يقولون ان الأوقات الجميلة تمضي بسرعة، هذا ما شعرت به تماماً أثناء مشاركتي في ورشة الرسم وبينالي سعاد الصباح للفنانين العرب في الكويت العاصمة. مرَّت الأيام السبعة بسرعة كبيرة، حيث سار الوقت وهو ينقل خطواته بين اجواء الرسم الممتعة والأماكن الجميلة والاصدقاء الرائعين. منذ لحظة وصولي الى مطار الكويت شعرت بنوع من العاطفة والراحة اتجاه الناس والمكان، وقد استقبلنا أعضاء جمعية الفنانين التشكيليين الكويتيين، أنا وباقي الفنانين المشاركين، حيث كان كل شيء مهيئاً للمضي في هذا المهرجان بروح جميلة واجواء مليئة بالتعاون سواء من المنظمين أو المشاركين على حدٍ سواء. في اليوم التالي لوصولنا التقينا جميعاً في جمعية التشكيليين الكويتيين، ليأخذ - بعد وقت التعارف والترحيب - كل واحد منا مكانه في القاعة الواسعة، وانفرد كل رسّام بلوحته وألوانه، وهكذا تداعت الخيالات والرؤى وامتلأت القاعة بأطيافٍ جميلة تطوف بين مساند اللوحات، لتخرج من بين أيدي الفنانين في النهاية خطوط واشكال ووجوه ملونة وحكايات تُحَلِّقُ في فضاء القاعة، لتستقر بعد ذلك من جديد بين أصابع الرسامات والرسامين وهم ساهمين وشاردي الذهن وسط عالمهم السرمدي. رائع ان أكون جزءً من كل ذلك، أعيش الأجواء وأتابع ما يجري وأراقب الاعمال وهي تنضج رويداً رويداً امام أنظار الجميع حيث يضع الرسامون طبقات اللون واحدة فوق الاخرى ليكتمل المشهد وتقترب الاعمال الفنية من خطواتها الاخيرة نحو قاعة العرض الجميلة التي هُيِّئَتْ لإقامة المعرض الكبير.
بعد أربعة ايام كاملة من الوقوف خلف مساند الرسم، انتهت اللوحات التي رسمها اكثر من ستين رسامة ورساماً، حيث تمَّ تصويرها تباعاً، لِتُنْقَلَ مباشرة الى مكان العرض. لقد أحسستُ منذ الدقائق الاولى بأن كل شيء سيمضي هادئاً وجميلاً، وقد زاد يقيني بحدوث ذلك حين رأيت التواصل الجميل بين الرسامين، والذي أخذ يتبلور وينمو مع مرور الوقت، وكذلك ما قامت به الجمعية مشكورة من حيث الدعم والتنظيم والإيثار ونشر روح التعاون والعمل المشترك بين الجميع وبأجواء دافئة وألفة نادرة وتقديم كل المساعدات الممكنة لانجاح هذه التجربة الجميلة وتسهيل جميع الصعوبات كي نستمر بعملنا ساعات وساعات وسط دهشة اللون ودفيء الضيافة وصحبة فنانين مرموقين حضروا من بلدان مختلفة مثل مصر وتونس والمغرب ولبنان والأردن وقطر والإمارات والبحرين وعُمان وهولندا والنرويج إضافة الى الكويت البلد المضيِّف. قاعة واحدة جمعتنا بين جدرانها، نحن القادمون من هذه البلدان المتباعدة والقارات المختلفة، حتى لتشعر بأن هذه القاعة قد تحولت بفعل الرسم الى عالم مختصر ضَمَّ بين جوانحه تجارب واتجاهات واساليب وطرق تعبير مختلفة.
في اماكن وظروف كهذه يتعلم الفنان تفاصيل واشياء لا تمنحها الأكاديميات والمعاهد، هنا تحتك بالفنانين وهم منغمسين بعملهم، ترى أصابعهم وهي تتحرك على قماشات الرسم وتشاهد عيونهم وهي تتنقل من حافة اللوحة الى حافتها الأخرى، وتتابع فرش الرسم وهي تتراقص فوق ملامح الوجوه المرسومة وتستجيب الحواس للتناغمات والخطوط والمساحات، حيث تولد التكوينات التي تعطي للأعمال حياتها الخاصة وروحها النابضة بالحيوية. ممتعٌ ان تكون وسط هذه المجموعة الطيبة من الفنانين وتكون جزء من هذا المناخ الفريد حيث يتطاير عطر اللون في فضاء القاعة وتتحرك الأشكال الجميلة على سطوح اللوحات.
بعد انتهاء الورشة والبينالي، خطوت بخطواتي خارج الفندق الجميل عائداً الى مرسمي في هولندا وانا أفكر بأصدقاء رائعين ومبدعين تعرفت عليهم هناك وتقاسمت معهم اياماً ستبقى في الذاكرة كما ستبقى مدينة الكويت العزيزة في القلب، وسوف لن أنسى ناسها الطيبين وكرم فنانيها، نعم سأتذكر هذه المدينة الجميلة التي فتحت لنا ذراعيها بكل طيبة وصفاء ومحبة.
حول بينالي سعاد الصباح في الكويت
[post-views]
نشر في: 17 فبراير, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...