تشهد المنافذ الحدودية العراقية الكثير من المخالفات القانونية ، الأمر الذي جعلها بعيدة عن الاداء المطلوب الذي يفترض ان تتحلى به، خاصة في ظل الازمة المالية التي تعصف بالبلاد، فالموارد المالية المتحققة منها لاتزال دون مستوى الطموح، ولا تشكل قيمة تذكر في
تشهد المنافذ الحدودية العراقية الكثير من المخالفات القانونية ، الأمر الذي جعلها بعيدة عن الاداء المطلوب الذي يفترض ان تتحلى به، خاصة في ظل الازمة المالية التي تعصف بالبلاد، فالموارد المالية المتحققة منها لاتزال دون مستوى الطموح، ولا تشكل قيمة تذكر في حسابات موازنة الدولة العراقية، ما جعل عائدات النفط تحتكر نسبة 97% من حجم إيرادات الموازنة، واعتماد كلّي على الاستيراد في سد حاجة السوق من السلع المختلفة.
لمحافظة البصرة وحدها 7 منافذ حدودية ، يقع في الجزء الغربي منها منفذ سفوان الذي يربط البلد بدولة الكويت، وبحسب ما يؤكد مسؤول فيه فان معدل إيراداته المالية تتجاوز قليلا المليار دينار شهريا، وهو مبلغ قليل جدا بحسب خبراء في الاقتصاد. وفي تفسير لتدني هذه الايرادات يشير مسؤول محلي الى وجود مخالفات، منها عدم تطبيق ضوابط التعرفة الكمركية بشكلها الدقيق من قبل أشخاص في المنفذ، ما فتح باب الفساد والابتزاز على مصراعيه.
مدير ناحية سفوان وقائممقام قضاء الزبير وكالة، طالب محمد الحصونة، قال في حديث لـ(المدى) ان التبادل التجاري عبر مجمل المنافذ الحدودية في المحافظة يسير بشكل طبيعي، مبيناً ان منفذ سفوان "يشهد حركة تجارية جيدة، ولم تتأثر عملية التبادل التجاري بين العراق والكويت فيه بالتصريحات والاحاديث بشأن قضية الملاحة في خور عبدالله".
واشار الحصونة الى ان واردات هذا المنفذ وصلت في بعض الاشهر الى اكثر من مليار دينار شهريا، مستدركاً بالقول "لكن توجد فيه بعض المشاكل منها ما يتعلق بضيق ساحات الخزن، كما هناك حاجة لإقامه مشاريع خدمية"، منوهاً الى ان الازمة المالية الراهنة حالت دون تنفيذ مشروع منفذ سفوان النموذجي الذي كان يمكن له ان يستوعب حجم التبادل التجاري الذي قد يصبح اكبر من الوقت الحاضر.
وأكد الحصونة ان الضوابط الكمركية وإعفاء بعض السلع التي تطبق في المنافذ الحدودية، رصدت فيها الجهات الامنية مخالفات عدة، موضحاً أن "منها ما هو متعلق بتغيير نوع البضاعة أو حجمها"، واشار الى انهم على سبيل المثال ضبطوا مؤخرا حمولة لعجلات تم توريدها عبر المنفذ قام صاحبها بتغيير قوة المحرك فيها، وقد جرى تحويل هذه المخالفة الى الجهات القضائية.
من جهة اخرى، كما يقول الحصونة، فان الجهات المختصة تضبط اسبوعيا الكثير من المخالفات في الاوراق الثبوتية لبعض البضائع والسلع الواردة، مؤكدا " نحن نسعى الى الحد من هذه المخالفات، كما نطمح دائما لزيادة ايرادات المنافذ في محافظة البصرة التي تحتوي مجموعة منافذ حدودية برية منها منفذا سفوان والشلامجة، فضلا عن المنافذ البحرية كمنافذ ام قصر وخور الزبير والمعقل وابو فلوس، وكذلك مطار البصرة الذي يعد المنفذ الجوي للمحافظة.
السلطات المحلية في البصرة تقول، من خلال رئيس لجنة الرقابة والتخصيصات المالية في مجلس المحافظة احمد السليطي، ان لا سلطة لها على المنافذ الحدودية، وتعتبر ان الاداء الرقابي على هذه المنافذ بات اضعف الآن، بسبب عدم امتثال المنافذ لأوامرها، مما يساعد على التلاعب والفساد الذي تشهده المنافذ.
ويضيف السليطي في حديث لـ (المدى) أن ضوابط التعرفة الكمركية لا تطبق بشكل دقيق في المنافذ الحدودية "ونحن نرى وجود تلاعب يحصل في حجم البضاعة ونوعها من اجل تخفيض الرسوم وتحديد التعرفة عليها بالاتفاق مع جهات واشخاص داخل المنافذ الحدودية"، ويقول ان العراق بلد يفتقد الصناعة المحلية، مما يتطلب استيراد البضائع بحسب طلب السوق، لذلك فان رفع الرسوم للتعرفة الكمركية لا يوقف التبادل التجاري، لكنه "يثقل على كاهل المواطن ،لان ارتفاع الاسعار الناجم عن زيادة التكاليف يتحمله المواطن فقط مما يقلل من حجم الطلب على البضائع".
الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي يعلّق في حديث لـ (المدى) قائلا ان " المنافذ الحدودية العراقية بعيدة عن الاداء المثالي وهذا ما يشكل ممراً لعبور سلع وبضائع قد لا تكون مناسبة للأسواق المحلية، حيث تم ضبط البعض منها في الاسواق وهو غير صالح للاستهلاك".
ويستطرد علي قائلا ان "ضعف الاجراءات الرقابية كالفحص وانسيابية دخول المركبات والاشخاص يمثلان مشكلة كبيرة للمستوردين وبابا من ابواب الابتزاز، الامر الذي يجعل ايرادات منفذ سفوان وغيره لا تشكل قيمة تذكر في حسابات ايرادات الموازنة"، ويوضح ان المبالغ المتحققة لا تزال اقل بكثير من المتوقع لإيرادات دولة تستورد كل شيء تقريبا.
ويرى الخبير الاقتصادي ان الامر "يتطلب مزيدا من الرقابة من مختلف الجهات، بل واجراء تبديلات في هذه الجهات بشكل دوري بهدف عدم خلق علاقة بين الجهة الرقابية ومسؤولي الكمرك"،ويضيف "اننا نحتاج في الوقت ذاته الى تهيئة البنى التحتية الحديثة لتلك المنافذ كالخدمات الفندقية والمخازن الحديثة المبردة ومحطات الاستراحة المناسبة" مؤكدا انه في حال حصول هذا فانه سيسهم في تشغيل الايدي العاملة في هذه المنافذ مما ينعكس ايجابا على الزيادة في ايرادات الكمارك والتقليل من شكوى التأخير والابتزاز على الحدود.
ويعد منفذ سفوان المنفذ الحدودي البري الوحيد بين العراق والكويت، كما يشهد يومياً مرور مئات الشاحنات المحملة بمختلف أنواع البضائع المستوردة، تمرّ من خلاله ايضا أعداد من المسافرين، خاصة في المواسم والمناسبات الدينية حيث يواجه زخماً شديداً من قبل الزائرين، معظمهم من السعودية والكويت والبحرين.