TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ولاية بطّيخ

ولاية بطّيخ

نشر في: 25 فبراير, 2017: 06:59 م

ali.h@almadapaper.net

أعترف أنّ الكتابة اليومية  تتطلب من صاحبها  جهداً كبيراً ،  فصاحب النافذة اليومية مطلوب منه أن يُقدِّم شيئاً يتجاوز ما اطلعت عليه الناس في الأخبار، وشاهدته من خلال الفضائيات، فالعبور إلى جسر الناس يتطلب من الكاتب أن يسعى كل يوم إلى الاطمئنان  على أنّ العلاقة بينه وبين القارئ لم تدخل في مرحلة" الضجر واللامبالاة " ، وأن الكلمات حاضرة ومؤثرة.. وأن نافذته لا تزال تحمل طعم ومذاق مائدة عامرة.
في الأيام الماضية تلقيت سيلاً من رسائل الأصدقاء والقرّاء ، البعض يسأل ومنهم مَن"يلوم"، لأنني توقفت في هذا الوقت بالذات عن كتابة العمود الثامن، مؤكدين أن مساحات الخراب حولنا لم تنتهِ بانسحاب  حسن السنيد من المشهد السياسي ، وكتب لي قارئ عزيز يقول :" إنني قارئ، ولي حقوقي ، وبهذه الحقوق  أسأل أين العمود الثامن ؟ ، أنا آسف  ياعزيزي القارئ الكريم ، لقد اكتشفت في الآونة الاخيرة  أن ما نكتبه ونقوله يعيشه الناس كل يوم، يشعرون به ويتألمون منه، وربما لو أُتيحت لهم فرصة التعبير لقالوا أكثر مما نقوله ونكتبه .
سيسخر مني البعض حتماً ويقول  : يارجل  السياسة  في العراق  مادة دسمة للكتابة الساخرة ،  ولكن ياسادة ياكرام ،  سوف يظل الفارق كبيراً في الحجم بين ما نكتبه ، وسخرية السيدة عتاب الدوري التي اكتشفنا مؤخراً أنها :" نبض الشارع العراقي وصوته المدوّي " وهي تشرح لنا مسألة معضلة القضاء على المدعو " أبو بريص "  ، وأتمنى ان لاتجرف الصحافة  السيدة عتاب الدوري  ، وتنافس الفقراء من أمثالي على أرزاقهم  .
هل نحن شعب لا يحب السخرية  ؟ لماذا نصر  على  أن ندشّن كل صباح من أيامنا الكئيبة، بحثاً عن حزنٍ ، لنجد أنفسنا حزانى  ، متشائمين، نتحرك فاغري الأفواه، ننظر إلى وجوه أبطال المسلسلات الباكية، ونبدو بعد انتهاء المسلسل، كأننا ناجون من محرقة هتلر، لم نحتمل وجود ساخرين كبار من أمثال  حبزبوز " الذي مات معوزاً، وسليم البصري " الحاج راضي" الذي اقتصّت منه الكآبة وضيق الحال لتنتهي حياته وهو لا يملك ثمن علبة سجائر.
في خضمّ أخبار الكآبة ووسط فوضى سياسية ، ثمة أفعال وأخبار تبدو مضحكة أحيانا ، من هذه الأخبار المضحكة، ما صدر عن التحالف الوطني وهو يبشّرنا بأنه شكّل لجنة برئاسة موفق الربيعي  لتقييم أداء حكومة العبادي !
كان المفكر الإيراني الراحل، علي شريعتي، ، يقول " "إن الكاتب الذي يتجرّد من مجتمعه ، هو الخطر الأكبر على هذا المجتمع ، حتى إنْ صعد على عرش المفكرين بالعالم، ليبقى مجتمعه على الانحطاط نفسه،  ولو  جاء أبو ذر الغفاري بدلاً من آلاف من أمثال الكتّاب الذين لالزوم لهم، لتخلّصت مجتمعاتنا من التخلف وأنظمتها الدكتاتورىة الحاكمة".  
أتمنى ألّا أكون في خانة هؤلاء الكتّاب ، كما أتمنّى ألّا يقاضيني أحد عشائرياً ، وأجد نفسي في مواجهة عشيرة تطالبني بـ250 مليون دينارعدّاً ونقداً ، لأنني مصرٌّ  على أن أواصل العيش في " ولاية بطّيخ " !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram