يشهد الشارع الكروي العراقي حالة من الترقّب والقلق وهو يقترب من بدء رحلة البحث عن آخر آمال العودة للمنافسة على إحدى بطاقات التأهل لمونديال روسيا 2018 عندما يواجه منتخبنا الوطني نظيره الأسترالي في ملعب باص بباكورة مباريات المرحلة الثانية لتصفيات القارة الآسيوية المؤهلة لكأس العالم القادمة.
المهمة تبدو غاية في الصعوبة وخاصة أن فترة الأشهر الثلاثة تقريباً التي توقفت فيها مباريات التصفيات عقب انتهاء المرحلة الأولى لم تأتِ بجديد سواء بارتفاع وتيرة الاستعداد والتجهيز أم بظهور بوادر تغيير في سياسة التخطيط العقيمة لاتحاد الكرة في كيفية الخروج من الأزمات وتشخيص أسباب الإخفاق المدوّي وتراجع الأداء ووضع الحلول الناجعة في إنقاذ ما يمكن أنقاذه دون رمي المسؤولية في أحضان الملاك التدريبي واللاعبين !
إلا أن ما يميّز المشهد الحالي هو عملية النقد الإعلامي الصامت والودود عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في حالة غير مألوفة سابقاً على الرغم من توفّر القناعة التامة في أن أخطاء الملاكين الفني والإداري هي من وضعت أسود الرافدين في عنق الزجاجة إن لم نقل على أعتاب الخروج من أجواء المنافسة ، وهو خيار تكتيكي يُحسب لراضي شنيشل عندما أشهر الكارت الأحمر في وجه رجال الإعلام والتوجّه بهم الى المحاكم بالاستفادة من حقّه القانوني لكل مَن يعتقد أنه تعمّد الإساءة اليه ، وبالتالي فأنه استثمر الوقت في فرض الهدنة وإسكات الأصوات الناقدة والتقليل من التوتر عسى أن يخرج بنفسه واللاعبين من دوامة الضغط النفسي ويزج بهم في لقاءي استراليا والسعودية بروحية جديدة وطموح أكبر.
من المهم التذكير بأن سمعة الكرة العراقية ستبقى فوق رغبات المكابرة والعناد الشخصي ، وإن ملف رحلة المنتخب في التصفيات ما زال محفوظاً في أذهان الجميع بكل محطّات الفشل التي رافقتها بدءاً من الاستعداد الهزيل وفوضى اختيار اللاعبين وغياب دور الاتحاد في توفير المعسكرات والمباريات ومروراً في القيادة الفنية والأداء العام في الميدان. الأمر الذي يجعل من ذلك الملف مفتوحاً بكل آلامه وأخطائه في حالة استمرار الإخفاق . وهو ما يفرض على الملاك التدريبي الحذر والاستفادة منه في الركون الى الحكمة والذكاء بالتعامل والاستماع الى آراء الخبراء ومساعديه في انتهاج الأسلوب المناسب لكسب أكبر ما يمكن من النقاط وتسليح لاعبيه بالعزيمة والإصرار من دون النظر الى ما هية وقوة المنافس.
إن مباراة استراليا ستشكّل جولة المصير المزدوج لشنيشل والمنتخب بين الانتصار والاستمرار نحو اقتناص كل فرص العبور الى روسيا وبين انتهاء عقد الشراكة بينهم نزولاً لرغبة الجماهير واحتراماً لها وبلا شروط جزائية أو التحجّج ببناء منتخب للمستقبل لم نشهد له أي أسس حقيقية للبناء بعد أن غابت عنه الرؤية الفكرية التي تلائمه وزُجَّ في أتون صراع البقاء حتى بدا المنتخب كهلاً لا يقوى على الصمود برغم الادعاء بأنه في عزّ شبابه!
باختصار .. الجماهير الكروية ستنظر الى لقاء العمر والفرصة الأخيرة بعين الحرص والتفاؤل ، وسيبقى الإعلام والصحافة الرياضية صامتين طوع المصلحة الوطنية حينما يكون صمتهما دافعاً وداعماً لنجاح المنتخب ولمدربه الوطني.
جولة المصير المزدوج
[post-views]
نشر في: 17 مارس, 2017: 09:01 م