فعلى سبيل المثال أوديب يعرف تريسياس سلفاً عندما اهتدى بذلك الرسول أنكليوس الذي سيظهر لاحقاً كازكيلو (دوره بشكل طارىء وبشكل دقيق كوسيط بين تريسياس وأوديب ) المبتدىء تريسياس، وهذه هي النقطة التي عندها تلتقي مراحل تطور الفرويدية والماركسية المدنسة والطف
فعلى سبيل المثال أوديب يعرف تريسياس سلفاً عندما اهتدى بذلك الرسول أنكليوس الذي سيظهر لاحقاً كازكيلو (دوره بشكل طارىء وبشكل دقيق كوسيط بين تريسياس وأوديب ) المبتدىء تريسياس، وهذه هي النقطة التي عندها تلتقي مراحل تطور الفرويدية والماركسية المدنسة والطفولية مثلما تصورتها أن تكون .
وبعدئذ ثانية انتصر فرويد في التتابع مع سيفنكس وهو الوحيد في ذلك الذي غيّر بتطرّفٍ (بعيد عن استبدال أنتيغون بانجيلو) في الحقيقة ، لم يعرض أحجية ولكنه طلب من أوديب أن يوضح أو يفسر اللغز الذي احتواه بنفسه ، وقد رفض أوديب وأودى بسينفكس الى الهاوية التي أصلاً خرج منها ، وبقليل من الكوميديا قصّ الحقيقة ، لقد عرف بارجاعه للهاوية أنه بوده أن يكون قادراً على الزواج بأمه ، وهكذا تناولنا هنا حالة سمعية مرئية من التنحية أو العزلة ، أنا أريد أن أؤكد على الحقيقة الآن وفي السنة الخامسة والاربعين من العمر إنني قد انبثقت من برية أو صحراء العقيدة الفرودية الماركسية ولكن الى أين وصلت ؟ وأنا ما حلمت بالتأكيد ابداً بأن أكوّن علاقة حب مع أمي ، ربما كان من المفترض عليّ أن أشير الى اثنين أو ثلاثة من القراء الذين بقوا معي الى هذا الحد ، الاثنان من الأسطر عن ( عندليب الكنيسة الكاثوليكية ) الحلم ( الذي فيه تلبسني أمي بنطلونا ) وإذا أي شيء آخر قد حلمت به غير أن اقع في والدي (مقابل الخزانة ذات الادراج في غرفة النوم التعيسة الصغيرة التي نتشارك أنا وأخوتي) وربما لأخي كذلك ، وانا ما حلمت بان أحب نساء الحجرة ، طبعاً لم أحصي الأحلام التي تكررت مرات عدة طوال حياتي حيث اتسلّق وبلا حدود مدرجات السلالم الكئيبة في البيوت الكئيبة باحثاً عن أمي التي اختفت ، ولكن بعد كل ذلك ولبعض الوقت منذ أن تناولت مثل هذه الاحلام ، كان لسيلفانو مانغانو نفس رائحة زهور الربيع حولها والتي كانت لأمي عن شبابها ، ولكن فرانكو سيتي بشكل مؤكد ليس لديه مشتركٌ معي يحفظ عظام وجنتيه البارزتين قليلاً ، وهذا بسبب أنه مختلف جداً عني حتى مع عقدة النقص الشنيعة وعقدة الذنب عنده التي اخترته كبطل ، وما يؤديه ليس دراما وديه، بل تراجيديا الاحداث ، بعد ذلك حركت أوديب بواسطة قوى خارجية على خشبة العالم الغامض ،بل الواقعي ، فرانكو سيتي في جهل تام لهذا وكأنه يعيش بعيداً عن مأساته في الهواء الطلق فهو يرى ولكن ضحية عدوانية ، نستطيع ان نقول الآن أن السينما وسيط ميكانيكي الذي يجمع ويحصد الواقع ، واقع لا غنى عنه ويحفظه ( وكأنه كان في حقيبة ) في فيلم خاص ، من جانب آخر يكون الواقع ميتاً ويحسب على الماضي حيث يلم أو يجمع في فكرة ، في تركيب ، في خلق مثل هكذا تركيب ، فأولاً وقبل كل شيء لقد أستهلكت (70000) متر من رصيد الفيلم ، مع أن في الواقع كان من المفترض أن استخدم (70) بليون ، فتركت المأساة لتأخذ مجالها ، لكن كان هناك عنصر مبهم لوضعي أو حالتي ، فالجمالية والطرافة التي أذنت لتوهجي كانت غير موثوق بها ومشينة وذلك لأنها نموذجٌ للعقل البرجوازي ، بيد أن في نفس الوقت كانا في الحقيقة حقيقة وواقعية لأنهما يعودان الى انسان يربط الاشياء عميقاً في الماضي ، لكن دعنا نعود الى المشاكل التي كنا نناقشها كلغويين وسيميائيين هواة ، دعنا نفترض ان مورافيا أراد أن يصف شخصية في واحدة من رواياته سيلفانو منغانو كأرباسينو عملت مع دومينا أركاتوني ، مورافيا اراد أن يؤثر بالتاكيد على تحول مانغانو الى رواية مع الكثير من الكياسة والموضوعية واوضح من أرباسينو ، للآن لم يتمكن مورافيا أن يصنع أكثر من الكتّاب الآخرين ، فهو ملزم باستخدام نظام الرموز المكتوبة والمحكية ( إيطاليتنا الحبيبة) ويُكيّفها لفكرة الشخص ، فهو ملزم بصياغتها بنظام الاسلوب ، أليس كذلك ؟ فالرموز التي استعملها مورافيا هي دلائل من الطبيعية ، فما هي العلاقة بين التجربة الواقعية التي حصل عليها مورافيا من مانغانو ( ومانغانو نفسها في الواقع) وكمثل نظام الرموز الدلالية ؟ وهي المشكلة الكبيرة ، فهناك فقط شيء واحد استطيع قوله عنها وأنا متأكد من ذلك : أن القارىء لعمل مورافيا يُسهم في نوع من العملية الكيميائية (وهذه دائماً تكون في المتناول حين يتطلب التوضيح) فهو يحل عقدة ، نوع دلالة الرموز ويعيد تكوينها في خياله وذلك من خلال تجربته في الواقع ، الواقع المعيشي لمانغانو ، وهكذا فان التتابع مانغانو في الواقع وتحول هذا الواقع الى رموز دلالية ، وإعادة تكوين بناء مانغانو في الواقع ، فهل اللغة بعد ذلك لاشيء غير كونها واسطة ؟ سيصف مورافيا عيون مانغانو وخدودها الشاحبة وحواجبها المرسومة وحنجرتها البارزة ورائحة زهور الربيع خاصتها ( وهو سيعملها بشكل رائع) لكن كل هذا ليس سوى عمل ساحر لنقل تجربته الخاصة بواقع مانغانو الى تجربة نفس هذا الواقع الخاص بالقارىء ، طبعاً لا يفترض بنا ضياع رؤية الحقيقة التي هي العنصر المهم الوحيد في هذا التتابع ، وهي مانغانو نفسها ، من خلال لغة لشخص ما نقلها من واقع الى واقع ، فأي شخص ملزم بأن يكون (براهما ) يستخدم تجارب البشرية المعكوسة الصورة كمساعدة في تأمل الذات ، وبعد ذلك ثانية دعنا نفترض أنها ميكاس أو أي أحد آخر من السينما الجديدة ( والتي لها وبشكل وقتي تناولت العاطفة كثيرا جداً ) وهو واصفاً مانغانو ، من الممكن عمل من دون فارق يذكر ، وأنا ذاكراً هذا لرفض الجدال هذا الرائد الطليعي ، ذلك الذي يعدنا بالكثير جداً من التطورات الجديدة ، تخيل محاولة وضع الصور على صحائف منفصلة لتقويم معين كأنهم يمزقون واحداً بعد الآخر ، ونفس الشيء سيطبق مع ميكاس ، من خلال الاغصان الميتة قبالة السماء الزرقاء ، وينبغي عليّ أخذ نظرة سريعة للاطفال الذين يرمون كرات الثلج واحداً على الآخر ، الأحبة الشباب المبتهجون يتنقلون وأذرعتهم متشابكة نحو الجادة الخامسة ، الأسود الوسيم ذاهباً صوب النفق للغانديلي الفينيس وايضاً لملامح مانغانو، فالاختلاف سيكون واحدا من النوع : الذي ربما سيعطي مورافيا مانغانو واقعاً كثيراً جداً ، ومعنى كشخصية ، بينما ميكاس سيعاملها بلا أكثر احترام من شخصية ما في رواية فتاة مدرسة بعيدا عن تأثيرات الطريقة الخاصة للمؤلف، فان هناك بالتأكيد فارقا مابين التحول المحتمل لمانغانو الى شخصية معينة عند مورافيا وتحولها الى ميكاس ، لقد ذكرت هذا مرات عديدة من قبل لكنها تستحق الإعادة ، فمورافيا أعاد تقديم واقع مانغانو لي كقارىء مع هيكلية النظام الأسلوبي اللغوي المؤلف من دلالات ، من جانب آخر فإن ميكاس قدّم مانغانو لي مع اطار واقعها نفسه ، بعبارة بسيطة فان ميكاس صنعها بطريقة سمعية مرئية ، إن إعادة الانتاج السمعي المرئي لمانغانو هي إذن لاشيء غير ترميزها المجازي .
لم يكن هنالك سيميائي ، لقد قلت هذا من قبل ، وميتز المسيحي سماها بشكل مؤدب حلم ، بينما سيزار سيغر ، فقدرته كأستاذ جامعي سيدعوها شخصاً مخادعاً ، كما ذكر على سبيل المثال سيلفانو منغانو ، كواقع مع صوتها ذاته ، مانغانو الواقعية ، كلغة أو وصف ، أن السيميائية قد امتدت لأكثر من الواقع ككل في أبحاثه عن اللغات النوعية ، لكنها لم تأخذ بنظر الاعتبار لحد الآن كل الواقع كلغة ، وبذلك فإنها حتى الآن لم تصبح فلسفة ، دعنا نفترض أن ذلك الاستاذ مورست لديه هذه الفكرة ( الحلم بالنسبة لميتز ، وكمخادع بالنسبة لسيغر ومساعديه ) ويتطلب ان يوصف أو يذكر المصطلحات السيميائية لواقع مانغانو كلغة ، فكيف سيكون مثل هكذا وصف لواقع مانغانو كلغة تختلف إذا بدل من كونها منظورة في الحياة ، فهي كانت منظورة على الشاشة وذلك كرمز مجازٍ لنفسها ؟ بالتأكيد سيكون هناك بعض الاختلافات (رائحة ورود الربيع مثلاً) ولكن في جوهر علم السيميائية لمانغانو الواقعية كلغة وعلم السيميائية لمانغانو كرمز لغوي مجازٍ سوف لا يختلف كثيراً جداً .
مانغانو تعيش في الوقت المحدد غير مدركة وحتى محتقرة ومزدرئة لجمالها ، فقد كرست نفسها مثل (شينا شيتا) لمهمات يومية متواضعة ، لأطفالها وعائلتها ، للاشياء التي هي مهمة لأي امرأة ، أن كل من هذه النشاطات ، على أي حال ، لها مدة زمنية من ناحية الثواني والدقائق أو الايام ، يتبادر الى الذهن التقدم البطيء الراسخ الذي يتسم به الطريق المؤدي الى مرض السل ، يجب ان نكون متفاهمين مع الزمن المادي الذي تعيشه مثل أي شخص آخر ، فحقاً اننا استطعنا ان ننكر كل هذا ، وكرواد طلائع متنوعين نلزم انفسنا بذلك ، وهذا يشمل فوق كل الانتهاكات المآسي الاولى للفكرة التي علمنا كله من الوقت ، فالواقع ان لاسبيل أفضل من التفاهم مع النفس والمعيشة بشكل سلمي ، التفكير فقط في الغد من ان تستنعمل الكلمات لتحطيم الزمن ، فانت لن تقدر ان تدعوني كأحد أؤلئك المتسكعين أو مهرجي البلاط ، فانا سائر بشجاعة لمواجهة مشكلة الزمن كما فعل فلو برت أو لاديلي .
إن كتابة السيناريو كفنان مقلد ، تناولت جوكاستا ممثلاً عبر الزمن وحتى بالرغم من كونها شخصية خالدة لم تكن سوى إنها تمتلك الحسن العالي والارادة غير المدركة ، لكن اي غنى وتنوع نجده في مخلوقات امتد عمرها لحظات ، وأي اشباح ممسوسة وغير مترابطة بشكل لا يصدق في حينها اتخذت مثالهم الموت الذي سيشذب حياتهم الى سلسلة من اللحظات السامية ، التي ستحولهم الى احجيات كالتي حينها ستهيم على وجهها وتتكاثر من دون تطور مثل قناديل البحر في الماء، فهذه تحول وتغير اشكالها بطرق لا تصدق حتى الموت ( لكن كيف يكون محتملاً أن تكون هذه الاشياء قادرة ان تموت ؟ أنا اريد أن أجعل الأمر جلياً ، انا لا اعتقد ان مخلوقات مثل هذه ممكن ان تكون ميتة ) تجميدها في شكل تام ، عند هذه النقطة التي طرحت مشكلة العلاقة بين واقع مانغانو كلغة في الحياة وواقعا كلغة بدلالات السينما.
نحن يجب ان نبدأ مقارنة واقعا كلغة في الحياة وواقعها كلغة دلالة في فيلم ما : ذلك هو الواقع بقدر ما اهتممت بمنغانو/جوكاستا ... ولكن مسبقاً كان هناك كلامٌ كثير للشخصيات في الافلام و للوسائل الجليلة التي فيها تعامل المخرجون معها .
• ترجمة المقال مهداة الى الناقد (حمادي كيروم)