آهات وخيبات في زمن تبديد المليارات.. هي صرخة لتأريخ العراق بلا توقف إذا ما قدّر له أن يعترف بلسانه أسوأ مشاهد القتل لخيرة كفاءات الرياضة بسلاح الإهمال بعدما تخلى الجميع - إلا اصحاب الشهامة بمبادرات شخصية - من مسؤولية إنقاذ حياة عديد الرياضيين الأبطال الذين ضاقت بهم سُبل مداواة أنفسهم من أمراض العصر الفتّاكة وعجزهم عن توفير آلاف الدولارات التي تستلزمها رحلات علاجهم إلى الخارج بعد أن يأسوا الشفاء في وطنهم.
هناك قصور واضح في أداء بعض المفاصل المعنية بالاهتمام لحالات مستعصية كهذه، دأبنا على مناشدة أهل المروءة من شاغلي المقاعد الحكومية وغير الحكومية لاستنهاض الهمم وتلقّف المناشدات بسرعة قبل فوات الأوان، وكانت لنا أكثر من تجربة أثبتت فشل آلية الانقاذ وانقطاع حلقة الوصل الأبرز بين الجهة المناشدة سواء الصحفي أم المؤسسة التي يعمل بها الرياضي المريض مع الجهة الحكومية صاحبة القرار لنودّع الأبطال الواحد تلو الآخر نتيجة الأهمال المستمر وغياب القانون الفاعل والإجراء الصارم الذي يمنع الاجتهاد أو التقاعس إزاء الحالات الطارئة.
ما يثير أوجاع القلب، أن العديد من الرياضيين اصحاب الانجاز وشاغلي وسائل الإعلام العربية والعالمية في زمنهم هم أكثر المتضررين من الإهمال، ولا ندري السر في ذلك، هل هناك نفوس ضعيفة تتلذّذ بصرخاتهم وتنتشي لرؤية دموعهم ولا تهزّها توسّلات بعضهم بطلب معونة مادية أو وساطة عاجلة عند مسؤول ؟ نعم ربما نجد من يتعامل باحتقار مع الرياضيين المبدعين لشعوره بالنقص المركّب بعدما تحوّل بين ليلة وضحاها ليكون صاحب جاه ومكتب وقرار يتصرّف بمصائر المبدعين والأبطال كيفما شاء.
أبطالنا يقتلون .. أين الحكومة ؟ انها مسؤولية جسيمة، والحقيقة الموجعة لا تصل اليها، هناك قافلة طويلة من رياضيين أسرى امراضهم المروّعة تمر في طريق الاستغاثة من دون أن يلتفت اليها أحد إلا بعد أن تجلجل فضيحة إهمالهم عبر الصحف أو القنوات التلفازية، أو ينبري أحد زملاء البطل للقاء رياضيي اللعبة في بيته مقترحاً جمع تبرعات عينية لعلّها تسهم في توفير أموال العلاج وهو يعلم في قرارة نفسه عدم كفايتها، ولنا في مرض بطل الملاكمة الدولي السابق فاروق جنجون، حكاية حزينة كشفت الستار عن خواء قانون الروّاد من بنود مرنة تضمن حقوقهم في المعالجة من الأمراض المستعصية، وقبله خسرنا عشرات الأبطال بسبب ذلك، وهناك من ينتظر استعطاف تاجر أو مسؤول شركة أو جمعية خيرية في المهجر توقف إلتهام المرض لجسده أمام بكاء زوجته وأولاده وهم مصدومون بتنكّر البعض لتضحيات والدهم في الرياضة من أجل الانتصار للعلم والشعب والأرض.
وآخر ضحايا الأهمال البطلة الفريدة في زمن الحصار الظالم ميساء حسين العدّاءة المتميزة سابقاً لركض المسافات المتوسطة والطويلة، وصاحبة خمسة أرقام قياسية في فعاليات 1500متر، 3000متر، 5000متر، 10000متر، ونصف الماراثون، والتدريسية الأكاديمية وعضوة اتحاد العاب القوى ( 2008 – 2012 )، وعضوة المكتب التنفيذي في اللجنة الأولمبية ( 2009 – 2013 )، انسانة عراقية بكل ما تحمل اطباعها من تعاون ونكران ذات، تجد نفسها اليوم محاصرة في بيتها بمرض تليّف الكليتين الذي استنزّف كل ما أدّخرته لهكذا يوم عصيب، وللأسف كل ما جادت به وزارة الشباب والرياضة – حسب قولها - مبلغ مليوني دينار ذهبت مصاريف تذاكر وسكن في العاصمة الأردنية عمّان وتعسّر حالها أمام كُلف العلاج الباهظة لتعود بلا أمل جديد.
نستودع قضية ميساء ومن يماثلها في محنة المرض علي كاظم وأحمد صبحي وكاظم وعل وفاروق جنجون، وغيرهم أمانة لدى ثلاثي رعاة الأبطال رئيس لجنة الشباب والرياضة جاسم محمد جعفر ووزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان ورئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي، لإيجاد معالجات فورية بوسائط حكومية تنهي صبرهم وتنقذ حياتهم من خلال إجراء إداري شفّاف يصون كراماتهم، فهل من مستجيب؟
الأبطال يُقتلون.. أين الحكومة؟
[post-views]
نشر في: 7 مارس, 2017: 03:41 م