اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > بسبب الإهمال والحجّاج الثقفي..المدرسة الشرابية في واسط صرح آثاري بطريقه إلى الزوال

بسبب الإهمال والحجّاج الثقفي..المدرسة الشرابية في واسط صرح آثاري بطريقه إلى الزوال

نشر في: 12 مارس, 2017: 12:01 ص

على مقربة من مدينة واسط، لاتزال ثمّة آثار لم يتبق منها سوى بوابة المدرسة الشرابيّة في واسط، التي بنيت سنة 1234 ميلادي، بعدما اندثرت كل أجزائها. التي كانت تشتهر بالزخارف التي تزيّن هذه العمارة العباسية في بغداد، والتي تعد من أجمل ما صنع من الزخارف الإ

على مقربة من مدينة واسط، لاتزال ثمّة آثار لم يتبق منها سوى بوابة المدرسة الشرابيّة في واسط، التي بنيت سنة 1234 ميلادي، بعدما اندثرت كل أجزائها. التي كانت تشتهر بالزخارف التي تزيّن هذه العمارة العباسية في بغداد، والتي تعد من أجمل ما صنع من الزخارف الإسلامية، وذلك لدقة صنعها وروعة منظرها، وتنوع أشكالها، وانسجام تنسيقها، وبديع تركيبها. المدرسة التأريخية يعود تأسيسها إلى العصر العباسي، وقد بناها" شمس الدين أبو الأزهر أحمد بن الناقد"، وكيل الخليفة المستنصر بالله في عام 1230م. لكنها اليوم تحتضر وأيدي التخريب باتت تطولها بشكل متعمّد ما ينذر بزوال صرح آثاري علمي مهم..

إطلاقة طرد الشؤم
المواطن محسن غافل بيّن لـ(المدى) أن هناك (4000) دونم تعدّ مدينة آثارية كانت مسيّجة قبل 2003 مع وجود باب منظّم لدخولها، إلا أنها تعرضت لعمليات حفر وتنقيب عشوائية من قبل مهربي الآثار، بالإضافة الى تجاوز الأهالي. مضيفاً: أن سكان المنطقة ينظرون لها نظرة شؤم كونها ترتبط بأسم الحجاج، حيث ثمة عرف سائد، أن من لم يوفّق في الصيد بالمنطقة، عليه أن يطلق رصاصاته في صدر البوابة. مبيناً: أن التجاوزات أخذت تطاله من كل حدب وصوب، إن كان لعدم الاهتمام بهذا الصرح أو لغياب الحماية اللازمة فكل تلك المساحة تحت عينيّ حارس واحد.
وأضاف غافل: أنه في مثل هكذا أيام ربيعية، غالباً ما يتجه أهالي مدينة واسط، الى تلك الآثار لقضاء بعض اوقات الراحة والاستجمام. موضحاً: أن بقاء اهمال هذه المدينة وخاصة المدرسة الشرابية، سيكون سبباً رئيساً بزوال حقبة تاريخية مهمة، إن كان لتاريخ البلاد أو لمدينة واسط. داعياً: وزارة الثقافة والسياحة الى تبني مشروع تأهيل وحماية هذه المدرسة التي تعد من المدارس الشهيرة في التأريخ العربي العلمي.
فيما بيّن المواطن باسم كاظم لـ(المدى) أن المحافظة على ما تبقى من آثار مدينة واسط الآثارية، بات مطلباً جماهيراً ملحّاً، كونه يحافظ على جزء من تأريخ المدينة ويحكي عظمتها في فترات سابقة. مشيراً: الى الدور العلمي المهم الذي لعبته المدرسة الشرابية في نشر العلم والمعرفة. لافتاً: الى أن الحقبة التي تأسست فيها يمكن عدّها بالذهبية، كونها جاءت متماشية مع عصر النهضة الإسلامية.

الحجّاج يمنع التأهيل والحماية
سبق وأن تم الاتفاق مع وزير السياحة لواء سميسم، قبل أن تدمج الوزارة مع وزارة الثقافة، إذ أرسل لجنة وزارية بالتنسيق مع دائرة آثار واسط، لكشف الموقع واعادة تأهيله، لكن التقشف حال دون الشروع بالتنفيذ، المؤرخ الدكتور محمد فهد القيسي تحدث لـ(لمدى) هناك جهل كبير لتأريخ مدينة واسط الموغل بالقدم، الممتد من الحضارة السومرية وحتّى العصر العباسي الذي شهد بناء المدرسة الشرابية. مردفاً: حيث اصبح وعياً جمعياً ضد هذه المدينة، بسبب بناء الحجّاج بن يوسف الثقفي لمدينته هناك التي توجد اليوم شواخصها. مضيفاً: مما جعل المسؤولين ينأون بأنفسهم عن جدلية استحقاق الاهتمام وتخصيص الأموال أم لا، خصوصاً وأنه لا يحظى بذكر طيّب. في حين أن الاهتمام بالآثار والحضارة لا يخضع لهوية المؤسس وانتمائه وتأريخه، وإن الحجاج لا يعد سوى حاكم خضعت تلك المدينة لسيطرته.
وبشأن الخراب الذي طال المدرسة أكد القيسي: أن آخر ترميم للموقع حصل في الخمسينيات من القرن الماضي. مبيناً: أن المدرسة الشرابية والجامع الكبير فضلاً عن دار الجند وقصر الإمارة، وهي على الأغلب مندثرة، وما تبقى منها فقط الأساسات، بحاجة إلى تدخل سريع وحفظ وحماية المتبقي من هذه الآثار، الذي لن يتجاوز عام ٢٠٢٠. مستطرداً: أما نظام الإنفاق الذي كان إحدى وسائل المناورة العسكرية والأمان للأمير في حينها للدخول إلى قصره والخروج منه وتفرعات هذا النظام الأرضي للتنقل، قد ينهار عاجلاً أم آجلاً، مالم تتحرك الحكومة المحلية أو المركزية وتعالج الموقف.
وأضاف المؤرخ القيسي: أن المخلفات الآثارية المتنوعة التي عثر عليها من عمارة وفخار ودمى وصناعات متنوعة، تشير الى التطور الفكري والاقتصادي والاهتمام الفني. مردفاً: فقد وجدت بكميات كبيرة، الأواني الفخارية المزججة وغير المزججة بأشكال وزخارف متنوعة ومصنوعة من طينة وردية اللون ناعمة ومزخرفة بأشكال هندسية باللون الأحمر. لافتاً: الى العثور على فخاريات مختومة تعود للعصرين الأموي والعباسي ودمى تعود الى العصر العباسي مصنوعة من الطين على هيئة فرسان وعازفين وراقصات وآلات طرب وغيرها من التماثيل الكثيرة.

الروتين يعرقل دور المنظمات الأممية
مسؤول إعلام اليونسكو ضياء السراي تحدث لـ(لمدى) أن المدرسة الشرابية أو ما تبقى منها متمثلاً بالبوابة الرئيسة والتي بنيت 663 للهجرة في مدينة واسط الأثرية، فهي اليوم على وشك الانهيار وقد طالتها يد التخريب والعبث من قبل جهات مجهولة. متابعاً: وعلى جانب آخر أكثر خطورة، أثرت يد العامل البيئي على المعلم من دون أي تدابير حماية أو صيانة تذكر من قبل الحكومة المحلية أو حتى الوزارة المعنية. وبشأن دور مكتب اليونسكو في العراق من هذه التجاوزات، بيّن السراي: أن مكتب اليونسكو في العراق يعتمد في استجابته على موقف الحكومة المركزية وكذلك الحكومة المحلية، وكلتاهما يجب أن يخاطبا اليونسكو ليكون بمقدورها التدخّل رغم أن المنظمة ترصد أي ضرر يصيب الآثار العراقية وترفعه بتقاريرها السنوية أو الدورية.
وأكد السراي: أن المنظمة على أتمّ الاستعداد للتعاون في هذا الشأن وابوابها مفتوحة لأية محافظة عراقية دون أي تمييز. مستدركاً: لكن هنالك معايير تلتزم بها المنظمة للتعامل مع ملف الآثار والتراث، منها قانون الآثار العراقي الذي أناط المسؤولية كاملة بوزارة الثقافة العراقية، فباتت هي الجهة المخوّلة بالتحرك باتجاه المواقع الأثرية في العراق. مسترسلاً: وعلى الجانب الآخر، فإن نقل الصلاحيات الى مديريات الآثار في المحافظات حوّل الكرة إلى ملعب الحكومة المحلية ومجلس المحافظة.
واستدرك مدير مكتب اليونسكو في العراق: لكن اللجنة العليا لشؤون المحافظات في رئاسة الوزراء هي الأخرى لها كلام في إقرار أي مشروع بين المنظمة الدولية والمحافظات. مردفاً: إزاء هذا التداخل والتعقيد، فإن دور المنظمة يكاد يكون الأضعف تقريباً، إن لم يبادر الطرف العراقي ويتحرك جدياً للحفاظ على آثاره ومن بعد ذلك تستجيب المنظمة وتستدعي أدواتها الضرورية لحماية المعالم الحضارية والآثارية في العراق .

خطة إعادة تأهيل وصيانة
الخبير الاقتصادي مضر الحسناوي ذكر لـ(المدى) أن آثار واسط بموقعها المتميز في منطقة زراعية تمتاز بمناخ ربيعي رائع يجعلها قبلة للسيّاح, من حيث كونها معلما حضاريا مهما إضافة لطبيعتها الخلابة. مستغرباً تجاهل الحكومة لهذه المدينة وعدم استغلالها، لتشكل موردا اقتصاديا مهما للمحافظة، لو استغلت بالشكل الأمثل، سيما توفير مقومات السياحة الاساسية كالماء الكهرباء وطرق النقل المعبّدة. موضحاً: أنه لو تم الاهتمام بها واعادة تأهيلها بنظم علمية، ستكون موقعاً سياحياً واقتصادياً مهماً.  
أما الباحث والمؤرشف عادل الربيعي، فقد شدد على اهمية حماية ما تبقى من المدرسة الشرابية، التي تعد عنواناً مهماً من عناوين مدينة واسط الآثارية. مستطرداً: أن البعض يتعمد هذا الاهمال بحجة أن مؤسس المدينة (الحجاج بن يوسف الثقفي) مؤكداً: أن هذا فهم قاصر لمعنى التاريخ واهمية الآثار التي يجب أن تُبعد عن كل أنواع الصراعات الفكرية.
وأضاف الربيعي: أن الكثير من القصور والمدارس والمساجد التي بنيت في عصور سابقة بأوامر من حكام وإن كانوا طواغيت، يجب المحافظة عليها لأجل أن تكون شاهداً. مبيناً: أن ربط اعمار وتأهيل الاثار بأشخاص أمرٌ في غاية الاستغراب وينمّ عن جهل المسؤولين بأهمية الآثار. داعياً: الى ضرورة وضع خطة لتأهيل وصيانة آثار واسط وحمايتها من كل وسائل التخريب.
تعد منارة المدرسة الشرابية التي ترتفع 11 م، من أبرز المعالم في مدينة واسط الأثرية، اذ يبيّن الباحثون أن تلك المنارة معرضة للانهيار، بسبب الإهمال والتجاوز من قبل الجهلة والسراق. كما يتحدث الباحثون عن أن واسط الأثرية بذلك الطراز المعماري الفريد الذي اندثر وأصبح أطلالاً، بعد أن دار عليها الزمن وهجرها الناس، ولم تعد هناك جهة تعيد للمدينة مجدها، فذلك الموقع الأثري من الطراز الأول محروم من كل شيء، فليس هناك ماء ولا كهرباء، ولم يلتفت أحد لتبليط طرقها، فقد كان يمكن لموقعها أن يحتل أهمية سياحية كبيرة لو امتدت له يد الإعمار والاهتمام لجذب آلاف السيّاح من بقاع العالم.
الباحث الآثاري هاني حسين بيّن لـ(المدى) يعود تأسيس هذا المكان إلى عصر النهضة الإسلامي، وتعتبر هذهِ البوابة من بقايا المدرسة الشرابية التي كان يقصدها الطلاب من أماكن مختلفة لغرض الدراسة، وتتميز البوابة بفن عمراني راقي. مستدركاً: لكن للأسف، تعتبر حالياً من أكثر الأماكن المهملة، وقد تعرضت مؤخراً الى الميلان والتصدّع بسبب تصاعد نسبة الرطوبة والأملاح الناتجة عن كثرة المياه الجوفية في المنطقة، ماينذر هذا التصدّع بسقوط البوابة الشهيرة. موضحاً: أن هذا الاهمال يطال أيضاً، عشرات المواقع الآثارية في مدينة واسط، والتي يعد بعضها امتداداً للحضارة السومرية العريقة.
وأكد حسين: أن عمارة البوابة التي تعتبر فريدة بطرازها، لاتزال قوية ومتماسكة رغم كل الاهمال والتخريب. مردفاً: بالتالي، فإن امر المحافظة عليها ليس بالشيء الصعب لو توفرت النيّة السليمة لذلك. مشدداً: على ضرورة اعادة اعمال الحفر والتنقيب في محيط المدينة الآثارية، متوقعاً وجود الكثير من الآثار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram