الاجتثاث مفردة شاع استخدامها في العراق بعد الغزو الأميركي ، حتى أصبحت مصطلحاً متداولاً بين الأوساط السياسية والشعبية ، يعبر عن رغبة مع إصرار على إلغاء مظاهر قديمة مهما كان شكلها تعرقل تحقيق نسخة العراق الديمقراطية .
الغزو الأميركي أفرز ثلاثة نماذج احتلت المشهد العراقي ، الأول مسؤول شغل منصبه عبر بوابة المحاصصة ، والثاني نائب من أبناء القائمة المغلقة ، والثالث منح صفة قائد عسكري بطريقة الدمج ، ليتولى مع الآخرين من صنفه مسؤولية إدارة الملف الأمني .النماذج الثلاثة حققت حضورها في المشهد العراقي بفضل الاحتلال الأميركي ،فرسخت وجودها ووسعت نشاطها الجماهيري ، وخاضت صراعاً مع الآخرين من اجل البقاء ، ولها كل الحق في ذلك ، للحفاظ على مكتسباتها ومصالحها ، فهي تدعي وتزعم بأنها حررت العراقيين من نظام ديكتاتوري ، ونقلتهم الى الديمقراطية ، وتجاهلت الفضل الأميركي ، وأخذت تعلن بأن احتلال الولايات المتحدة للعراق ، أعاده الى العصور الحجرية. اول النماذج شغل منصبه الوزاري وتفرغ لتجارته في استيراد الجكاير ، النموذج الثاني ، مشرع القوانين ، بعد ان ضمن لعائلته المقيمة في الخارج منزلاً فخماً ، ودخلاً شهرياً ثابتاً ، وعين الأبناء في السفارات العراقية في دول أوروبية ، تفرغ لتحقيق رسالته في الإصلاح الاجتماعي عن طريق الزيجات المتعددة ورعاية الأيتام والأرامل ، اما النموذج الثالث صاحب الرتبة العسكرية ، والمعروف عنه ان اسمه لم يرد في سجلات التجانيد ، فمهمته الدفاع عن شرف الأمة ، وملاحقة الإرهابيين ، ثم الظهور على شاشات الفضائيات ليعلن تحقيق النصر الكبير.
الاجتثاث طال البعثيين كجزء من متطلبات تحقيق العدالة الانتقالية بحسب ادعاءات ومزاعم المهيمنين على المشهد السياسي ، ثم انتقل الى الإرهابيين لضمان استقرار الأوضاع الأمنية . هناك نوع آخر من الاجتثاث استهدف الغناء والموسيقى ، وتحريم النحت والرسم والتمثيل لأنها رجس من عمل الشيطان ، حفاظاً على السلامة الفكرية لأبناء المجتمع وخاصة شريحة الشباب . في هذه الأجواء الاجتثاثية ، برزت دعوات لرفع صور زعماء سياسيين وشخصيات دينية انتشرت في شوارع العاصمة بغداد والمحافظات ، تبنتها منظمات المجتمع المدني وأوساط إعلامية ، لكن دعواتهم لم تحرك ساكناً فبقيت الصور تحت المراقبة خشية تعرضها للتشوية .
في شهر تموز من عام 2015 ، تعرض صاحب عربانة لبيع اللبلبي في حي الجهاد بجانب الكرخ للاعتقال، لأنه وضع عربته قرب صورة تعرضت لأضرار من قبل مجهولين ، والرجل يحمل شهادة جامعية ، لم يسعفه الحظ في الحصول على وظيفة حكومية ، وبعد أن أمضى أسبوعين في التوقيف ، قرر التخلي عن "بيع اللبلبي" لاتهامه بتوفير" المزة " لشاربي المنكر وعدم احترامه صاحب الصورة ، واتجه لبيع "الشلغم " فشارك هو الآخر في الحملة الاجتثاثية بإقصاء الحمص من المشهد بوصفه من أسلحة الدمار الشامل .
الاجتثاث علامة عراقية فارقة ، تعكس جانباً من الصراع السياسي للسيطرة على السلطة ، تمظهر بجداريات تحمل صور شخصيات لرموز قوى متنفذة ، بطريقة مطاردة الفئران بصورة البزون لتحقيق العدالة الانتقالية ، ورحم الله المطرب المصري الراحل عبد الحليم حافظ حين قال "كلنا عندنا صورة" .
"بزازين" العدالة الانتقالية
[post-views]
نشر في: 10 فبراير, 2017: 09:01 م
جميع التعليقات 1
أبو أثير
في عهد النظام الدكتاتوري خرجت وبرزت حالة للشارع العراقي والرأي العام العراقي والمحلي ... وهي حملة لصيد وألقضاء على البزازين أي القطط لحملها فيروس مرض معدي في حينها يعدي ويصيب ألأطفال الصغار .. وترأست الحملة وقادتها مديرية البيطرة العامة التابعة لوزارة ال