نجح العراق في اقناع صندوق النقد الدولي بإطلاق مستحقات المقاولين الذين لهم ديون على الدولة، بمجرد إعلان ديوان الرقابة المالية الاتحادي الانتهاء من تدقيق عقودهم، بحسب ما يؤكده المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء الذي شارك في آخر جولة مناقشات بين السلطات
نجح العراق في اقناع صندوق النقد الدولي بإطلاق مستحقات المقاولين الذين لهم ديون على الدولة، بمجرد إعلان ديوان الرقابة المالية الاتحادي الانتهاء من تدقيق عقودهم، بحسب ما يؤكده المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء الذي شارك في آخر جولة مناقشات بين السلطات العراقية وخبراء صندوق النقد الدولي، بشأن المراجعة الثانية لاتفاق الاستعداد الائتماني.
هذه الجولة من المناقشات التي يطلق عليها (مشاورات منتصف الطريق) عقدت في العاصمة الأردنية عمان واختتمت أول من أمس السبت ويمكن استكمالها في نيسان المقبل.
في حديث الى (المدى) أمس قال د. مظهر محمد صالح إن مشاورات المراجعة الثانية لاتفاقية الاستعداد الائتماني أظهرت تفهماً ونجاحاً باهراً، خاصة وانها تمثل مشاورات منتصف الطريق بين الطرفين ، وستستكمل في اواخر نيسان القادم في العاصمة الاميركية واشنطن اثناء انعقاد المؤتمر السنوي الربيعي لمؤسستي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وأضاف: كان على رأس هذا النجاح هو التفاهم والاتفاق على إطلاق مستحقات المقاولين كافة البالغة أكثر من 4 ترليونات دينار بمجرد أن يعلن ديوان الرقابة المالية الاتحادي اكتمال التدقيق في عقود المقاولين، وبحسب علمنا فان الديوان يوشك على الانتهاء من هذه العملية.
وأفاد صالح ايضا بأن الصندوق طلب بعض التفاصيل الرقمية لتدقيق المتأخرات المالية الأخرى على مستوى الموازنة الجارية، اضافة الى نتائج التدقيقات التي يجريها ديوان الرقابة المالية على فقرات الرواتب والاجور ولاسيما استكمال التقاطع حول من يتقاضى أكثر من أجر أو راتب وظيفي أو تقاعدي من دون وجه حق او خلافاً للقانون، كما سيجري الصندوق إعادة تقييم لتوقعاته بشأن الموارد النفطية للعام ٢٠١٧ مما يقتضي إعادة تقييم فجوة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات وتحليل ما يسمى باستدامة الدين الداخلي والخارجي. وأكد صالح : ان جميع تلك المؤشرات سيتم مناقشتها في نيسان القادم مع الصندوق لتكون جزءاً لا يتجزأ من استكمال متطلبات المرحلة الاخيرة من مشاورات المراجعة الثانية بين العراق وصندوق النقد الدولي.
ومن المقرر ان تعرض بعد ذلك نتائج المشاورات بين الطرفين على المجلس التنفيذي للصندوق للمصادقة عليها في غضون شهر حزيران القادم، ليحصل العراق بعدها على دفعة مالية بمبلغ يزيد على ٨٤٠ مليون دولار أميركي كجزء من اجمالي قرض صندوق النقد المقدم الى العراق بموجب برنامج الاستعداد الائتماني البالغ ٥،٣ مليار دولار . ويقول المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء ان صندوق النقد يجري ست مشاورات رئيسية مع العراق ترافقها سبع مشاورات فرعية، قبل ان يطلق دفعات قروضه بعد استكمال مشاوراته الرئيسة التي تتوزع على مدى ٣٦ شهراً ابتداءً من منتصف ٢٠١٦ ولغاية منتصف ٢٠١٩ وضمن برنامج الاستعداد الائتماني الموقع بين الطرفين .
ويسمح إتفاق العراق مع الصندوق في التاسع من آيار 2016 بتأمين مساعدات مالية دولية إضافية تصل الى نحو 15 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، بفائدة سنوية تصل إلى 1.5 %، علما بأن مجموع ما تسلمه العراق من قرض الصندوق منذ تموز 2016 حتى الآن هو نحو مليار و252 مليون دولار، على أمل ان يحصل العراق ايضا في ربيع العام الحالي على دفعة مالية تزيد عن ٨٤٠ مليون دولار كجزء من اجمالي قرض الصندوق المقدم الى العراق.
في السياق ذاته أكد رئيس بعثة الصندوق في العراق كرستيان جوز في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، ان العراق تضرر بشدة بسبب الصراع مع تنظيم داعش، والانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية منذ عام 2014، ورأى أن الحكومة العراقية استجابت للأزمة المالية العامة، وأزمة ميزان المدفوعات، من خلال تصحيح مالي كبير وضروري، مدعوماً بمساعدة مالية من المجتمع الدولي، موضحا: ففي العام 2016، استمرّ النموّ الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي بنسبة 11%، مدعوماً بزيادة كبيرة في إنتاج النفط الذي استفاد من الاستثمارات النفطية السابقة، ومع ذلك تقلّص الاقتصاد غير النفطي بنسبة 8% بسبب الصراع وتصحيح الأوضاع المالية العامة، لكن يُتوقع في العام 2017، أن يبقى النشاط الاقتصادي خافتاً بسبب تقليص إنتاج النفط بنسبة 1.5% ، بموجب الاتفاقية التي توصلت إليها منظّمة الدول المصدّرة للنفط (الأوبك)، والتعافي المتواضع للقطاع غير النفطي."
وأشار جوز في بيانه الى ان الانخفاض الحاد في أسعار النفط تَسبَّبَ ايضا بانخفاض إجمالي الاحتياطيات الدولية للعراق من 53.7 مليار دولار أميركي في نهاية عام 2015 الى 46.5 مليار دولار في نهاية كانون الأول 2016، لكن اعتبر ان مستوى الانخفاض ما يزال مُريحاً، لكن تظلُّ هناك ضغوط كبيرة تعاني منها المالية العامة، مع بقاء العجز الحكومي عند مستوى 12% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2016، بسبب استمرار ضعف أسعار النفط، وارتفاع الإنفاق الإنساني والأمني، مع ارتفاع مجموع الدين العام من 32 % إلى 64% من إجمالي الناتج المحلي للعراق في الفترة الممتدة بين العام 2014-2016، إضافة لتباطؤ نمو الائتمان وارتفاع القروض المتعثرة لدى المصارف المملوكة للدولة والمصارف الخاصة وبشكل كبير في عام 2016."
وأقرّ جوز في بيانه، بأن السلطات العراقية حافظت على ربط سعر الصرف، وهو ركيزة اسمية هامة، لتبقى آفاقُ النمو على المدى المتوسط متواضعةً بسبب ثبات إنتاج النفط المتوقع، وثبات استثماراته في مواجهة القيود على الإيرادات، والانتعاش المتواضع في النموّ غير النفطي، المدعوم بالتحسّن المتوقّع في الوضع الأمني، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، مع الحاجة إلى المزيد من الإصلاحات لخلق حيّز مالي للنموّ الشامل، وتعزيز بيئة الأعمال، والحدّ من الفساد، وإصلاح القطاع المصرفي لدعم النموّ الذي يقوده القطاع الخاص، والتنويع في الاقتصاد، حالما تنطلق عملية إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد تنظيم داعش، مستدركا لكن تبقى المخاطر مرتفعة، وذلك ينبع بشكل أساس من عدم اليقين المحيط بآفاق أسعار النفط، والوضع الأمني، وعدم التيقن السياسي، مع مواطن الضعف الإدارية.
وتناولت مناقشات عمان التي استمرت أسبوعين، مشاورات المادة الرابعة لعام 2017، والمراجعة الثانية لاتفاق الاستعداد الائتماني (SBA) التي وافق عليها المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 7 تموز 2016 ويهدف إلى تصحيح ميزان المالية العامة وتوازن المركز الخارجي، وتحسين الإدارة المالية العامة، مع حماية الإنفاق الاجتماعي للبلد. وضم اجتماع العراق مع بعثة صندوق النقد الدولي كلا من وزيرالمالية بالوكالة عبد الرزاق عيسى، ومحافظ البنك المركزي العراقي وكالة علي محسن إسماعيل العلاق، اضافة الى المستشار المالي لرئيس الوزراء، ومسؤولين من وزارات المالية، النفط، التخطيط، وشركة تسويق النفط (سومو)، والجهاز المركزي للإحصاء، والبنك المركزي العراقي، وممثلين عن حكومة إقليم كردستان وديوان الرقابة المالية.