حسام مصطفىيعتقد البعض من المواطنين ان الموقف السليم للتعبير عن رأيه في سنوات مابعد سقوط الدكتاتورية من احباط وسخط هو عدم المشاركة في الانتخابات، وليس لاحد فرض قناعاته على هذا المواطن، أو بتعبير أدق شريحة مهمة من المواطنين ترى ان العزوف عن التصويت هو الشكل الاسلم للتعبير عن وجهة نظرهم، لكن من حق الآخرين ان يناقشوهم ويتفاعلوا معهم في الحوار مادمنا في خضم انهماك الجميع بالحملات الانتخابية والتحضير ليوم السابع من آذار القادم عندما تفتح ابواب مراكز الانتخاب لاستقبال الناخبين.
السؤال الذي نطرحه لهذه الشريحة من المواطنين، ونحن نشاركهم احتجاجهم وسخطهم وعدم رضاهم على ما قدم لنا خلال الفترة الماضية: ما الذي سيحصلون عليه عندما يمتنعون عن المشاركة في الانتخابات؟ ربما يكون الجواب بديهيا بالنسبة لهم وهو انهم يعتقدون ان لا احد يمثلهم من المرشحين والكتل والاحزاب السياسية التي ستشارك في الانتخابات وهو رأي ينبغي احترامه، لكنه يقودنا الى سؤال آخر: لمن ستتركون الاستمارات الفارغة؟ من هذه الزاوية يمكن لنا ان نقول لهم ان موقفهم ربما سيساعد بهذا القدر أو ذاك على تسهيل مهمة من يتربصون في مراكز الاقتراع لاستغلال هذا الفراغ السياسي لاملاء الاستمارات الفارغة بهذه الطريقة أو تلك وهو احتمال قائم ليس في الانتخابات العراقية وانما حتى في الانتخابات الفرنسية او في دول العالم المتحضر والعريق الديمقراطية، فكيف الحال بنا ونحن لم نزل اطفالا ليس على الديمقراطية وانما على كل ماتفرزه الحياة الديمقراطية من ثقافات وقناعات واشتغالات اجتماعية ورؤى للمستقبل حتى على النطاق الشخصي. وفي التأريخ العراقي المعاصر ادلة على عزوفات جماعية عن المشاركة في الحياة السياسية وقد ادت مثل هذه المواقف الى الحاق الأذى بمن اتخذوا المواقف الانعزالية، وقد تناوب على هذا الموقف (الشيعة بعد انبثاق الدولة العراقية 1921 والسنّة بعد سقوط الدكتاتورية 2003). والاثنان معا دفعا ثمنا باهضا نتيجة قصر النظر السياسية في النظر الى معطيات قراءة المستقبل، والاثنان معا قيّما الموقف فيما بعد ليعترفا بانهما قد جانبا الصواب سياسيا وتأريخيا واضاعا على نفسيهما فرص المساهمة الحقيقية في بناء العراق السياسي في أقل تقدير. من هاتين التجربتين وغيرهما حتى على المستوى الاجتماعي والعائلي، يبقى الموقف الانعزالي موقفا رافضا وفي بعض الاحيان ثوريا لكن نتائجه هي المزيد من الضرر لاصحاب مثل هذه المواقف وفي انتخاباتنا القادمة سيكون الموقف الانعزالي اشد ضررا حتى على المشاركين لان المزورين «افتراضا» ستنعكس كوارثهم على كل المجتمع العراقي، لانك بكل بساطة ووضوح وشفافية لايمكن ان تنتظر خيرا من المزورين في مجالات الحياة كافة! هي اذن دعوة صادقة لعدم تفويت فرصة التغيير وانتخاب من نظن ان بامكانهم لا ان يبنوا لنا قصورا في الجنة، فهذا مطلب محال، ولكن على اقل تقدير ان ننعم بساعات كهرباء اكثر ومياه شرب غير ملوثة وادوية حكومية لا تباع مقابل المستشفيات بعشرة اضعاف سعرها الحقيقي!!
وقفة :صــوّتوا تصــحوا
نشر في: 15 فبراير, 2010: 06:00 م