اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كيف لنا بقضاء كهذا؟

كيف لنا بقضاء كهذا؟

نشر في: 5 فبراير, 2017: 06:58 م

 

adnan.h@almadapaper.net

هذا هو القضاء الذي إليه تطمئنّ النفوس وتركن الأفئدة وترتاح الأرواح، فينام الناس في ظله بأمان وراحة بال، لا يخشون من سلطة غاشمة تستبدّ بحقوقهم وتنتهك حرياتهم العامة والشخصية.
هذا هو القضاء الذي يتحقق به وتحت سلطانه مبدأ "العدل أساس الملك"، فلا يشتكي الناس معه من جور أو ظلم أو بهتان، فتتعزّز روح المواطنة ويترسّخ السلم الأهلي.
عن القضاء في النظام الديمقراطي أكتب، ومثاله الساطع هذه الأيام القضاء الأميركي، فللمرة الثانية في غضون أيام قلائل يقف هذا القضاء سدّاً منيعاً في وجه الطاغوت، منتصراً لأحكام الدستور ولحقوق الإنسان، حتى لو كان هذا الإنسان أجنبياً.  
في 27 الشهر الماضي أصدر الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب، مجتاح البيت الأبيض والحياة الأميركية العامة مثل بلدوز يدخل الخدمة لأول مرة، قراراً تنفيذياً فوري التطبيق بتعليق برنامج قبول اللاجئين، وبعدم السماح بدخول الزائرين القادمين من سبع دول عربية وإسلامية، بينها العراق. في الحال ردّت قاضية أميركية بقرار مضاد أبطل مؤقتاً مفعول القرار الرئاسي. القاضية آن دونلي قررت أنه ليس مسموحاً للسلطات الأميركية بترحيل اللاجئين الذين قُبلت طلباتهم والزائرين ممّنْ لديهم تأشيرات دخول سليمة وحصلوا على تصاريح قانونية بدخول الولايات المتحدة.
وجاء قرار القاضية دونلي تلبيةً  لطلب تقدّم به الاتحاد الأميركي للحريات المدنية يطعن فيه بقانونية القرار الرئاسي..
الرئيس ترمب اختار أن يسخر من قرار القاضية دونلي وأن يستأنفه، لكن السلطة القضائية ما لبثت أن أثبتت أن يد العدل والقانون فوق الجميع، حتى لو كان بينهم رئيس أرعن لا يريد أن يبالي بالقانون وأن يذعن له، فتقدّمت إدارة ترمب باستئناف أمام محكمة الاستثناف لإبطال مفعول قرار القاضية دونلي، لكن المحكمة التي مقرها في سياتل رفضت الاستئناف، مستندة الى عدم دستورية قرار ترمب والى ما أعلنه النائب العام في ولاية واشنطن بوب فيرغسون بأن القرار الرئاسي قد يتسبب في "أضرار لا يمكن إصلاحها"، فأصبح قرار ترمب وكأنه لم يكن، وتوقفت إدارة الجمارك والحدود الاميركية عن منع دخول المعنيين بالقرار الرئاسي، واستأنفت شركات الخطوط الجوية نقلهم الى المطارات الاميركية في شتى الولايات، وعلّق فيرغسون على هذه النتيجة بالقول: "لقد انتصر الدستور اليوم، لا أحد فوق القانون، ولا حتى الرئيس"، فيما قال حاكم ولاية واشنطن "هذا انتصار هائل لولاية واشنطن. يجب أن نشعر بالتفاؤل بسبب الفوز المتحقق اليوم ونكون أكثر إدراكاً من أي وقت مضى إننا نقاتل على الجانب الصحيح من التاريخ".
نحن، هنا في العراق، أحوج ما نكون الآن إلى قضاء كهذا، بل إلى نصف قضاء كهذا، لا يخشى أهل السلطة والنفوذ والمال، ولا يحابي الفاسدين، فهذه البلاد لم تعرف الاستقرار والأمن والسلم الأهلي ولا احترام الحقوق وصون الحريات منذ عشرات السنين، بما فيها السنين العشر الأخيرة التي كان من المفترض أن تترسخ فيها وتزدهر تجربة ديمقراطية منتظرة منذ دهور، ولن يكون الاستقرار والأمن والسلم ولا احترام الحقوق وصون الحريات من دون قضاء عادل ونزيه.. وقوي يقاتل على الجانب الصحيح من التاريخ.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ييلماز جاويد

    يتناوب الليل والنهار ، ما دامت الكرة الأرضية تدور .. ويتناوب الظلم والعدل ما دامت هناك شعوب حية وأخرى غافية في سابع نومة . تحيتي لك وعاش قلمك .

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram