ali.h@almadapaper.net
لن تعرف عزيزي المواطن، مثلما لن نعرف نحن معشر الإعلاميين، أين ستحطّ رحالها أو رحلها لجنة " أُمُّ قَشْعَمِ " وقيل في مستقصى الزمخشري أنّ أُمُّ قَشْعَم تعني: الحربَ، وقيل: المَـنِـيَّة، وقيل: الضَّبُع، وقيل: العنكبوت، وفي مستقصى أحوالنا تعني حتماً لجاناً تُشكّلُ وتُصرفُ عليها أموال ثم تسجّلُ الحادثةُ ضدّ مجهول لم نعرف هويته حتى أيامنا هذه ، ولأنني مثل ملايين العراقيين أعرف أن مجلس النواب ومعه الحكومة وضعا ملفّ حادثة الكرادة في أحد الأدراج ، مثلما وُضعت من قبل ملفّات جسر الأئمة وتفجيرات بغداد الجديدة ورواية الموصل، وأعرف جيدا ان كل أعضاء اللجنة التي حققت في جريمة الكرادة، استخدموها مادة في جلسات السمر، وخلدوا بعدها إلى النوم العميق ، بعد أن أوهموا العراقيين بأن الحكومة اقتصّت من المجرمين.لا شيء سيتغير، كلّ شيء سيتلاشى، إلّا مأساة أهالي الضحايا ازدادت هولاً وضخامة وفجيعة. البرلمان أحال كارثة الكرادة إلى لجنة متخصصة، والمتخصصة أحالتها إلى مهنية، والمهنية أحالتها إلى الرفّ الذي وسع أكثر من 3000 تفجير منذ عام 2003 وحتى الآن حسب بيانات الامم المتحدة. وفي النهاية الملف تحول الى منع تجوال في هذه المنطقة التي تُعدّ شرياناً تجارياً مهماً في بغداد ، ليتكبد أهالي الضحايا خسائر مالية ومعيشية فوق خسائر الأنفس التي قدّموها .
يقول دريد لحام في مسلسله الكوميدي "سنعود بعد قليل" لأحد أصدقائه القدامى: "لا تهتمّ للمصائب. تعودنا على قبول كل شيء"، تذكرت هذه الجملة وأنا أرى كلّ يوم حلبات النزال التي يخوضها السياسيون والمسؤولون في الفضائيات ، لم يعد مهماً حجم الخراب الذي لايريد أن يُصبح موضوعاً يمكن أن يُناقش في البرلمان .
فيا أيها المواطن العراقي المسكين، لماذا تريد من ساسة "سنعود بعد قليل" أن ينظروا إليك باعتبارك أخاً وشريكاً في الوطن والمصير، وليس تابعاً؟ لماذا تريد أن تُصبح "مواطنا" في بلد يعتقد ساسته أنّ التقدم يعني الحصول على مزيد من المكاسب والمنافع ، وأنّ السياسة هي فن الخداع، والاحتفاء بالأكاذيب.
أيها المواطن العزيز لا تحتاج المسألة إلى نباهة وفهم . النُظُم الفاشلة تفرض الخراب والظلام ، وفي أزمنة الخراب لا مكان للمستقبل ، ولا يَعِدُ الجهل بشيء سوى الموت والدمار واجترار الماضي .
تبدأ قضايانا دائماً بخبر عاجل، ثم شريط سبتايتل، ثم مزيد من نشرات الاخبار كلها تشرح مواطن الخراب، كنا بلداً بلا فضائيات وصرنا شعبا يبحث عن ابنائه في عواجل الاخبار، بلاد لا مواطنين فيها، بل طوائف وقبائل، نسينا أنه كان هناك كلمة عراق وتعني الجميع بلا تمييز قبلي او طائفي ، فاكتشفنا مؤخرا أننا مصرّون على ان نحقق الإنجاز الاول في البلدان الأكثر فشلا ، الحمد لله تفوقنا على الصومال وأفغانستان .
جميع التعليقات 1
ناظر لطيف
حالنا اليوم هو حال اللّي ما يرضى بجزه,يرضى بجزه وخروف‘ وهكذا تعاملت أغلب الكتل السياسية مع المواطن المسكين!! شكرا للاستاذ علي حسين