عــدَّ مثقفون وأكاديميون كرد، أن الأديب الراحل زُهدي الداوودي، شخصية ثرية ومتميزة ومتفائلة وغزيرة الإنتاج، جمع بين النضال السياسي والأدب، وأخلص للثقافة، وبقي طوال حياته متمسكاً بمبادئه برغم الضغوط التي مُورست عليه، مؤكدين أن أعماله جسّدت هموم العراقي
عــدَّ مثقفون وأكاديميون كرد، أن الأديب الراحل زُهدي الداوودي، شخصية ثرية ومتميزة ومتفائلة وغزيرة الإنتاج، جمع بين النضال السياسي والأدب، وأخلص للثقافة، وبقي طوال حياته متمسكاً بمبادئه برغم الضغوط التي مُورست عليه، مؤكدين أن أعماله جسّدت هموم العراقيين والكـرد وطموحاتهم وتميزت برؤية نفسية واضحة ومتكاملة للحياة والفن ومواكبة التغييرات الاجتماعية والنفسية والتاريخية، وأن قيمتها لا تقل أهمية عن الأبحاث العلمية المتخصصة.
جاء ذلك خلال أمسية استذكارية نظمها مركز كلاويش (نجمة الصباح) الثقافي، مساء السبت الموافق (18 شباط/ فبراير 2017) في قاعة (ديالوك) بمقر المركز، وسط مدينة السليمانية،(364 كم شمال شرق العاصمة بغداد)، بمناسبة حلول أربعينية الأديب الكردي زهدي الداوودي، الذي رحل في السادس من كانون الثاني/ يناير 2017، في مدينة لايبزك الألمانية، عن 77 عاماً، بعد صراع مع المرض، بحضور مجموعة من المثقفين والأدباء والأكاديميين.
وقال د. فائق مصطفى، في كلمته بالمناسبة: إن الداوودي "شخصية ثرية ومتميزة جمع بين النضال السياسي والأدب، وأخلص للثقافة"، مشيراً إلى أن الراحل "بقي طوال حياته متمسكاً بمبادئه ولم يتنازل عنها قيد أنملة برغم الضغوط الشديدة التي مُورست عليه لاسيما خلال عمله في جامعة الموصل".
وأضاف مصطفى، أن الداوودي "تميز بكتابة القصة القصيرة والرواية والكتاب التاريخي والترجمة من الألمانية فضلاً عن النقد"، مبيناً أنه كان "ذا شخصية متفائلة ومرحة ومحبة للنكتة طالما أشاعت البهجة والحبور".
وبشأن علاقته بالداوودي، ذكر الأكاديمي والأديب الكركوكي، أنها "تعود إلى عام 1960 عندما حضر ندوة للأديب الكردي الراحل محيي الدين زنكنه، عن الأديب الروسي مكسيم غوركي، في مقر نادي الطلبة بمدينة كركوك (250 كم شمال العاصمة بغداد)، حيث تعرفت عليه"، لافتاً إلى أن "المرحلة الثانية من علاقتي مع الداوودي تعود إلى سنتي 1964-1965 عندما كنت أدرس في ثانوية طوزخورماتو، حيث كان هو يدرس في إحدى المدارس الريفية بالقضاء إلى أن أُعتقل وسُجن في الحلة".
وتابع مصطفى، أن المرحلة الثالثة من علاقته مع الراحل، "تعود إلى عملنا معاً في جامعة الموصل، خلال المدة من 1977 إلى 1979 حين اضطر لمغادرة العراق"، مستطرداً أن سقوط النظام السابق عام 2003 "أتاح الفرصة للقاء الداوودي مجدداً حيث كان يحضر إلى مهرجان كلاويش".
ويسترسل الأكاديمي والأديب د. فائق مصطفى، لقد "عشت مع الراحل أحداث روايته "وداعاً نينوى"، التي صدرت عام 1980، وصور من خلالها الضغوط التي مُورست عليه في جامعة الموصل، مع مجموعة أخرى من التدريسيين اليساريين بهدف إجبارهم على الانضمام لحزب البعث".
وعدَّ مصطفى أن ثلاثية (وادي الكفرون) من "أهم أعمال زهدي الداوودي، حيث رصد من خلالها تطور الحياة في إقليم كردستان والعراق خلال المدة من 1908 إلى 1970، عبر تتبع حياة عائلة فلاحيه"، مؤكداً أن الراحل كان من "أبرز مؤسسي جماعة كركوك، التي دعت إلى تجديد الأدب العراقي وضمت نخبة من الأدباء الكركوكيين من مختلف الأديان والقوميات، كفاضل العزاوي، مؤيد الراوي، جان دمو، جليل القيسي، أنور الغساني وصلاح فائق".ورأى الأديب والأكاديمي د. فائق مصطفى، أن رحيل زهدي الداوودي يشكل "خسارة كبيرة للأدب الكردي برغم أن أعماله وسيرته ستبقى خالدة لأنه جسد من خلالها أنبل القيم والفضائل الإنسانية كالعدالة والحرية ومحاربة الطغيان، وكونها منسجمة مع سيرته الذاتية ونضاله"، مستدركاً أن الداوودي "هاجم النظام العراقي السابق مراراً خلال حكمه، لاسيما قصته القصيرة الموسومة السيرة الذاتية للدكتاتور التي صدرت عام 1982".
بدوره قال مدير مركز كلاويش الثقافي، د. نوزاد أحمد أسود: إن الراحل الداوودي طالما "جسّد هموم الشعبين الكردستاني والعراقي من خلال أعماله وأولها مجموعته القصصية الموسومة الإعصار التي صدرت عام 1962 وتنبأ من خلالها بما سيحدث في العراق، وصولاً إلى مجموعته القصصية الموسومة "الزنابق التي لا تموت"، التي صدرت عام 1978، وتضمنت حكاياته عن النضال والحب والموت"، مبيناً أن الراحل كان "يرى أن الموت السياسي هو موت جسدي أيضاً".ورأى أسود، الذي كرّس أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه عن الداوودي، أن أعمال الراحل كانت "محمّلة بهموم العراقيين والكرد وطموحاتهم دون أن يكون منحازاً لفئة دون أخرى أو قومية على حساب أخرى"، عاداً أن فكر الداوودي "تميز برؤية نفسية واضحة ومتكاملة للحياة والفن، وأتسم بالتطور ومواكبة التغييرات الاجتماعية والتاريخية، وأنه تمكن برؤيته الثاقبة وحسّه المرهف من تجسيد طبيعة المجتمع الكردي لاسيما في ثلاثيته ورواياته الموسومة "رجل في كل مكان، فردوس قرية الأشباح وذاكرة مدينة منقرضة"، التي لا تقل في قيمتها أهمية عن الأبحاث العلمية النفسية والتاريخية المتخصصة".










