يسير في شوارع العاصمة بغداد وطرقاتها، عددٌ من السيارات يعادل ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية لها.. ربما عاصمتنا تتفرد في هذه الظاهرة التي تشكّلت منذ أن شرعت حدود البلاد أبوابها أمام تدفّق السيارات على مدى سنوات عدّة منذ 2003، في ما يشبه التسونام
يسير في شوارع العاصمة بغداد وطرقاتها، عددٌ من السيارات يعادل ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية لها.. ربما عاصمتنا تتفرد في هذه الظاهرة التي تشكّلت منذ أن شرعت حدود البلاد أبوابها أمام تدفّق السيارات على مدى سنوات عدّة منذ 2003، في ما يشبه التسونامي.
المعطيات التي تقدمها مديرية المرور العامة، تؤكد أن، الطاقة الاستيعابية لشوارع العاصمة تبلغ 500 الف سيارة كحدٍ أعلى، بينما عدد السيارات العامل في هذه الشوارع يبلغ مليوناً و500 الف سيارة. تتباين الآراء بشأن أسباب عدّة أسهمت في تفاقم هذه المشكلة، منها الاستيراد المفرط وغياب الخطط لإنشاء طرق ستراتيجية جديدة لتقليل الزخم الحاصل في الشوارع، وعدم تفعيل النقل الجماعي بالباصات وطرق السكك الحديد والنقل النهري.
وفي مقارنة ما بين مشروع قانون موازنة 2017 وقانون موازنة للعام 2016، لوحظ إلغاء الحكومة فرض ضريبة مبيعات على بعض البضائع المستوردة كالسيارات، كما نصّت في المادة 24/ ب في موازنة العام 2016، على أن تفرض ضريبة المبيعات على البضائع المستوردة ويعمل بها لحين تفعيل قانون التعرفة الكمركية، ومنها السيارات بأنواعها 5% على أن تستوفى عند التسجيل في دوائر المرور، مما أسهم في إغراق السوق بهذه البضاعة.
مديرية المرور العامة ووفقاً لتصريحات المتحدث باسمها عمار وليد، تشير الى أن الطاقة الاستيعابية لشوارع العاصة بغداد التي تم انشاؤها في بداية التسعينيات صمّمت لتستوعب (500) ألف سيارة كحدٍ أعلى، مستدركاً أن، الزيادة الهائلة التي حدثت في عدد السيارات تفوق قدرة تلك الشوارع، ليصل عدد السيارات الحالي في بغداد الى مليون وخمسمئة ألف سيارة، ما يعني أن مليون سيارة فائض عن الطاقة الاستيعابية، منوهاً الى ضرورة انشاء طرق ستراتيجية جديدة لتقليل الزخم الحاصل في شوارع العاصمة، وهو أمر خارج عن صلاحيات مديرية المرور كونه ضمن مهام أمانة العاصمة بغداد".
لكن رئيس لجنة النقل في مجلس محافظة بغداد علي النعمة، من جانبه يرى في حديث لـ(المدى)، أن عدد السيارات في بغداد كان 275 ألف سيارة بمختلف أنواعها ما بين أجرة وحمل، ما قبل العام 2003، مضيفاً: ولكن بعد هذا العام، زاد العدد حتى وصل لـ3 ملايين ونصف المليون تقريباً بنهاية عام 2016 .
إلا أن هذا العدد تسبّب بزخم مروري كبير في بغداد، كما يبيّن النعمة، معللاً بالقول أن، أمانة بغداد قامت في وقت سابق بتضييق الجزرات الوسطية لامتصاص الزخم الحاصل، مستدركاً، لكن تلكؤ مشاريع امانة بغداد كان أيضاً السبب الرئيس في الاختناقات المرورية الحاصلة يومياً في بغداد، كون الأمانة هي المسؤولة عن تنفيذ المشاريع الخدمية داخل العاصمة.
الخبير في شؤون النقل والمواصلات فهمي خليل، يرجّح في حديث لـ(المدى)، أن أكثر من 4 ملايين سيارة بمختلف أنواعها موجود في العاصمة، بين سيارات أهالي بغداد ومن يدخلها من المحافظات الأخرى، مبيناً أن، هنالك زيادة سنوية تصل إلى نحو 17%، وتقف العاصمة بغداد اليوم في المرتبة الأولى من حيث عدد السيارات، حيث وصلت نسبتها من مجموع أعداد السيارات بحدود 38% ما شكّل الثقل الأكبر على الدولة والحكومة المحلية ودوائرها الخدمية والتنظيمية".
كما يؤكد خليل، أنه وبعد معاينة تلك النسب والأرقام، نجد أن هنالك تحديات ومسؤوليات كبيرة على الدولة، كون الطرق لا تستطيع استيعاب هذا العدد الهائل من السيارات، مما يتسبب باختناقات مرورية وحوادث عرضية بشكل مستمر، مبيناً في الوقت ذاته، أن حل هذه المشكلة يبدأ بوضع آليات وشروط، من بينها رفع التعرفة الكمركية بنسبة اكبر على سيارات الصالون مما هي عليه بالنسبة إلى السيارات الانتاجية (بيك اب لوري مواصفات خاصة) وتوجيه هذه الزيادات لدعم صيانة الطرق الداخلية والخارجية كي تسهم في تخفيض الزخم وتقليل صرف الوقود".
ويختم بالقول، أن "على الدولة اتباع مبدأ الثواب والعقاب بالنسبة للسائقين بمختلف صنوفهم، ووضع الإرشادات التي توجّه السائقين مما سيسهم في تقليل حركة السيارات، فضلاً عن تفعيل عملية النقل الجماعي بالباصات وطرق السكك الحديد والنقل النهري".
وشهدت شوارع بغداد زحامات شديدة بشكل ملحوظ في الأعوام الأخيرة بسبب كثرة أعداد السيارات كما تعاني الشوارع من تخسفات كثيرة، يحصل البعض منها بسبب قدم وتهالك منظومة الصرف الصحي، فيما يقع البعض الآخر في مرور الشاحنات الكبيرة التي تفوق الطاقة الاستيعابية لتلك الشوارع.
والملاحظ هو التوسع المبالغ به في استيراد السيارات التي تدخل الآن للعراق، حيث يرى البعض أنها ليست بالمستوى المطلوب ولم تتحقق فيها مواصفات النوعية والكفاءة وعناصر السلامة للراكب.