TOP

جريدة المدى > تحقيقات > برسوم وحملات تنظيف..هاشتاغات تتحوّل إلى حملات تطوعية لإعمار الساحل الايسر

برسوم وحملات تنظيف..هاشتاغات تتحوّل إلى حملات تطوعية لإعمار الساحل الايسر

نشر في: 11 فبراير, 2017: 12:01 ص

يقضي عبد الرحمن ساعات النهار يحمل بيده فرش التلوين وهو يغير ملامح جدران مدينة الموصل التي لوثها تنظيم داعش بأشكال تحرض على العنف والقتل، الى جداريات تعبر عن الهوية الثقافية والحضارية للمدينة، يرسم العلم العراقي والى جانبه صورة تعبر عن احد شواخص المدي

يقضي عبد الرحمن ساعات النهار يحمل بيده فرش التلوين وهو يغير ملامح جدران مدينة الموصل التي لوثها تنظيم داعش بأشكال تحرض على العنف والقتل، الى جداريات تعبر عن الهوية الثقافية والحضارية للمدينة، يرسم العلم العراقي والى جانبه صورة تعبر عن احد شواخص المدينة الحضارية أو الثقافية الدالة على الهوية الثقافية للموصل. بجهود عبد الرحمن وزملائه تحول الساحل الأيسر لمدينة الموصل الى خلية نحل من قبل شباب متطوعين من سكانه غالبيتهم من الشباب يقومون بحملات تنظيف ورفع انقاض العمليات العسكرية ومخلفات تنظيم داعش الارهابي، حيث ينتظمون بمجموعات لها مسميات عدة، او يعمل كل منهم حسب منطقته، لكن ما يجمعهم هو العمل الطوعي.

 

وجه الموصل الحضاري
رئيس مجلس محافظة نينوى بشار الكيكي يقول لـ(المدى): خلال تجوالنا في المدينة نشاهد العديد من الشباب المتطوعين الذين يقومون برفع الأنقاض والتنظيف وبشكل طوعي ومستقل عن اية جهة سياسية أو حكومية بل انهم يقدمون يد المساعدة للجهات الحكومية في تجميل المدينة. مضيفا: ان هؤلاء الشباب يمثلون الوجه الحضاري المدني للموصل، لم يتمكن تنظيم داعش الارهابي من التأثير عليهم أو سحبهم للانضمام اليه، بل كان لهم رد فعل على جرائم التنظيم وأفكاره الارهابية المتطرفة بأن يندفعوا نحو الاعمال التطوعية لرفع ما خلفه داعش في المدينة. متابعا: نحن نفتخر بأن لدينا مثل هؤلاء الشباب الذين نهضوا فور تخلصهم من داعش وبادروا الى العمل الايجابي وهو تجميل مدينتهم بشكل طوعي.

العمل الشبابي الطوعي
يعمل الشاب عبد الرحمن سعد ضمن حملة "#خلوها_اجمل" التي انخرط بها الشباب للتنظيف في المؤسسات الحكومية الخدمية والشوارع. يذكر لـ(المدى): وجدت افضل عمل اقوم به ان استثمر موهبتي في الرسم لرفع ما خلفه تنظيم داعش على جدران الموصل من اشكال وصور تحرض على العنف والقتل بالوان قاتمة وسوداء، فقمت بطلاء الجدران باللون الابيض ومن ثم ارسم العلم العراقي. مردفا: ارسم الى جانب العلم العراقي صورا تعبر عن هوية الموصل الثقافية والحضارية التي لطالما كانت ايقونات توضع على العملات النقدية للعراق وعلى الطوابع مثل منارة الحدباء والثور المجنح والملوك الآشوريين. منوها: انه يشتري الألوان والأصباغ  من ماله الخاص دون تمويل من جهة ما.
فيما يقول رئيس حملة "#خلوها_اجمل" داود الحافظ لـ(المدى): انطلقت الحملة عبر دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي وبدأت بمجموعة صغيرة من الشباب والان صاروا اكثر من 200 متطوع يعملون معنا بشكل يومي لرفع مخلفات داعش والعمليات العسكرية من الموصل. مضيفا: نظمنا حملة تنظيف مستشفى الخنساء ومن ثم حملة تنظيف منطقة الزهور ومنطقة المثنى ومنطقة المصارف، وقريباً سنتوجه لإتمام تنظيف مستشفى ابن الاثير للاطفال. موضحا انهم ينسقون مع مدراء الدوائر الخدمية في المدينة ويستحصلون موافقات الجهات المختصة للعمل في منطقة معينة. موكدا أن جميع المتطوعين من الشباب واغلبهم طلبة جامعات وهم سبب نجاح الحملة حيث يعملون بشكل طوعي ولا يتلقون دعما من اية جهة أو مؤسسة سياسية.

تنظيف مستشفى ابن الأثير
يعمل متطوعون ضمن فريق "#نهضة_جيل " ضمن نفس الخط وهو تنظيف المدينة، اذ يقول رئيس الحملة ويطلق على نفسه "مشاعر نينوى": حملتنا من شباب وشابات متطوعين من اهالي الموصل من الذين كانوا يعيشون تحت حكم داعش، وفور التخلص منه لم ينتظروا كي يأتي من يخفف عليهم بل نزلوا للشارع وبدأوا العمل على تنظيف مدينتهم. مستطردا: ان الجميع يعمل بشكل طوعي في التنظيف ورفع الأنقاض وصبغ الأرصفة، نظفنا ساحات عامة وشوارع ونعمل للدخول الى جامعة الموصل للبدء بتنظيفها.
اما رئيس فريق حملة "#خوتنا_للخير" عبدالستار احمد فقد بين لـ(المدى): نحن مجموعة شباب متطوعين هدفنا العمل على ازالة ما تركه داعش من دمار وخراب في الموصل، نواصل حملتنا بتنظيف مستشفى ابن الاثير الذي قام تنظيم داعش باحراقه. مضيفا: تمكنا من تهيئة مركز امراض الثلاسيميا، والحمد لله بدأ الاطفال المرضى بتلقي العلاج هناك وحصولهم على الدم، بعد أن نظفنا الردهة وعقمناها بالتعاون مع الكوادر الطبية في المستشفى وقام شباب وشابات الحملة بالتبرع بالدم ايضا. منوها: انهم يعملون ايضا على صبغ الجدران لإزالة التشويه الذي قام به تنظيم داعش لمنظر المدينة بشعاراته وصور تحرض على العنف والكراهية. لافتا الى: انهم نظموا حملة لتنظيف ملعب جامعة الموصل بالتعاون مع اساتذة كلية التربية الرياضية.

تعاون حكومي وجماهيري
تعاني مدينة الموصل من مخلفات الحرب وتنظيم داعش حيث تراكمت الأنقاض جراء العمليات العسكرية ومفخخات التنظيم، بهذا الشأن يقول مدير بلدية الموصل عبد الستار الحبو لـ(المدى): لايوجد طريق في المدينة خالٍ من الحفر ونحتاج الى جهد كبير لردم هذه الحفر واصلاح شبكات الماء والمجاري المتضررة، مع قلة الآليات المتوفرة لدينا حيث قام التنظيم بسرقة جميع الآليات.
من جانبه، يقول معاون مدير بلديات نينوى جاسم محمود: نعمل على رفع الأنقاض في المدينة من خلال ما متوفر لدينا من آليات أو نؤجر بعضها. مسترسلا: وعندما وجدنا حملات التنظيم التطوعية من قبل الشباب قمنا بتهيئة الآليات الثقيلة مثل الجرافات وشاحنات حمل الأنقاض كون توفير مثل هذه الاليات يحتاج الى امكانيات كبيرة لا تتوفر لدى الشباب لذلك رغبنا بمساعدتهم مثلما يقدمون المساعدة لنا في تنظيف المدينة.
تكاتف الجميع لعودة الحياة الجامعية
وبشأن الوضع الأمني وكيف تعمل هذه الفرق،اوضح قائد شرطة نينوى العميد الركن واثق الحمداني لـ(المدى): عندما نتجول في شوارع الموصل ونشاهد هؤلاء الشباب فإننا نشد علي ايديهم وندعوهم للعمل من اجل فرض الأمن والاستقرار في المدينة. مضيفا: ما جرى في الموصل من تدهور امني وسقوطها تحت حكم داعش يستوجب على جميع المواطنين وفي مقدمتهم الشباب التعاون مع القوات الامنية والشرطة المحلية في الابلاغ عن أية حالة مشبوهة أو ظاهرة غير طبيعية وقد فتحنا ثلاث مديريات شرطة داخل المدينة.
من جهته، يقول رئيس شبكة منظمات المجتمع المدني في نينوى ماهر العبيدي لـ(المدى) لدينا تواصل مع بعض مجاميع المتطوعين من حيث التنسيق وتهيئة الاماكن التي يقومون بها في نشاطاتهم، واقمنا اول ورشة عمل لنبذ العنف والتطرف للشباب الذين كانوا يعيشون تحت حكم داعش، وقد فوجئنا بعدم تأثرهم بهذه الفكر الضال بل وجدناهم افضل من يشخص الخلل والمشكلة ويجد لها العلاج. مبينا: ان هؤلاء الشباب مناهضون للفكر الارهابي المتطرف، لذلك فان انطلاقهم بحملات التطوع ليس امرا مستغربا عليهم، وقد نظمنا وقفة أمام جامعة الموصل هدفها إعلان عودة الحياة المدنية للجامعية وانطلاق حملة تطوعية من قبل طلبة الجامعة لتنظيفها ورفع الانقاض.

شاب يسد فراغ شرطة المرور
لا تكاد تتجول في شوارع الموصل إلا وتجد مجموعة من الاهالي يعملون على فتح الطرقات ورفع الانقاض وتنظيف الشوارع حتى داخل الأحياء السكنية، فضلا عن مساعدة الجهات الحكومية في العمل. فمثلما يقوم الشباب بتنظيف المؤسسات الصحية، انتشر اخرون يعلمون على تنظيم سير المركبات في الشوارع منعا لحصول اختناقات مرورية خصوصا لعدم عمل الاشارات المرورية التي تضررت بفعل العمليات العسكرية أو بسبب الحفر الموجودة في الشوارع. في احدى مناطق الساحل الايسر يقف شاب في مقتبل العمر وسط شارع متضرر يقوم بتنظيم سير المركبات حتى لا يحصل اختناق مروري وزحام، عمله يسهل الحركة وبنفس الوقت يتجاوب معه سائقو السيارات. عند الحديث معه قال: لا اريد لقاء صحفيا فأنا اعمل من اجل الموصل واهلها، ولا أريد أي إعلام لذلك لن اخبرك حتى باسمي. الكثير من سكان الساحل الايسر المحرر في الموصل يقومون باعمال تطوعية في جهد منهم لرفع ظلم داعش الذي خلفه عليهم، وهي صورة واضحة لفشل تنظيم داعش خلال اكثر من عامين ونصف من قتل روح الحياة لدى الاهالي .
فيما يقوم عبد الرحمن برسم صورة ملك آشوري على احد الجدران في حي الزهور في الموصل ينظر اليه المارة بشغف فمثل هذه النشاطات التطوعية والرسم لم تكن في زمن تنظيم داعش ولم يفلح في جر جميع الأهالي الى سلوكياته المنحرفة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟
تحقيقات

حملة حصر السلاح في العراق: هل تكفي المبادرات الحكومية لفرض سيادة الدولة؟

 المدى/تبارك المجيد كانت الساعة تقترب من السابعة مساءً، والظلام قد بدأ يغطي المكان، تجمعنا نحن المتظاهرين عند الجامع المقابل لمدينة الجملة العصبية، وكانت الأجواء مشحونة بالتوتر، فجأة، بدأت أصوات الرصاص تعلو في الأفق،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram