TOP

جريدة المدى > اقتصاد > تراجع الاحتياطي النقدي يُثير المخاوف حيال الاقتصاد الوطني والوضع المالي للدولة

تراجع الاحتياطي النقدي يُثير المخاوف حيال الاقتصاد الوطني والوضع المالي للدولة

نشر في: 22 فبراير, 2017: 12:01 ص

مرّة أخرى يعلن البنك المركزي العراقي عن تراجع جديد في احتياطاته من العملة الصعبة، ما أثار قلقاً تجاوز الاوساط المالية والاقتصادية الى مجمل الرأي العام الذي يخشى أن يأتي يوم يصاب فيه الاحتياطي الوطني بالخواء كالذي تعرضت له الموازنة العامة للدولة في ال

مرّة أخرى يعلن البنك المركزي العراقي عن تراجع جديد في احتياطاته من العملة الصعبة، ما أثار قلقاً تجاوز الاوساط المالية والاقتصادية الى مجمل الرأي العام الذي يخشى أن يأتي يوم يصاب فيه الاحتياطي الوطني بالخواء كالذي تعرضت له الموازنة العامة للدولة في السنوات الماضية ، الأمر الذي أجبر الحكومة على طلب الديون الكبيرة من المؤسسات الدولية. وإذ يحذر خبراء ماليون واقتصاديون من عوافب غير حميدة لذلك، لا يبدو البنك المركزي قلقاً.    
وكان البنك قد كشف أخيراً عن تراجع احتياطياته من العملات الصعبة الى 49 مليار دولار نتيجة لاستمرار انخفاض أسعار النفط في الاسواق العالمية، علماً بان رصيد البنك من هذه العملات وصل في احدى السنوات 88 مليار دولار وكان في حدود 70 مليار دولار في نهاية 2012، غداة إقدام رئيس الحكومة السابق نوري المالكي على تنحية محافظ البنك آنذاك الدكتور سنان الشبيبي بسبب تمسكه بأحكام قانون البنك ورفضه إقراض الحكومة من احتياطي البنك.
لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية رأت انخفاض مستوى الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة الى مستويات متدنية ينذر بكوارث خطيرة، وقد يهدد بإفلاس العراق وإغراقه في الديون الخارجية. وفي حين يصف محافظ البنك الحالي الوضع بأنه تراجع طبيعي ارتباطاً بانخفاض أسعار النفط وتراجع قيمة العوائد النفطية ،أكد خبراء اقتصاديون ضرورة استثمار جزء من الاحتياطي في مشاريع تنموية.
يقول عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية سلام المالكي في حديث لـ (المدى)، إن نافذة بيع العملة الاجنبية تثير القلق لدى الكثيرين، في داخل لجنة الاقتصاد، بسبب استنزافها الاحتياطي النقدي من خلال سحبها لتغذية نافذة بيع العملة، وذلك لم يحقق شيئاً للاقتصاد العراقي سواء من حيث انخفاض سعر صرف الدولارأمام الدولار او للتنمية الاقتصادية. مشددا: وجود معلومات مؤكدة تشير الى انخفاض مستوى الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة الى مستويات متدنية، مما ينذر بكوارث خطيرة على المديين القريب والبعيد، بل وقد يهدد بإفلاس العراق وغرقه في الديون الخارجية".
ويتابع المالكي، هنالك فرق كبير بين السعر الجاري في السوق المحلية والسعر المعتمد لدى البنك المركزي ، الامر الذي سمح للفاسدين بحرمان الحكومة من عوائد عن رسوم وضرائب مختلفة، وفي النهاية حرمان المواطن العراقي من موارد تخصه".
من جانبه لا يرى محافظ البنك المركزي وكالة علي محسن إسماعيل العلاق  مخاطر في تراجع الاحتياطي، فانخفاض احتياطيات العملة الأجنبية يعد ظاهرة طبيعية في الدول النفطية التي تشكل إيراداتها النفطية مصدراً اساسياً للعملة الأجنبية، كالعراق حيث تنخفض الإيرادات الدولارية كلما انخفضت أسعار النفط وبالتالي ينخفض مصدر الاحتياطيات.
ويضيف العلاق في حديث الى(المدى) " لقد انخفضت إيراداتنا من الدولار من مستوى 90 مليار دولار سنوياً في سنوات ما قبل وخلال 2015 الى 44 مليارا، و34 مليار دولار في 2016، ولم يقابل ذلك انخفاض في نفقات الموازنة العامة للدولة"، ويضيف " هذا يعني ان الطلب على الدولار ( المُشتق من نفقات الموازنة ) يزيد على الإيرادات الدولارية ويظهر ذلك جلياً في وجود عجز حقيقي وليس تخطيطياً في موازنتي سنتي 2015 و2016".
ويسترسل العلاق قائلا: "العجز في سنة 2016 البالغ 24 ترليون دينار كان مخططا له ان يُمول بقروض وسندات خارجية وداخلية بمبلغ 17 ترليون دينار و7 ترليونات من حوالات خزينة يشتريها البنك المركزي. مستدركا: لكنه لم يتحقق من هذا المبلغ إلا نسبة قليلة، مما اضطر الحكومة لزيادة الحوالات التي يشتريها البنك المركزي من 7 الى16 ترليون دينار، و بدون ذلك كانت الحكومة امام أزمة مالية خطيرة تعجز فيها حتى عن تسديد الرواتب.
ويوضح محافظ البك المركزي، ان تمويل العجز من خلال البنك المركزي معناه عدم تسلم البنك دولارات من وزارة المالية مقابل الدينار الذي تتسلمه منه، وهذا الدينار عندما تنفقه الحكومة يتحول الى طلب على الدولار، وبالتالي ينخفض الاحتياطي تبعاً لذلك.
ويرى العلاق انه مع الانخفاض الحاصل فان الاحتياطي ما يزال بمستوى الكفاية المطلوبة وفقاً للمعايير الدولية،  حيث مازالت تغطية العملة الأجنبية تفوق ما مصدر من عملة محلية. لافتا الى ان مراجعة صندوق النقد الدولي لاحتياطياتنا في الشهر الماضي اظهرت كفايته، ولا مخاوف بشأنه على وفق تقديرات الصندوق للسنوات الخمس المقبلة مضيفا: كما أننا لن نضطر  لشراء حوالات خزينة في 2017  او بعدها، بسبب تحسن أسعار النفط والتمويل الخارجي البالغ 15 مليار دولار خلال الثلاث سنوات اعتباراً من 2017 .
ويرى العلاق ان البنك المركزي "قد نجح في مواجهة سنة 2016 وهي الاصعب، بعد 2003 ، واستطاع تحقيق التوازن بين العملة الأجنبية والمحلية من خلال السيطرة على السيولة، من خلال نافذة بيع العملة الأجنبية والمحافظة على أدنى مستوى للتضخم من اجل تحقيق الاستقرار السعري والاقتصادي".
يذكر ان حجم موازنة العام الحالي بلغ أكثر من 100 تريليون دينار، فيما بلغت نسبة العجز فيها  21%.
من جهة اخرى يشير الخبير المالي وعضو معهد الإصلاح الاقتصادي مجيد عزيز في حديث (للمدى)، إن احتياطي البنك المركزي العراقي انخفض خلال السنين العشرة الاخيرة من اعلى مستوى له وهو  88 مليار دولار إلى 67 مليار دولار، ثم  وصل هذا العام إلى 49 مليار دولار، أي بانخفاض يصل إلى نحو 35 مليار دولار ومعدل تراجع يعادل تسعة مليارات دولار سنوياً.
ويضيف عزيز: "يفترض العمل على زيادة الاحتياط النقدي من العملة الصعبة من خلال استثمار جزء منه في مشاريع تنموية لا نفقات تشغيلية كما يحصل الآن"، مؤكدا ان الاحتياطي يعتبر غطاءً للعملة الوطنية وملاذا آمنا لها، فضلا عن انه رصيد سيادي للدولة لا يمكن لأية جهة حتى الحكومة التلاعب به، إلا في الحالات الاضطرارية او الاستثمار".
من جهته  يقول الخبير المالي عطا الله مرزوق في حديثه (للمدى)، "إن الاحتياطي النقدي للبنك المركزي يتأثر بشكل مباشر بمبيعات النفط للعراق، وانخفاضها يؤدي بالتأكيد الى انخفاض الاحتياطي ،إلا أن ذلك كان مسيطرا عليه من قبل، أما الآن لانعرف مدى إمكانية ذلك"، مضيفا ان "ما هو مهم اليوم هو عدم وجود اية مشكلة في رواتب الموظفين والمتقاعدين والمشمولين بالحماية الاجتماعية في موازنة 2017، فهي مؤمّنة بالكامل ولاخوف من إمكانية حجبها او عدم تسليمها الى مستحقيها، حيث وضعت الحكومة في اولوياتها مسألة دفع الرواتب".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي
اقتصاد

العراق يقلص صادراته النفطية واستهلاكه المحلي

بغداد/ المدى أعلنت وزارة النفط، اليوم الجمعة، تخفيض وتقليص صادرات العراق من النفط الخام وتقليل استهلاكه المحلي. وذكرت الوزارة في بيان، تلقته (المدى)،: "تماشياً مع التزام جمهورية العراق بقرارات منظمة أوبك والدول المتحالفة ضمن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram