون الرياضة ليحملهم معه ..الأمر الذي يفرض عليهم استشعار نتاج عملهم مسبقاً ومدى حرصهم على جعل الرموز الرياضية في مكانة تليق بهم ، ما تزرعوه وانتم في مناصبكم الآن ستجنوه غداً وانتم معهم.
باختصار .. المسؤولية تقع الآن على وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية وقبلهما لجنة الشباب والرياضة البرلمانية لإيصال صوت الرواد الى السلطتين التشريعية والتنفيذية بهدف البحث في اصدار تشريعات تمنح من خلالها تلك الفئة حق الحصول على الرعاية الصحية والعلاج وتحمّل الدولة مصاريف إجراء العمليات الجراحية لهم وهي بادرة ستعبّر عن الوجه المشرق للرياضة وتؤسّس لنهج إنساني يكون هو الرابط بين الدولة وروّادها الرياضيين.
كل الاحترام للرواد الأبطال ، والاعتذار لهم ولعوائلهم الكريمة إن كان ما عرضناه من دون استئذان يمسّ مشاعرهم ، إلا أن هناك ديناً في اعناقنا نؤديه بالكلمة وقول الحق لكل الرموز والشخصيات المخلصة لوطنها ، وإن كان هناك عيب ، فالعيب فينا وليس فيكم !
مزاد الروّاد
[post-views]
نشر في: 3 فبراير, 2017: 09:01 م