قدمت النجمة الأميركية أنجلينا جولي ، في موقع أنغكور الأثري في كمبوديا فيلمها الجديد عن الجرائم المرتكبة في عهد نظام الخمير الحمر. وحضر العرض الأول لهذا الفيلم "" (قتلوا أبي أولا) ملك كمبوديا نورودوم سيهاموني، وعدد من الناجين من فظائع نظام الخمير الحم
قدمت النجمة الأميركية أنجلينا جولي ، في موقع أنغكور الأثري في كمبوديا فيلمها الجديد عن الجرائم المرتكبة في عهد نظام الخمير الحمر. وحضر العرض الأول لهذا الفيلم "" (قتلوا أبي أولا) ملك كمبوديا نورودوم سيهاموني، وعدد من الناجين من فظائع نظام الخمير الحمر الذي حكم البلاد في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين.
الفيلم مقتبس عن رواية تحمل العنوان عينه للكاتبة لونغ أونغ الناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان والتي تستذكر فيها فظائع النظام بين عامي 1975 و1979.
وكانت لونغ اون في الخامسة من عمرها حين اجتاح الخمير الحمر بقيادة بول بوت مدينة بنوم بنه، وأرسلوا عائلتها إلى معسكر للأشغال الشاقة تمكنت بعد ذلك من الفرار منه واستقرت أخيرا في الولايات المتحدة.
وقالت انجلينا جولي في مؤتمر صحافي عقد في سيام ريب: إنها أرادت من هذا الفيلم أن تحكي قصة الأيام الصعبة التي عاشها الكمبوديون في ظل حكم الخمير الحمر "من وجهة نظر طفل".
وأودى نظام بول بوت بحياة مليوني شخص في كمبوديا، منهم من قضى من الجوع، ومنهم من أتى عليه الإرهاق في معسكرات الاعتقال، ومنهم من أعدم أو قتل تحت التعذيب.
وقال سين شانشايا مدير هيئة السينما والمنشورات الثقافية في كمبوديا إن "الفيلم يعكس همجية الخمير الحمر"، مضيفا "إنها مسألة مهمة جدا في نظرنا. والكمبوديون مهتمون كثيرا بالفيلم".
وستلي عروض أخرى تقام في أنحاء البلاد كافة هذا العرض الأول في أنغكور. وسيبث الفيلم في خلال سبعة أشهر على موقع "نتفليكس" للبث التدفقي.
وقالت أونج، التي هي صديقة لانجلينا جولي منذ ايام صدور روايتها( قتلوا أبي اولا) في عام 2001، كانت هناك اجواء عائلية حقيقية في موقع تصوير الفيلم " حيث اشترك ابنها جولي مادوكس البالغ من العمر ، 15عاما وكان هناك ايضا الابن الثاني لها باكس، 11عاما
وتقول اونغ "لقد شاهدت كم يحمل هولاء الشباب من انسانية وكرم وتعاطف مع مآسي الاخرين،. "باكس مصور موهوب ومادوكس لطيف جدا وسخي. كان جميع الاطفال في الفلم ينظرون، له كأخ كبير ".
وتضيف "انها فخورة جدا" بابني جولي، اللذين كانا يلعبان مع الأطفال الصغار في موقع التصوير و"ادخلا السرور على نفوسهم."
مرت أيام حزينة على طاقم الفيلم وكانت هناك ساعات طويلة صعبة. والعمل في بيئة حيث يحب الناس ويحترم بعضهم البعض هو بالضبط ما كنا نحتاجه لانجاز الفلم"،
و الفيلم مأخوذ عن السيرة الذاتية لاونج التي صدرت بنفس الاسم وتحكي قصة حقيقية لتجربتها خلال الإبادة الجماعية للسكان في كمبوديا على يد الخمير الحمر خلال السبعينات من القرن الماضي. ولقي ما يقدر بنحو 1.7 مليون شخص مصرعهم خلال تلك الحملة الكارثية
وكانت اونغ لم تنهِ بعد الخامسة من العمر عندما استولى جنود الخمير الحمر على مسقط رأسها، العاصمة بنوم بنه، وقاموا بإفراغ المدينة من سكانها. وأعدم الآلاف من المثقفين وأبناء الطبقة الوسطى في عملية تطهير ضد ما اعتبرهم الخمير الحمر عملاء الغرب. وأولئك الذين لم يقتلوا أُجبروا على العمل في معسكرات العمل حيث كانوا يعانون من المرض وسوء التغذية وسوء المعاملة. ومن بين الضحايا كان والد ووالدة اونغ وشقيقتين لها، وتقول ان إخوتها الذين بقوا على قيد الحياة "يكنون الحب والاحترام الكبير لأنجلينا جولي" وأنهم واثقون بقدرتها على تجسيد احداث الرواية
"من اجل صنع هذا الفيلم الجميل ، كانت لي ثقة كاملة أن قصتنا كانت في أيد أمينة. وكان هذا رأى اخوتي ايضا . كان يشرفنا جدا وكنا فخورين بأن هذه الأم الرائعة صنعت هذا الفيلم حول قصة حياة عائلتنا.
وكانت تلك الثقة في جولي في غاية الأهمية أثناء التصوير، ، حيث أن العديد من الممثلين المشاركين فيه كانوا من الناجين من أهوال الإبادة الجماعية أو كانوا أطفالا لهولاء الناجين.
"نحن جميعا نعلم ان هذا لم يكن مجرد فيلم جديد من افلام أنجلينا، فهو أيضا فيه جانب من الاحترام لقصة ابنها"، ، في اشارة الى ابنها مادوكس الذي ولد في كمبوديا. واضافت اونغ "كانت تأخذ الامر على محمل الجد ... وذلك بصنع فيلم مع شخص يحب حقا هذا المكان.
أثناء تأليفها لهذه الرواية كانت اونغ تتلقى العلاج، وعاشت تجربة الوحدة المؤلمة وتقول انها شعرت "بالانكسار" عندما كانت تكتب عن وفاة والدها.
"لم تكن لديَّ وسيلة للمساعدة في تخليصه من كارثة المقابر الجماعية"، كما تقول. وفي بعض الأحيان، كان تصوير الفيلم امرا"مفجعا" بالنسبة لها ولكن الحقيقة أن جولي، وطاقم الفلم كان يقدم الدعم والمساندة بعضهم للبعض الاخر خلال الأيام الصعبة. "أنه امر عظيم ان تتعافى وسط كل هذا الكم من الحب الذي يحيطك به الاخرون بدلا من ان تكون لوحدك وفي الظلام."
ومن اجل التخفيف من الحالة المزاجية الحزينة ، ذكرت لنا اونغ كيف كان افراد طاقم الفيلم "يأكلون الحشرات، وبشراهة!"
واضافت ضاحكة "هذه هي نوعية الوجبات السريعة الموجودة لدينا"، كما يقول الناس،. وعندما كانت ساريوم البالغة من العمر 9 سنوات (والتي تؤدي دور الكاتبة اونغ) تنهي مشهدا صعبا فيه تبادل لاطلاق النار كانت تكافئ بصحن من العناكب المقلية. "لقد كانت مكافأة لها لأنها قامت بعمل رائع في موقع التصوير وتضيف اونغ، أن ذلك كان غريب جدا على افراد طاقم الفيلم الأجانب. "والنجمة الصغيرة كانت تلوكها بفرح كما لو كانت تأكل الفشار."
تتمحور قصة الفيلم تماما على وجهة نظر طفلة بالاحداث وكان ذلك من أكثر الجوانب الصعبة المتمثلة في كيفية تحويل الرواية الى فيلم، ، وكيفية التقاط تعقيدات الإبادة الجماعية في كمبوديا من خلال عيون طفلة تبلغ من العمر 5 سنوات.
تقول اونغ ان"أنجلينا مخرجة موهوبة جدا، ولذلك وثقت بما كانت تفعل "، وأصبح الفيلم أكثر من مجرد سرد لحياة الطفلة اونغ و كل من شارك في هذا المشروع، من مجموعة المصممين الى مساعدي الإنتاج إلى الموسيقيين، "كلهم كانوا فخورين وفرحين بمشاركتهم في الفيلم."
"ويمكنك ان تشعر بذلك وانت تشاهد الفيلم ، في مناظر الزهور الجميلة التي تم التقاطها - وفي الموسيقى التصويرية التي تصاحبها . وكانت أنجلينا هي المايسترو الذي كان يقود كل هذه المجموعة من الناس والأشياء".
يتم عرض هذا الفيلم في الوقت الذي تروج فيه الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب لخطاب مضاد للاجئين بذريعة حماية الأمن القومي – وتزامنا على الأخص مع الأمر التنفيذي الذي اصدره الرئيس ترامب بحظر السفر لمواطني سبعة بلدان ذات اغلبية مسلمة والحظر المؤقت على جميع اللاجئين.
وفي ما ينشغل الزعماء الاوربيون بمواجهة أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، تزداد شعبية اليمين المتطرف والجماعات المناهضة للمهاجرين ومؤلفة الرواية اونغ نفسها اصبحت لاجئة عندما هربت من كمبوديا مع أخيها الأكبر كيم وكان عمرها 10 اعوام، وتمت إعادة توطينهم في نهاية المطاف في ولاية فيرمونت في اميركا.
وتقول اونغ "آاتمنى أن ينظر الناس الى اللاجئين كونهم بشر "، "يحدث اللجوء نتيجة الظروف الصعبة والحروب والأهوال." وتعيد تذكير الناس أن اللاجئين هم "الرجال والنساء والأطفال ، والأمهات والإخوة والأخوات" الذين يريدون نفس الشيء الذي يريده الجميع: "السلام" و "الأمن".
تقول أونج ان النجاة من الحروب واهوالها يستلزم الكثير من الشجاعة والحب ، لتتحمل الصدمات النفسية ومناظر الإبادة الجماعية. وهي تأمل في أن أولئك الذين سيشاهدون الفيلم "سيدركون أن حملات الإبادة الجماعية لم تكسر الشعب الكمبودي ... و لم تهزمه ورسالتها، ورسالة الفيلم، بسيطة: أن الحب والعائلة والمجتمع سوف تساعد الناس على التغلب على أي شيء. "أنت لا تنجو من حملات الإبادة الجماعية وتستطيع البقاء على قيد الحياة لوحدك،" نحن بحاجة الى بعضنا البعض."
عن: مجلة التايم