كتب يوهانس برامز (1833 - 1897) عدداً من القطع الموسيقية الخلاّبة التي أسماها رقصات مجرية، وحققت نجاحاً ساحقاً منذ يوم كتابتها حتى الآن. تعرّف برامز على الموسيقى المجريّة مبكراً، عندما عقد صداقة مع عازف الكمان الماهر أده (أدوراد) رَميني (1828 –
كتب يوهانس برامز (1833 - 1897) عدداً من القطع الموسيقية الخلاّبة التي أسماها رقصات مجرية، وحققت نجاحاً ساحقاً منذ يوم كتابتها حتى الآن. تعرّف برامز على الموسيقى المجريّة مبكراً، عندما عقد صداقة مع عازف الكمان الماهر أده (أدوراد) رَميني (1828 – 1898) وهو بعمر الخامسة عشرة في هامبورغ. كان رميني الذي اشترك في الثورة المجرية التحرريّة 1848 – 1849 التي اندلعت بهدف الاستقلال عن الحكم النمساوي قد فرّ بعد فشلها، فذهب إلى هامبورغ، منها هرب إلى الولايات المتحدة بعد مطاردة السلطات الألمانية له، وعاد الى أوروبا في 1953 وجال فيها يقدم الحفلات الموسيقية قبل أن يصدر العفو عنه فيعود إلى المجر في 1860، وسرعان ما عيّنه العدو السابق الذي ثار ضده، الامبراطور فرانس يوزف الثاني، عيّنه عازفاً منفرداً خاصاً له. وقد تصالح النبلاء المجريون مع حكام هابسبورغ سنة 1867، فجرى إعلان ما يسمى بالحكم الثنائي وقيام الامبراطورية النمساوية – المجرية. وقد اعتاد رميني العزف على الكمان يصاحبه برامز على البيانو دون مدونة موسيقية، أي اعتماداً على السمع بطريقة تشبه الارتجال الحالي في موسيقى الجاز، أو مثلما يصاحب الجالغي قارئ المقام لتقديم النسيج الموسيقي الذي يصاحب مراحل بناء المقام. تعرف برامز لاحقاً على المزيد من الموسيقى المجرية بعد انتقاله للعيش في فيينا في سبعينيات القرن، عبر أصدقائه مثل عازف الكمان البارع يوجف يواخيم (1831 – 1907) وغيره، كما قام بزيارات الى المجر مع أصدقائه المجريين.عدد الرقصات المجرية التي كتبها برامز هو 21 قطعة، العشر الأولى للبيانو بأربع أيادي، صدرت في 1869 بجزأين، والباقي في 1880 بجزأين كذلك. بين هذه المؤلفات الأعمال رقم 11 و 14 و16 هي من تأليف برامز نفسه، أي أنه استوحى من الموسيقى الشعبية والغجرية المجرية هذه الأعمال، فهى لم تستند إلى ألحان شعبية أصلية سمعها برامز. قصد برامز من هذه المؤلفات تقديمها في بيوت الأصدقاء، أي أنها لم تكن موجّهة للجمهور العريض، لكنه وبسبب انتشارها وشعبيتها قام بتوزيع عدد منها للأوركسترا. ومنذ ذلك الحين قام العديد من الموسيقيين بإعادة توزيعها لمختلف الأدوات، منهم أنتونين دفورجاك الذي تكلمت عن سيمفونيته الثامنة الاسبوع الماضي، وكانت هذه الرقصات المجرية قد ألهمته لاحقاً لتأليف مجموعته الرائعة الرقصات السلافية كما ذكرت. آخر من وزّع هذه الرقصات الرائعة كان إيفان فيشر قائد أوركسترا بودابست الاحتفالية الشهيرة.
يجري استعمال الرقصات المجرية كثيراً في الأفلام والموسيقى المصاحبة، وعلى العموم استعمل والت دزني رقصات برامز المجرية كثيراً في أفلام الكارتون التي أنجزها، إسوة بالكثير من روائع الموسيقى الكلاسيكية الأخرى، وكان له دوره الكبير في التعريف بهذه الأعمال عبر أفلام الكارتون الناجحة.