TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خزنة أرشيف للبيع

خزنة أرشيف للبيع

نشر في: 2 نوفمبر, 2012: 05:55 م

كلما إعتراني وهن، او ألمت بي وعكة، وأحسست إن نهايتي إقتربت، يفترسني قلق شرس وأنا أرنو الى الرفوف التي إكتظت بالكتب، ثم أرمق الصناديق والحقائب المحشوة بالمجلات وقصاصات الصحف، والمقالات المرفوضة من قبل رئيس التحرير والمؤشر عليها: غير صالح للنشر، وقد تجاوز عمر غالبيتها الربع قرن، تعتريني رجفة حسرة، وأشفق على هذا النبض الحي من سوء المآل.وتتسعر في صدري الرغبة في بيع هذا الكنز لمن يقدر قيمته،لا لرغبة طاغية في المال، لكن إعتزازا وصونا لما أعتبره كنزي المقدس.

جهرت بسري لصديق قديم، أعرف شغفه بإقتناء الكتب، حد إنه لا يعيد كتابا إستعاره قط، مرددا القول المأثور (مجنون من يعير كتابا من كتبه، والأكثر جنونا من يستعير كتابا ويعيده لصاحبه)!!

أصغى لحديثي بإهتمام، وقال متصنعا اللآمبالاة: من ذا يشتري بضاعة بائرة؟؟ ثم واصل قبل أن يبتلع ريقه:::انا أشتري! أشتري بماية دولار!

حين لمح دمعة مكابرة تترجرج بين جفني ومقلتي، بدأ يهون الأمر علي، قال: الم تبلغك حكاية المؤرخ عباس العزاوي _ مؤلف كتاب العراق بين إحتلالين _ التي أوردها الأستاذ مير بصري في الجزء الأول من سلسلته الموسوعية (أعلام الأدب في العراق الحديث)؟؟ هززت رأسي نفيا. فإستطرد... جمع عباس العزاوي مكتبة ضخمة تضم عشرات الآلاف من الكتب القيمة والمخطوطات النفيسة، وحين إبتنى دارا جديدة على شاطئ دجلة، خصص الدور الأول برمته لمكتبته الفخمة. حاولت جامعة بغداد شراء مكتبة العزاوي، وفاوضته على السعر، وعرضت عليه ماية ألف دينار (تعادل حينذاك ثلثماية الف دولار) وكانت تعد ثروة ضخمة آنذاك. لكن العزاوي رفض العرض، وقال للسفير المصري الذي زاره بمعية وفد ثقافي، وسأله: ألا يخشى أن تؤممها الدولة؟ قال العزاوي وهو يشير إلى نهر دجلة الذي لداره إطلالة على شاطئه:: سأرميها في النهر قبل أن يستولوا عليها!!

رحل العزاوي، وناش اليتم الذليل مكتبته الثرية ذات الأصول والفروع..

ذات ضحى، حضر حمالون متبرمون لدارة العزاوي، وضعوا تلك الكنوز المعرفية والمخطوطات التي لا تقدر بثمن في سيارات الحمل، والقوا بها - كيفما آتفق - في قبو من أقبية مكتبة المتحف!! أما الثمن المدفوع فيذكر مير بصري إنه لم يتجاوز السبعة عشر ألف دينار.!!

يعني بتصريف تلك الأيام: ثلاثة دولارات! وبتصريف هذي الأيام،، ربع دولار فقط لا غير.

ما أبخسه سعر المعرفة في أسواق النخاسين؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram