اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تلقيح ضد العنف

تلقيح ضد العنف

نشر في: 2 نوفمبر, 2012: 11:00 م

تداعيات تراجع الأوضاع الأمنية ألقت بظلالها على الحياة الاجتماعية، فانعكست تأثيراتها على الحالة النفسية  للكثير من الأشخاص، فدخل العنف إلى الإطار الأسري، وسجلت مراكز الشرطة في العاصمة بغداد جرائم قتل من هذا النوع وأكثرها بشاعة تلك التي حصلت في حي بأطراف العاصمة ارتكبها شاب بإطلاق النار على أفراد أسرته واحدا بعد الآخر فقتل زوجته وابنه الرضيع وأخاه وزوجته الذين كانوا ينامون على سطح الدار وقتل زوجة والده ولم ينج من هذه المجزرة غير ابن أخيه الصغير الذي أصيب باطلاقة واحدة بيده وهرب إلى الجيران. وظهر في ما بعد أن القاتل يعاني أزمات مالية شديدة أثرت في نفسيته، وبعد أن ارتكب جريمته ذهب إلى اقرب مركز شرطة معترفا بذنبه.
 وفي حادث آخر تشاجر رجل مع زوجته بالأيدي وتطورت المعركة لتصبح بالسكاكين وحين قامت الزوجة بجرح زوجها، اخرج بندقية أطلق منها عيارات كثيرة على جسد الزوجة ولان بناته كن يرغبن في صده عن هذه الجريمة إلا أنه اعتبر موقف الفتيات تحيزا لوالدتهن فوجه فوهة البندقية التي لم يعد يسيطر عليها إلى أجسادهن ليقتل ثلاثاً من بناته كانت إحداهن طالبة جامعية ولم يبق من هذه العائلة سوى الابن احمد الذي كان مسافرا إلى بيت عمه، الأب الآن في السجن، واحمد ابن الثامنة عشرة يعيش الآن وحده في المنزل المهجور.
 وفي حي آخر من العاصمة وإثر مشادة كلامية بين شقيقين استخدم الأكبر مسدسه وسدد رصاصات عدة إلى رأس أخيه الأصغر وبعد أن قتله طلب رب العائلة عدم كشف الجريمة وتضامن معه أفراد العائلة بهذا الرأي وضعوا ولدهم القتيل  في كيس جنفاص ودفنوه في حديقة المنزل. ووضعوا على قبره براميل وأكياس نفايات للتمويه، ورجوا بين الجيران والمعارف خبر سفر ابنهم، سافر للعمل في إحدى المحافظات ولكن شجاراً حصل داخل العائلة جعل الأب يذهب إلى مركز الشرطة ليبلغ عن الحادث بعد مرور شهرين على تنفيذ الجريمة.
مثل هذه الحوادث مسجلة في مراكز الشرطة وبعضها نشر في صحفنا اليومية، وتعزو أكاديمية متخصصة بعلم الاجتماع أسباب حصولها الى تردي الأوضاع المعيشية والأمنية وتفشي الفقر بين معظم الشرائح الاجتماعية واستخدام الأسلحة من دون ضوابط، فضلا عن العقلية الانفعالية التي بدأ يتصف بها الفرد العراقي نتيجة أحداث العنف التي مازالت تعيشها البلاد والشعور بفقدان الأمن.
وتقترح الأكاديمية اعتماد برامج تثقيفية تبث عبر وسائل الإعلام، تشجع على التآخي الأسري ونبذ العنف  والسعي لحل مشاكل البطالة والسكن وإنشاء مشافٍ للمصابين بالأمراض النفسية للتقليل وإشاعة ثقافة التسامح.
 بعد أن كان العراقيون في قديم الزمان يذرفون الدموع أثناء مشاهدة الأفلام الهندية تعاطفا مع أبطالها الفقراء والمساكين لتعرضهم لمواقف مأساوية، ويطلقون الحسرات لفشل بطل الفيلم في إنقاذ حبيبته من رئيس العصابة الشرير، أصبحوا اليوم "واقعا ويقينا" يعيشون تفاصيل مأساة تراجع الملف الأمني وانعكاس تداعياته الخطرة حتى  داخل الأسرة، وقد بات من الملح أن تقوم الدولة بواجبها في تحصين المجتمع  ضد تفشي هذا الوباء الخطر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram