TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في انتظار ما متوقع

في انتظار ما متوقع

نشر في: 28 فبراير, 2017: 09:01 م

واضح أنَّ العراق يعيش أصعب سنواته، وأن الانهيار قادم لا محالة، ليست هذه نظرة متشائم فرد، إنما هي وقائع تتبدى لشعب كل يوم، والشعب يعي ذلك تماماً، والغامض من الأيام سيكون محمّلاً بالكبير من الحجارة، التي إن وقعت فإنها لن تخطئ إلا القليل، ولن ينجو منها إلا من رحم ربي، ووجد لرأسه مظلة من هروب. واضح ذلك من خلال ما نسمعه ونقرأه ونشاهده في حوارات المسؤولين في الحكومة ببغداد ومدن أخرى، ومن ينكر ذلك، مثله مثل سمك المزلق(المزلك) الذي يُصطادُ في شواطئ الفاو الرخوة، فهو يخفي بدنه في طين الدِّهْلة، في ظنَّ منه بأنه لن يقع بيد الصيّاد، الذي نصب شباكه في محيط وجوده كله. وبمعنى آخر يمكننا القول بأن الجميع يعلم بموعد الانهيار، لكنهم غير قادرين على تحديد الزمن وإيجاد المنفذ.
ضعف الحكومة في النظر بقضية كبيرة جداً مثل تسليم الموصل لداعش، صمتها  في قضية اختطاف الصحفية أفراح شوقي، ووقوفها متفرجة إزاء الكشف عن قضية مقتل المتظاهرين قرب المنطقة الخضراء، وعدم مقدرتها على مقارعة رجال العشائر في بغداد والجنوب وفشلها في متابعة عشرات ومئات الملفات بقضايا الفساد ... الخ جعلت منها عاجزة تماماً عن إيجاد ابسط الحلول، لأبسط القضايا، والمشكلة الأكبر من هذا كله، أن الجميع يتحمل وزر الانهيار القادم، والكل مشارك فاعل، ذلك لأن شبكة من المصالح تعاضدت خيوطها وباتت نسيجاً، يتحسسه وينتفع منه هؤلاء، لذا فالسياسي الفاشل مرتبط مع السياسي الأقل فشلاً، وزعيم الحزب والجماعة والفصيل المسلح وشيخ العشيرة يجتمعون بقرينهم رجل الدين، وفي أقبية تبادل السجلات والوثائق هذه، أصبحت ماكنة إنتاج المنافع جزءاً من هيكل الحكومة بأكملها، وقوام ديمومتها، وصار بحكم المستحيل تنفيذ قانون أو مشروع لصالح الناس خارج القبض والتسليم.
منذ سنوات أربع ومكتب المحافظ في قطيعة شبه تامة مع مكتب المجلس المحلي، هناك قطيعة سياسية قديمة بين المكتبين، بل هما نادراً ما يشتركان في حضور مناسبة ما، وجمهور المواطنين في المدينة الجنوبية على قناعة تامة، ويقين منقطع النظير بأن السلطتين التنفيذية والتشريعية باتتا خارج عنايتهم، فهم يسخرون من كوميديا المحافظ التي كثيراً ما يشاهدونها على مواقع التواصل، وهو (يعنّف) أحد المقاولين، تلكأ في تنفيذ تبليط شارع أو ترصيف مقرنص أو حديقة عامة، لا يا صاحب النيافة والفخامة والسيادة والمعالي، خلاص، لا أحد ينصحنا بحديث غير هذا The time is over   ما هكذا يمكنك استمالة مواطنيك الى منطقتك، أنت الآن خارج تغطية الحدث الكبير، أنت وغيرك من أوصوا المواطن المسكين الى اليأس، لقد اسأتم سياسته، هذا الذي سيكون الضحية رقم واحد في انهيار القبو على المقيّدين فيه.
حين تعجز الحكومة عن قمع نزاع عشائري في البصرة، وحين يعتقد المواطن بأنها باتت تشكل الطرف العاجز والمساهم بالصراع في الوقت ذاته، فهي أداة وإرادة العجز عندها لن يملك المسكين هذا سوى انتظار الفاجعة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram