(ح) الأخ الأكبر لأربعة أبناء مات أبوهم وتركهم صغارا ونجحت أمهم في تربيتهم حتى حصل أصغرهم على شهادة الهندسة .. و( الأوسط) اصبح مدرساً .. وكانت شهادة الصناعة  
(ح) الأخ الأكبر لأربعة أبناء مات أبوهم وتركهم صغارا ونجحت أمهم في تربيتهم حتى حصل أصغرهم على شهادة الهندسة .. و( الأوسط) اصبح مدرساً .. وكانت شهادة الصناعة من نصيب " ح " .
كانت الأم مضرب المثل في القرية فهي التي ترمّلت في عنفوان شبابها وصبرت وجاهدت مع صغارها حتى كانت سبباً في أن يصلوا إلى وظائف لم يبلغها أي شاب في القرية التابعة لقضاء المحاويل من قبل .
وعلى الرغم من أن هذه السيدة المثالية كانت مثاراً للإعجاب إلا أن هناك في القرية مَن كان يضمر إليها حقدا أو غيرة يحسدونها على ما أتاها ربها من نعمة .. ومن بين هؤلاء امرأة كانت تسكن بجوارها وكان زوجها من أثرياء القرية ولديها عدد كبير من الإبناء لم يفلح منهم احد حتى في الحصول على الشهادة الابتدائية !
كان (ح) عائدا إلى المنزل .. وبمجرد أن فتح الباب وجد أمه ملقاة على الأرض فأسرع إليها ليتبين الأمر فوجدها قد لفظت آخر أنفاسها .
لقد ماتت الأم " مسمومة " لكن أحداً لم يستطع التوصل إلى الجاني .. وظل السؤال مَن قتل هذه الأم مطروحاً لفترة طويلة لدرجة أن الشرطة عجزت عن معرفة الجاني فقفلت القضية وقيّدت " ضد مجهول "!
ارتاب (ح) وأشقاؤه الثلاثة في أمر جارهم " ف " وظنوا انه هو الذي قتل أمهم .. فهناك ثأر قديم ومشاكل لم تحل سابقاً كانت بينه وبين والدهم .. اتفق الأشقاء الأربعة على التخلص من (ف) ثأرا لمقتل أمهم لكن " ح " خاف على أشقائه ووظائفهم ورفض أن يشاركهم في الجريمة وطلب منهم إن يغادروا القرية ويسكنوا مدينة الحلة ويتركوه وحده ليقتصَّ من (ف) في الساعة الموعودة.
أحضر (ح) سلاحه واقتحم منزل (ف) وأطلق عدة طلقات نارية تجاه السرير الذي كان ينام فيه وفرَّ هارباً .
في اليوم التالي . كاد (ح) يصاب بالجنون .. فها هو (ف) إمامه يسير وسط الناس بلحمه وشحمه .. لقد أخطأت رصاصات (ح) الهدف وقتلت زوجته .
لم يعرف احد أيضا مَن قتل زوجة (ف).. وظل " الجاني " مجهولاً لا يعرفه أهل القرية .. سوى (ح) وأشقائه الثلاثة طبعا. مرت الأيام والشهور .. وبدأت رائحة الحقيقة تفوح هنا وهناك .. ولم يجد أهل القرية بداً من إجراء محاولات للصلح بين (ف) و (ح) وأشقائه .. وبعد محاولات عديدة نجح مختار القرية في عقد جلسة صلح وليبدأ الطرفان عهداً جديداً .
الحقيقة – كما تقول أوراق القضية التي حققتها الشرطة في مركز المحاويل – عرفها (ح) وأشقاؤه بعد مرور سنة من جلسة الصلح .. فالذي قتل أم (ح) بالسم .. لم يكن (ف) بل زوجته التي قتلها (ح) بالخطأ.
لقد وصل الحقد من زوجة (ف) على " أم (ح) " إلى الدرجة التي لم تستطع معها سوى دس السم لها في كوب الشاي فقد أتعبها نظرة أهل القرية إلى هذه الأم التي ربَّت وتعبت حتى رأت أولادها في وظائف مرموقة بينما خاب ظنها هي في أولادها .
لقد اغتالت زوجة (ف) أم (ح) .. لكن القدر كان بالمرصاد .. لتُخطىء رصاصات (ح) صدر(ف) .. ولتسكن صدر المرأة التي قتلت أمه .. أنها عدالة السماء .