adnan.h@almadapaper.net
بعد ما يزيد على سنة ونصف السنة ، لم نتبيّن أي حكمة في إلغاء وزارة مهمة للغاية، هي وزارة البيئة، لتلحق بوزارة بالكاد تستطيع أن تؤدي واجباتها بالحد الأدنى، هي وزارة الصحة، فمشاكل البيئة في العراق تفاقمت في السنة ونصف السنة الماضية ، بسبب بقاء الحال على ما كانت عليه من دون علاجات فعالة، واشتداد الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي لتحرير محافظة نينوى.
مناسبة هذا الكلام التحذيرات الجديدة الصادرة عن منظمة الصحة الدولية.المديرة العامة للمنظمة مارغريت تشان أبلغت بي بي سي في مقابلة أن تردي نوعية الهواء يمثل مشكلة أوسع نطاقاً بالمقارنة مع فيروسي نقص المناعة المكتسب وإيبولا( الحمّى النزفية)، ونبهت إلى أن ذلك له انعكاسات سلبية على الأطفال، وأوضحت أن المخاطر البيئية - مثل تلوث الهواء في الأماكن المغلقة والأماكن المفتوحة ودخان التبغ غير المباشر وتردي الصرف الصحي والنظافة غير الكافية - تودي بحياة 1.7 مليون طفل دون سن الخامسة سنويا.
لا أظن أن في وسع أحد الزعم بأن الهواء العراقي غير ملوّث أو أن تلوث هوائنا هو في مستويات مقبولة. لا يمكن لهوائنا إلا أن يكون ملوثاً جداً مع غياب الرقابة الصحية والبيئية على المعامل والورشات الصناعية، إضافة الى الاعداد الكبيرة للغاية من السيارات المزدحمة بها مدننا وهي في معظمها من النوعيات الرديئة التي تضاعف من تلوث البيئة وبخاصة السيارات الصينية والايرانية، مستخدمة البنزين وانواع الوقود الأخرى رديئة النوعية هي أيضاً. ومما يزيد في تلويث هوائنا هذا الانتشار المروّع للنفايات والازبال في شوارع المدن وساحاتها ودرابينهاوحتى حدائقها ومتنزهاتها. ومرة أخرى يمكنني الزعم بأنه لا يوجد متر مربع واحد في مدننا خال من الازبال.
حتى مياهنا ملوثة بدرجة كبيرة، ويمكنني أن أشير هنا الى الرسالة الفيديوية التي بثها أخيراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي وزير الموارد المالية حسن الجنابي مهيباً بالمجتمع أن يكفّ عن رمي الفضلات والمخلفات في الأنهار والأقنية لأنها ليس فقط تلوث المياه وانما ايضا تعيق مجرى الماء فيها .
منذ سنتين صدر تقرير موسع عن البيئة العراقية ( موسوعة البيئة العراقية) أظهر أن بيئتنا تعاني من نوعين من المشاكل، أولهما يشتمل على المشاكل المألوفة في سائر البلدان كتلوث الارض والمزروعات بالكيمياويات (المعقمات والاسمدة)، والكم الهائل من السيارات بما تجلبه من دخان وضجيج وزحام وحوادث، والنمو الهائل للمجمعات السكنية المحشورة بالملايين من السكان من دون توفر الشروط الانسانية والصحية، ورمي الملوثات الكيمياوية والصناعية في الطبيعة بسبب ضعف الرقابة وفساد الاوضاع، وغيرها من المشاكل البيئية المعروفة في العالم أجمع. أما النوع الثاني فيشتمل على المشاكل البيئية المختصة بالعراق وهي مما يجعل البيئة العراقية واحدة من أكثر بيئات العالم خطورة وخراباً وأذى للانسان: جفاف الفرات ودجلة، التلوث الحربي والاشعاعي، سرقة وتدمير الآثار، وموت بساتين النخيل. وهذه المشاكل الاربع بالذات ، كما يؤكد التقرير، هي جميعاً من صنع البشر ولا علاقة للطبيعة بها.
بيئتنا في خطر كبير وصحتنا في خطر أكبر، بسبب تدهور حال بيئتنا فضلاً عن الاسباب الاخرى. وإعادة وزارة البيئة الى العمل ضرورة، فوجودها قبل حلّها لم يكن ترفاً.