(رقيب الموت) هو العنوان الصحيح لمسرحية الكاتب الفرنسي (جان جبنيه) ولا أدري لماذا سمّاها (صميم حسب الله) بعنوان (حزين) حيث لا دلالة في المسرحية على الخريف إلا اذا فعل ذلك عند إعداده للنص وإخراجه في منتدى المسرح، وللأسف فإنني لم أحظ بمشاهدة عرضها ، وقد أشاد به جميع من شاهده وعليه فهي تستحق المشاركة في مهرجان الهيئة العربية للمسرح في الجزائر بداية العام الجديد.
(رقيب الموت) أول مسرحية كتبها الفرنسي (جينيه) المعروف بانتمائه لحركة مسرح اللا معقول. بعد السنوات الاولى من حياته المضطربة يتيماً قضاها في اصلاحيات الأحداث وكمجرم جوّال صغير فقد بدأت مهنته الأدبية حيث كان نزيل السجن كتب هناك روايات بلغة شعرية فيها شهوانية مثلية مركزاً على ثيمات الجريمة والشذوذ الجنسي وما هو هامشي في المجتمع. وفي مسرحياته التالية راح يقدم الحياة كسلسلة من الأفعال المتبادلة بين السادة والخدم، والدراما الكامنة في التوترات بين صور الذات وهشاشة بنائها. الطقسية والتحول وتبادل الهوية هي صفات جميع مسرحياته أضافة إلى رفضه للحبكة ولنفسية الشخصية، وتشخيص مسرحيته الاولى (رقيب الموت) التوتر والعراك بين ثلاثة سجناء في زنزانة واحدة بينما يراقبهم سجين رابع في زنزانة أخرى وهو الأكثر جرماً منهم وكل منهم يريد أن يحتل مكانة المجرم الأكبر فيتعاركون ويموتون. وكتب (جينيه) بعد ذلك مسرحية (الخادمتان) وهي رديفة لمسرحيته الأولى حيث تتبادل خادمتان الأدوار بينهما وسيدتهما وبأسلوب طقسي وتعبران عن كراهيتهما لقهر السيدة وقهر لنفسيهما في المشاركة بذلك القهر.
وفي مسرحيته (الشرفة) ، أخرجتها في العراق عواطف نعيم، هناك استمرارية كراهية النفس وفيها تشخيص لملامح شخصيات مسرحية (أبسن) المعنونة (اعمدة المجتمع) رجل الدين والقاضي والجنرال وتنفذ وفقاً للعبة الطقسية بين السيد والخادم وذلك في غرف متخيله في بيت للدعارة بينما تقوم ثورة عارمة خارج البيت هدفها اسقاط تلك الشخصيات الموجودة في الحياة الحقيقية.
أضافت مسرحيتاه الأخيرتان (السود)، وأخرجها سامي عبدالحميد في العراق، و(الستائر) موضوعة العنصرية الى المعالجة الطقسية تغلب القوة والهيمنة. وفي المسرحية الأولى يمثل عدد من الممثلين الزنوج مشهد طقس لمقتل امرأة بيضاء امام لجنة تحكيم من الزنوج يضعون أقنعة بيضاء على وجوههم.
وفي المسرحية الثانية (الستائر) هناك تقصٍ مستطال للأزمة الجزائرية والصراع بين الشعب الجزائري والمستعمرين الفرنسيين، واستخدمت الستائر (الشاشات) للدلالة على ان الواقع لا يمكن ان يكون اساساً للحقيقة، حينما تعرض صور الواقع معكوسة على الشاشات وتبقى مجرد صور.
وقد امتدحه (سارتر) في دراسته المعنونة: القديس جينيه الممثل والشهيد 1950 في أواسط الستينييات من القرن الماضي ترك (جينيه) الكتاب واستمر في إلقاء المحاضرات ومساعدة النشطاء ضد التعصب العنصري والمناضلين من أجل تحرير فلسطين. ومن الفرق المسرحية التي انتجت مسرحيات جينيه (فرقة المسرح الحي) حيث قدّمت (الخادمتان) ، اخرجها المخرج العراقي (جواد الأسدي) خارج العراق. وفي داخل العراق أخرجتها المخرجة (عواطف نعيم). وأخرج المخرج المشهور (فيكتور غارسيا) مسرحية (الشرفة) وأخرج المخرج المعروف (شتاين) مسرحية (السود) خلال الستينيات.
لا (خريف) ولا (في انتظار الموت) ولا (رقابة عليا) بل (رقيب الموت)
[post-views]
نشر في: 20 فبراير, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...