يترقّب الشارع الرياضي في العراق والسعودية، مباراة منتخبي البلدين بشغف كبير والتي تضيّفها مدينة جدة في الثامن والعشرين من آذار الحالي في إياب الدور الحاسم من تصفيات المونديال، ترقّب ليس بدافع (التعويض وتأكيد الصدارة) للأول والثاني على التوالي فحسب، بل لإخماد نيران الفتنة التي أوقدها بعض الإعلاميين عن قصد أو دونه من كلا الطرفين والتي واجهت استهجاناً واسعاً لم يتحوّل الى مبادرة مهنية تنسجم مع سياقات المصلحة المشتركة في رسالة الإعلام العربي الموحد.
تكررت مشاهد تبادل الإساءة واجترار الشتائم وتقريع شخصيات بارزة في رسوم كاريكاتيرية ساخرة تستهدف تقزيم الآخر في حملات شبه مؤقتة قبل حلول أية مناسبة كروية تجمع الأسود مع الأخضر في ملاعب المنافسات القارية المصيرية، بالشكل الذي راق لبعض الطارئين من أدعياء الإعلام الصحفي والتلفازي أن يقفزوا فوق صهوة الشهرة (سيئة الصيت) ويلقوا بنفايات أعمالهم في مكبِّ شرورهم من دون أن يحاسَبوا جزاءَ ما أرتكبوه من حماقة لتعكير صفو العلاقة بين رياضيي وجماهير البلدين.
أيّة لعنة هذه ضربت العلاقة الإعلامية بيننا وبين الزملاء في السعودية في مسيرة ثنائية مهنية تاريخية لم تندّس بينها عناصر دخيلة تمارس التخريب والتأليب بشراهة، علاقة تأصّلت منذ تضييف العاصمة بغداد الدورة الخليجية اليتيمة للفترة من 23 آذار إلى 9 نيسان 1979، التي انتزعنا كأسها وجاءت الكويت والسعودية بالمركزين الثاني والثالث على التوالي، واستمرّت الانشطة والتفاعلات حتى كان الدور القيادي للصحفيين الرياضيين العراقيين بارزاً منذ مطلع العقد السبعيني للقرن الماضي، عبر تأسيس وترؤس الرابطة العربية للصحافة الرياضية منذ عام 1974 حتى عام 1990 وأسهم الصحفيون الرياضيون في السعودية آنذاك، بمعاضدة التوجّهات الناجعة لسياسة الرابطة التي نتجت عنها تقاليد رصينة منحت المنضوين تحت لوائها امتيازاً خاصاً في إدارة العمل الصحفي بكفاءة عالية متسلّحين بأخلاقهم في مجابهة جميع الظروف حتى سُمي جيل الرواد الحالي ممن عاش تلك العقود ويواصل رحلته بعزيمة أكبر بأنه جيل لا يشبه إلا نفسه !
لهذا ومن منطلق تأكيد متانة العلاقة بين زملاء المهنة، ونظراً لكون المباراة المقبلة امام السعودية تعد الأخيرة في التصفيات بين المنتخبين بعدما سبقتها هجمات إعلامية من كلا الطرفين على خلفية رفض السعودية اللعب في إيران وما عكسته تصريحات مسؤولي الكرة في الاتحادين من تفسيرات وتأويلات زادت من حدّتها حسم الشكوى التي تقدّم بها الاتحاد السعودي لدى محكمة كاس الدولية لنقل المباراة الى جدة لصالحه، نظراً لكل ما جرى نقترح أن يتم طي صفحة التوتر الإعلامي المصاحب للقاءات المنتخبين كل مرة، من خلال تشكيل بعثة إعلامية تضم ممثلي أبرز الصحف والقنوات التلفازية لترافق وفد المنتخب الوطني بالتنسيق مع اللجنة الأولمبية ووزارة الشباب والرياضة لعقد لقاءات مهنية مع الزملاء في الإعلام الرياضي السعودي تهدف الى وأد أية نزعات مقيتة يبديها بعض الإعلاميين مستقبلاً وتضرّ بمصلحة الجميع، ومن دون شك ستنقّي اللقاءات المباشرة الترسّبات السابقة للمضي برسالة إعلامية نظيفة.
مبادرة كهذه نالت ثناء عدد من الزملاء ممن اتصلنا بهم وأبدوا تفاؤلاً كبيراً بنتائجها حيث ستخدم استقرار المنتخبين في الاستحقاقات المقبلة، لاسيما أن دور الإعلام مؤثر جداً على تصرّفات اللاعبين فيما بينهم داخل الملعب ومازالت صور نهائي كأس آسيا عام2007 ماثلة أمامنا وما تبعه من مواقف وبيانات وحملات تشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي طوال السنين الفائتة، وليس هذا فحسب، بل انسحب التأثير إلى المدرجات التي للأسف تمتلىء بمشجعين متبايني الثقافة وأغلبهم ضعفاء الحصانة (دون 20 سنة) ينساقون وراء الهتافات ومعبّأين نفسياً ضد هذا الفريق أو ذاك تأثراً بمقال أو كاريكاتير أو تحليل تلفازي مُعد سلفاً للانتقاد والتهكّم لتسقيط المدرب والمهاجم والمنتخب المنافس.
مبادرة شفافة نأمل أن يتلقّفها المخلصون من مسؤولي الإعلام الرياضي لتترجم إلى إجراء رسمي من الأولمبية أو الوزارة بهدفين: الأول منح المنتخب الوطني الزخم الإعلامي المستحق، وثانياً توقيع ميثاق جدة بين نخبة من إعلاميي البلدين للتأكيد على سمو الفكر ودرء الفتن والتعاون المشترك لخدمة الرياضة.
ميثاق جدة الإعلامي
[post-views]
نشر في: 28 فبراير, 2017: 04:08 م