TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وما أدراك ما مطار السليمانيّة!

وما أدراك ما مطار السليمانيّة!

نشر في: 10 فبراير, 2017: 05:28 م

adnan.h@almadapaper.net

لموظف الاستعلامات وعامل النظافة وعامل المطبخ، وهم كل مَن تبقى من مستخدمي الفندق الذي نزلنا فيه، صحبي الستة وأنا، كنا مثل هدية ثمينة هبطت فجأة من السماء.. أما مالك الفندق فكانت سعادته بنا أكبر، فهذا الفندق الذي كان في السابق يضجّ بالحياة كل أيام الاسبوع، لا يأتيه الزبائن الآن إلّا أفراداً في بعض أيام الأسبوع، وفي أسابيع أخرى لا يأتيه أيّ زبون.
 الفندق هذا في السليمانية ، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان والعاصمة الثقافية والسياحية له كما يباهي أهلها، وهي أيضاً بوابة تجارية رئيسة للإقليم والعراق مفتوحة على أكبر الجيران، وأهمهم الآن، إيران.
هذا الفندق هو بالتأكيد أوفر حظاً من غيره، فثمة العديد من الفنادق قد أغلق أبوابه ،لأن عائداته لم تعد تسدّ تكاليف الوقود لتوليد الكهرباء، كما يقال هنا.
الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعيشها الإقليم والدولة العراقية برمّتها ليست السبب الوحيد لهذا الانهيار في حياة الفنادق في السليمانية بالذات.. الإجراءات الأمنية المبالغ فيها للغاية سبب رئيس أيضاً في الإحجام عن اختيار السليمانية وجهة سياحية للعراقيين من سائر المحافظات.. بل إن هذه الإجراءات تنطوي على إهانة سافرة في حق القادمين من خارج السليمانية واستهانة بحقوقهم كمواطنين عراقيين أقل ما يستحقونه وهم يقصدون هذه المدينة للسياحة أو العمل أن يُعاملوا بوصفهم كاملي المواطنة وليسوا رعايا من الدرجة الثالثة أو الرابعة.
بين نحو مئة مدينة زرتها، في مهمات صحافية أو للسياحة، كانت مطارات الخرطوم ودمشق وطرابلس ، فضلاً عن مطار بغداد الى وقت قريب، هي الأسوأ في خدماتها، لكن مطار السليمانية يسجّل لنفسه الآن "فخر" التقدّم على تلك المطارات في السوء.. في هذا المطار ثمة تجاوز كبير على عراقية العراقي القادم من محافظة أخرى .. إنه يُعامل  كما يُعامل المشبوهون، فهنا يجري التدقيق في معلوماته الشخصية مرتين، في المرة الاولى بعد النزول مباشرة من الطائرة حيث تُراجع معلومات هويته الشخصية أو جواز سفره عبر الكومبيوتر وتؤخذ طبعات أصابعه ضوئياً حتى لو كانت زيارته الى السليمانية هي الرقم عشرين أو ثلاثين. هذه المرحلة تستغرق في العادة ما يصل الى  20 دقيقة أو نحو ذلك، ثم هناك المرحلة الثانية من التدقيق الأمني، وهي الأطول والأشقّ والأكثر استهانة بالمواطن العراقي وحقوقه. هنا يُمكن أن يمتدّ أمد الانتظار حتى يحين دور التحقيق والتدقيق مع الزائر ساعة ونصف الساعة، فهنا لا يوجد سوى موظفين اثنين يقومان بالعمل ذاته هو سؤال كل زائر عن المعلومات الشخصية الموجودة أصلاً في هوية الأحوال المدنية أو جواز السفر ، فضلاً عن اسم جد الأب(!) ورقم التلفون وعنوان السكن في السليمانية.، قبل أن يُزوّد بفيزا الدخول ... إلى الجنة!
السليمانية تتصرف على هذا الصعيد كما لو أنها دولة منفصلة عن الإقليم وعن العراق، فزائر أربيل ، وهي عاصمة الإقليم كله، لا يتعرّض لمثل هذا الإذلال.. يكفي أن تنزل مرة في مطار أربيل لتُدوّن معلوماتك وتُحفظ في النظام الإلكتروني، ولا يحصل في المرات اللاحقة سوى وضع جواز السفر أو هوية الأحوال في النظام الإلكتروني لثوانٍ معدودات فحسب كيما يتبين موقفك الأمني.
استمرار جهاز الآسايش في السليمانية بهذا النهج يُلحق الضرر الكبير بمصالح أصحاب المصالح في المحافظة ويُثير نقمة زوّار السليمانية على إدارة الإقليم.
أختم بالتحريض على عدم زيارة السليمانية حتى تعمل  "حكومة"  الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية على تدارك الأمر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين وكأني اقرأ رواية جورج أورويل والفلم جاءت صوره في عيني وكأني ارى فلم ١٩٨٤ لرواية جورج اورويل ذات الطابع البولسي الفاشي الذي يعامل مواطنون البلد وكأنهم ألينز غرباء هبطوا من كواكب بعيدة المدى ماهذا الذي يحدث في السليمانية ولماذا هذا الرعب

  2. الوطن حر

    اذا 20 دقيق من اجرأت تحافظ على ارواح الناس في اسواق و مناطق اخرى لماذا لا ؟ نتمنى ان يقوم بغداد بنفس الاجرأت و ينقذ ارواح الاف القتلى و الجرحى يوميا في بغداد.المواطن يجب ان يفرح هو وعائلتة يدخلون مدينة فيها امان و السلام و الوئام و اختار مليون م

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram