TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نبحثُ عن مخلصينَ للبصرة

نبحثُ عن مخلصينَ للبصرة

نشر في: 14 فبراير, 2017: 09:01 م

  منذ ما يقرب من تسعين عاماً، تشمخ بناية الإعدادية المركزية في البصرة كواحدٍ من المعالم الأثرية في المدينة، الصرح العلمي هذا، بني سنة 1925 ومعه نجد أيضا العديد من الأبنية الخدمية التي بنيت في الفترة هذه أو ما بعدها، الغريب أنها ما زالت تمتلك سرَّ أهميتها من شكلها الجميل ومتانتها التي ظلت تقاوم الزمن، على تقلباته الكثيرة.
 ومثل مبنى الإعدادية المركزية نجد أن مبنى المحطة العالمية، محطة قطار شرقي بغداد ظل بهيئته الجميلة الفارهة دالة على بغداد التحضر والمدنية، وكذلك يوحي لنا المبنى الجميل لدائرة الموانئ العراقية بالعصر البصري الخالد، وهكذا ينطبق الحديث على أبنية أخرى في بغداد وباقي المدن العراقية. ولعل سائل يسأل، مُحصياً عدد المباني الحكومية التي بنيت وظلت على حالها منذ الجمهورية الأولى وإلى اليوم ؟ لا، بل ومنذ العام 2003 وإلى اليوم؟ يا ترى لماذا لم تصمد المباني هذه فيما ظلت تلك المباني شامخة، أين التقصير؟
 إذا ما علمنا بان بناية الاعدادية المركزية كانت قد بنيت بالطابوق، ولم تسقّف بالحديد والسمنت إنما بالطابوق والحديد الشيلمان(عكادة) وقبل أكثر من تسعين عاما، سيكون علينا مراجعة النوايا السيئة التي يعتمدها المقاولون واللجان التي تتسلم والجهات التي تستفيد، فضلا عن الأموال التي ذهبت، والتي تذهب كل يوم، والضرر الذي لحق بالتعليم ومستقبل أبنائنا في ذلك .
 يا ترى، لماذا لا تصمد الأبنية العراقية الحديثة طويلاً، ومن يقف وراء ذلك؟، والأمر لا يقف عند حدود المدارس، إنما يتجاوزه الى الشارع والرصيف والمتنزة والحديقة العامة والجسر وشبكة المجاري وغير ذلك. ولماذا تردت ذائقة وفن العمارة لدى الباني العراقي في الفترة ما بعد 2003، من ينعم النظر في مبنى الاعدادية المركزية يجد الجمال والأبهة والعظمة الدالة على أهمية الصرح العلمي، ألا يشعر الذين شيدوا مبنى رئاسة جامعة البصرة، على سبيل المثال، بموقعه على شط العرب بأنهم أخفقوا في تقديم مبنى مميز، أهكذا يكون مبنى يفترض به ان يكون أحد أجمل الصروح في المدينة؟ وما الحكمة في تغليف مبنى كهذا بالكلادنيج، الذي تركه فن العمارة في دبي وغيرها من المدن الحديثة.
  يبدو أن التردي في الوضع السياسي والامني والاقتصادي ينعكس أيضاً على اعمال البناء، فما نشاهده  من اعمال صيانة وإعادة وتأهيل الساحات والحدائق داخل المحافظة لا يكشف عن هوية مدينة، تستعد لتكون عاصمة الثقافة العربية للعام 2018 فلا لمسة للجمال ولا أبهة وعظمة في النصب والتماثيل. لذا نجد أنْ على الحكومة المحلية والجهات ذات العلاقة مراجعة حساباتها في قضية البناء والتعمير من نواحٍ عدة، ليس أولها اختيار المقاولين الشرفاء، من الذين يحبون مدينتهم ويخلصون لها، وليس آخرها مراعاة متانة وجمال المبنى وأهميته في فضاء المدينة. البصرة مدينة تستحق منا أن نكون أوفياء لماضيها وحاضرها ومستقبلها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram