عندما نتحدث عن تحقيق إنجاز رياضي في مختلف الألعاب الرياضية، لابد لنا من الهروب سريعاً من منطقة الوهم الفكري والأمنيات المزيّفة والوقوف على أرضية الحقيقة التي تؤكد أن للنجاح أسساً ومقومات مشروطة بالجهد والإبداع والتحرر من التفكير الروتيني والانطلاق في عالم العمل الاحترافي الذي يوظّف المال ويطوّع الزمن ويخلق المواهب لينتظر ثمار عمله بثقة مطلقة .
سنوات مرّت والجميع يتطلع الى نتائج عمل قيادات رياضية تعاقبت على تحمل مسؤولية النهوض بالرياضة وتوجيهها نحو ميادين المنافسة الدولية. ورغم أن خزائن اللجنة الأولمبية مملوءة بالأموال والمناصب، حجزت بالرغبات الانتخابية وبشائر البناء والنهوض بالبنى التحتية، اطلقت عبر اللقاءات الإعلامية، واستبشر الشباب برؤية العصر الذهبي للرياضة العراقية.. لكن الواقع كان مؤلماً والتراجع والاخفاق هو من كان يزيّن سجل المشاركات الخارجية.
حديث وزير الشباب والرياضة عبد الحسين عبطان، عن استمرار دعم وزارته الى اللجنة الاولمبية ورئيسها رعد حمودي والاتحادات المنضوية تحت لوائها، وتقديم كل أنواع الدعم المادي والمعنوي لها من أجل تمثيل العراق بأفضل صورة خارجياً.. كان التزاماً وظيفياً وبادرة تنّم عن احساس بالمسؤولية وتعبير بالوقت ذاته عن عمق المعضلة التي تمر بها الاتحادات الرياضية وعدم قدرتها على إدارة أمورها وتوظيف إمكاناتها الذاتية في تحقيق طفرات وانجازات خارجية دون أن تمتد لها يد المساعدة ووسائل التحفيز.
الوزير ربما قدّم الحل لمشكلة الاتحادات المفترضة من قبل اللجنة الاولمبية والاتحادات المرتبطة بها ..لكن تلك الجهود ستصطدم بواقع مرير يتمثل بانهيار تام للرؤية والتخطيط هي من سبّبت في هدر الأموال على مشاركات صورية ومعسكرات ترفيهية وجولات سياحية وايفادات جماعية غير منتجة.. بينما عجزت تلك الاتحادات عن خلق المواهب وتقديم منهاج علمي متكامل يحدد ملامح صناعة البطل ويفرض مشروعاً رائداً للنهوض بالواقع الرياضي ومنافسة دول العالم بخطط محددة بزمن مدروس ويوثّق المراحل وحدود الانجاز بدقة ومهنية تمسك بالواقع وتتجاوز هبات الحظ التي اصبحت هي المحطة الأبرز التي ينتظرها البعض للتفاخر بأيّ انتصار.
نحن نحتاج الى أن نسترد كل الاموال التي انفقت عبثاً ونحاسب من سبّب بهدرها لنغلق مساحات التلاعب بها مستقبلاً.. ثم نتجه نحو تجديد أدوات العمل والسياقات الروتينية المتوارثة وفرض ضوابط تذهب بأبواب الصرف نحو اتجاهات أكثر فائدة تستقطب المواهب وترعاها وتغذّيها بجرعات تدريبية وتثقيفية تسهم في تغيير ايدلوجية تنشئة الاجيال المقبلة بدافع المنافسة واثبات الذات واعلاء شأن الوطن.
باختصار... قد يكون التعاون وتقديم الدعم من قبل الوزارة أمراً ضرورياً يصب في خدمة العمل الجمعي وبث روح الفريق الواحد المتكامل..الا ان زمن توفر القدرات المالية التي كانت تحظى بها كل الاتحادات الرياضية لم تحقق الهدف المرسوم لها بل كانت سبباً في سقوط الكثيرين بمستنقع الفساد والاستفادة الشخصية، وغابت كل الانجازات...الأمر الذي يفرض أن لانكرر الخطأ ونستمع الى طالبي المساعدات دون أن نفرض معها شروطاً نطمأن معها على مسارات صرفها وأن يكون التوجه هذه المرة بترميم أسس النهوض الرياضي إدارةً وفكراً. ونمنح المواهب النصيب الأكبر لها...لنبحث عن اسرار بناء قوتنا في الداخل قبل أن نحصد نتائجنا في الخارج.
دعم وزاري بلا إنجاز...!
[post-views]
نشر في: 17 فبراير, 2017: 09:01 م