TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > حسين الرحال والدعوة الى الاشتراكية في العراق

حسين الرحال والدعوة الى الاشتراكية في العراق

نشر في: 14 فبراير, 2010: 05:45 م

عامر حسن فياضحسين الرحال فان اشتراكيته من نوع آخر، كيف تأثر الرحال بالفكر الاشتراكي؟ لم يكن "حسين الرحال" قد اكمل دراسته الثانوية عندما ارسل من قبل الحكومة العثمانية الى المانيا، مع اول قطار ذاهب الى هذا البلد بعد افتتاح خط سكة حديد بغداد – برلين عام 1916 ،
وكان يحمل في سفرته هذه رسالة من قريبه (صبيح نشأت) الى (توفيق الخالدي) الذي يقيم في برلين انذاك، وقد تم له فعلا الاتصال بتوفيق الخالدي بعد ان استقر في سكناه في منطقة (سيرندورت ميتة) في برلين ثم بدأ دراسته في مدرسة الهندسة المسماة مدرسة (كيني). ان الدعوة للنظام الجمهوري في الوقت الذي كانت تسود فيه على الصعيد العالمي، الانظمة الملكية التي اشتهرت برجعيتها كانت تمثل البداية الاولى لتفتح "حسين الرحال" على الفكر التي اعتاد ان ينظمها (توفيق الخالدي) الذي اشتهر بميوله الجمهورية، في بيته كان يوم احد مع الطلبة العرب في برلين. وقد كانت هذه الصحف ان تهيئ ذهن "حسين الرحال" لتقبل الفكر الاشتراكي بأن تجعله مألوفاً لديه فأنها لم تستطع مع ذلك ان تدفع به احد التمسك بهذا الفكر. وما ان اندلعت الثورة العمالية في برلين عام 1918 وكان السبارناكيون من ورائها حتى هزة هذه الثورة حسين الرحال هزا عنيفا حين بدأ بالتساؤل عن طبيعتها فيذكر قائلاً: "سألت حانوتياً وزوجته عما اذا كانت الثورة تستهدف اعادة الملك فردريك ، فأجاباني متحسرين لعهد فردريك بأنها ثورة عمالية" واثناء الثورة تطور الامر عند "الرحال" (28) الى التفاعل مع افكارها الاشتراكية وقد لعب اصدقاؤه الطلبة الالمان المؤيدون للثورة دورا كبيرا في ذلك، لاسيما ان قسما كبيرا منهم كان ابؤهم واخوانهم واخواتهم ممن اسهم في هذه الثورة، وقد اعتاد هؤلاء الطلبة الذهاب الى مناطق الثورة وكان "حسين الرحال" يذهب الى هناك بصحبتهم، وفي هذه المناطق كان يستمع الى خطب (روزا لوكسمبورغ) و(كارل ليبكنخت) وغيرهما من القادة الاشتراكيين، الا ان الثوار كثيرا ما كانوا يبعدونهم عن مناطق الثورة خوفا عليهم، ولكن بالمقابل كانوا يزودونهم بنشريات الثورة التي كانت تحمل اسم "حكومة المجالس" واغلب هذه النشريات كانت تطبع في مناطق (هنغاريا) التي سبق ان اعلنت فيها سلطة عمالية بزعامة (بلاكون) ، ومن النشريات التي كان قد قرأها "حسين الرحال" اثناء ذلك كراس بعنوان (حكومة السوفيات في هنغاريا) ككما قرأ جريدة (العلم الاحمر) بالاضافة الى الجريدة البرلينية (برلينو تاكة ملال). ان هذه النشريات كانت محملة بالافكار الاشتراكية وقد عكف "حسين الرحال" على قراءتها بنهم بالغ، وقد شكلت هذه المنشورات ، بالاضافة الى ميدان الثورة، الاساس في تكوين فكر "حسين الرحال" الاشتراكي، وبقدر ما تم تكوين فكره الاشتراكي عبر الثورة، فأنه كان قد اتخذ طابعا خاصا يتميز بالحركة والفعالية، وكان ذلك سببا في ان لا يكتفي "حسين الرحال" في ان يكون ذا تفكير اشتراكي، وانما يعمل بكل حماس من اجل بث الفكر الاشتراكي وخلق اساس ذي تفكير اشتراكي. وبهذه الروحية عاد "حسين الرحال" الى العراق، فعندما اعلنت الهدنة عام 1919 خيرت الحكومة التركية طلابها في المانيا بين البقاء هناك لاكمال دراستهم على حسابهم الخاص وبين العودة على ظهر باخرة تركية تصل المانيا، وقد اختار حسين الرحال العودة قبل ان يكمل دراسته وذلك بالنظر لصعوبات التحويل الخارجي. عندما عاد الرحال كان عمره ثماني عشرة عاما ، وكان يحمل معه العديد من منشورات الثورة العمالية ومن ضمنها كراس (حكومات السوفيت في هنغاريا) وفي طريق عودته يلتقي في سوريا بـ (ياسين الهاشمي) ويسأله الاخير عما يدور في اوروبا فيطلعه حسين الرحال ، على هذا الكراس شارحا له مضمونه، ويطلب ياسين الهاشمي منه ان يقوم بترجمته، وعندما يخبره حسين الرحال يضعف اسلوبه في الكتابة باللغة العربية يطلب ياسين الهاشمي من رشيد الهاشمي الذي كان معروفا انذاك بقوة اسلوبه، بأن يساعد حسين الرحال في ترجمة الكراس المذكور وعندما وصل حسين الرحال العراق واصل اتصاله بالفكر الاشتراكي العالمي، فقد استطاع ان يقنع صاحب المكتبة العصرية (محمود حلمي) بأن يقوم باستيراد الكتب الاشتراكية عن طريق وكلائه في الخارج، وقد تم فعلا الحصول على هذا الطريق على بعض الكتب التي كانت تصدرها انذاك دار النشر الخاصة بجريدة الحزب الشيوعي الفرنسي (اللومانيته) ، وكان اول كتاب قرأه بعد عودته الى العراق هو كتاب (الاستعمار اعلى مراحل الرأسمالية) للينين وباللغة الفرنسية، ثم اعقبه بكتابه الاخر (الدولة والثورة) باللغة الفرنسية ايضا كما استطاع ان يحصل عن هذا الطريق على بعض المجلات الاشتراكية منها مجلة (كابية دي بولشفيك) التي كان يصدرها التروتسكيون الفرنسيين، وقد قرأ لاول مرة شعرا لـ (ناظم حكمت) مترجما الى اللغة الفرنسية، وتاثر جداً باشعاره وبالمجلة الشيوعية التركية (رسم بي، آي) أي "المجلة الشهرية المصورة للشيوعية التركية صبيحة زكريا" واطلع حسين الرحال على "ميكافيلي" وتوضح لديه ان دعاة فكرة "ميكيا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram