يوم كان أحد المسؤولين السابقين معتقلاً لدى القوات الأميركية، اتصل بنجله، وأخبره بضرورة التحرك على زعيم سياسي شغل منصباً مهماً في الحكومة، عرف بتعاطفه وحرصه على التعاطي الإنساني مع رفاقه السابقين، لإخلاء منزله أو دفع بدل الايجار الشهري من الجهة المستولية على منزل المسؤول السابق.
التحرك لم يسفر عن نتائج إيجابية على الرغم من تصريحات الزعيم السياسي المستمرة الداعية الى تحقيق المصالحة الوطنية، لأن الحزب المسيطر على المنزل، ينتظر الكشف عن نتائج لجنة تحقيقية شكلت لأغراض إحصاء العقارات المصادرة، ثم بعد ذلك يجتمع المكتب السياسي لاتخاذ القرار المناسب، وأصدر الزعيم الروحي للحزب، فتوى تجيز الصلاة في منازل المسؤولين السابقين بوصفها عقارات للدولة بحسب قرار مستر بريمر القاضي بمصادرة ممتلكات رموز النظام السابق.
استحواذ الأحزاب على عقارات الدولة يتناسب طردياً مع حجم مقاعدها في مجلس النواب والحكومة، فحصل حزب ديني على الحصة الأكبر من العقارات، ربما سجّلت بأسماء أشخاص تقديراً لدورهم النضالي في المرحلة الجهادية ضد النظام الديكتاتوري. هذه الفئة النضالية اختلفت مع بعضها بكل شيء لكنها اتفقت على تقاسم العقارات، لتكون المكان المناسب لإقامة الصلاة، وإلقاء محاضرات دينية بحضور كبار المسؤولين وبطانتهم.
المعروف عن الأحزاب المتنفذة المشاركة في الحكومات المتعاقبة، بأنها شكلت لجاناً اقتصادية لتحقيق شعار القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود، ولأغراض أخرى تتعلق بتوفير الدعم المالي لمؤسساتها الإعلامية من فضائيات وصحف يومية ومواقع إلكترونية، على الرغم من تسلمها منحة شهرية من دولة صديقة، فرضت هيمنتها على الساحة الإعلامية بشكل واضح، ولا حول ولا قوة لمن يعترض، فمغامرة من هذا النوع تعني السير في طريق "درب الصد ما رد " ونقل جثمان المعترض في (ستوتة) بساعة متأخرة من الليل الى مقبرة بأطراف المدينة .
اللجان الاقتصادية في الأحزاب المتنفذة، يعرف تفاصيل نشاطها رجال اعمال عراقيون يقيمون في الخارج ، حاولوا تنفيذ مشاريع خدمية في وطنهم ، لكنهم اصطدموا بعقبات جعلت سكان محافظات الجنوب والوسط يعيشون في ظروف العصور الحجرية، لأن المسؤولين المحليين المرتبطين بقوى سياسية فرضوا شروط الحصول على عمولاتهم من تنفيذ عقود المشاريع مقابل الموافقة على منحها لمستثمر عراقي. المظهر الآخر لحضور اللجان الاقتصادية، في مشهد يتجسد في بعض احياء العاصمة، فهناك عشرات المباني في شوارع مغلقة محاطة بجدران كونكريتية بارتفاع خمسة امتار مع أبراج مراقبة وكاميرات، ترصد حركة الاشخاص والمركبات. صور الشخصيات ولافتات التأبين شغلت مساحة من الجدار مع شعارات تختزل برنامج التنظيم السياسي ومحاربة الفساد بكل اشكاله وألوانه.
الحكومة السابقة أعلنت في عام 2013 تشكيل لجان لإخلاء عقارات الدولة، منذ ذلك الوقت وحتى الآن لم يتحقق شيء، ومجلس النواب بوصفه جهة رقابية، تجاهل القضية لاعتقاده بأن اثارتها في ظل الظروف الحالية لا تخدم العملية السياسية، في ضوء ذلك تعاملت الكتل النيابية مع العقارات بوصفها " نفر فرهود وطني " اعدّ خصيصاً بيد الشيف مستر بريمر.
"نفر فرهود "وطني
[post-views]
نشر في: 20 فبراير, 2017: 09:01 م