TOP

جريدة المدى > تقارير عالمية > ثورة أكتوبر..لماذا فشلت ثورة شباط 1917؟

ثورة أكتوبر..لماذا فشلت ثورة شباط 1917؟

نشر في: 23 مارس, 2017: 12:01 ص

الحلقة 2
تواصل جوان نويبيرغر، أستاذة التاريخ، في جامعة تكساس حديثها عن ثورة أكتوبر وفي الحلقة الثانية تناقش الأحداث  التي جرت في ذلك العام الصاخب عام  1917 في روسيا، وتدرس الأسباب التي أدت إلى فشل ثورة شباط-فبراير.و كيف استطاع البلاشفة، وه

الحلقة 2

تواصل جوان نويبيرغر، أستاذة التاريخ، في جامعة تكساس حديثها عن ثورة أكتوبر وفي الحلقة الثانية تناقش الأحداث  التي جرت في ذلك العام الصاخب عام  1917 في روسيا، وتدرس الأسباب التي أدت إلى فشل ثورة شباط-فبراير.و كيف استطاع البلاشفة، وهم حزب في أقصى اليسار من  قيادة  ثورة شعبية خلال 1917؟ وكيف تمكنوا من استثمار شعبيتهم  ونجحوا  في تولي السلطة في  أكبر دولة في العالم؟

حدثت في  روسيا ثورة في عام 1917 (هي "ثورة شباط -   فبراير")، وبعد بضعة أشهر حدثت ثورة ثانية  لماذا لم تنتهِ الحكاية عند  ثورة شباط - فبراير؟

إذا أمكننا القول اننا تعلمنا شيئا واحدا من الثورات التي حدثت في القرنين التاسع عشر والعشرين  ، وحتى في  القرن الحالي الحادي والعشرين ، فان ذلك الشيء هو الاستنتاج  بأن اسقاط نظام سياسي سيء أسهل بكثير من بناء واحد جديد. إذا نظرنا إلى الثورات "الكلاسيكية" في فرنسا، وروسيا، والصين، فان ما كان  يكافح الثوار   من أجله  تحقيقه  وهو خلق  مجتمعات تقوم على اسس العدالة والمساواة وتكوين انظمة  ديمقراطية كان  نادرا ما يتحقق. فالفوضى والصراعات  وعدم الاستقرار. و العنف المتزايد هو الأمر الأكثر شيوعاً، وغالباً ما كان يؤدي إلى تكوين انظمة  شمولية  و  استبدادية. يمكننا أن ننظر حاليا الى العراق ومصر لنرى كيف أنه من الصعب بناء انظمة جديدة ومستقرة بعد الثورة؟

توقفنا في الحلقة الماضية ، عند الإطاحة بحكم آل رومانوف ما الذي حدث بعد ذلك؟
بعد الإطاحة بحكم سلالة رومانوف الذي امتد لاكثر من 300 عام، عمّت الفرحة جميع أنحاء الإمبراطورية الروسية.و في بتروغراد، التي تعرف اليوم بسانت بطرسبورغ  وفي  خلال 24 ساعة فقط لم يبق أي اثر  لحكم القيصر  ، فأُزيلت  التماثيل التي  تشير للعهد القيصري  ونُكست  الأعلام وأُحرقت  ، وتم تحطيم شعار النسر ذي الرأسين  الذي يرمز لعائلة رومانوف. كانت هناك احتفالات حقيقية في الشوارع.

والمعضلة الحقيقية  و بعد أن انتهت الاحتفالات ، ان المشاكل بدأت تظهر على الفور. من يجب أن يحكم بدلا عن القياصرة؟ لم يكن الامر واضحا. لم تكن هناك مجموعة  مؤسسات تقليدية يمكن ان تحل وبسهولة محل السلطة المركزية التي انهارت . من الذي يجب أن يقرر من يحكم؟ لم تكن هناك إجابة واضحة على هذا السؤال أيضا. وكيف يمكن أن تتخذ مثل هذه القرارات في خضم الحرب؟ كانت روسيا تعيش وسط اجواء الحرب العالمية الأولى، التي بدأت في عام 1915 وسوف تستمر حتى 1918.
وفي حين كان على  السياسيين الاجابة عن هذه الأسئلة، برزت  كل أنواع مشاكل الحياة اليومية . فاستمرت  الحاجة إلى إنتاج الغذاء في الريف، وتوفير القدرة على نقله  إلى سكان  المدن و كذلك إلى الجنود في الجبهة. الناس كانوا في حاجة إلى العمل. وكانت العديد من مصانع روسيا  تعيش حالة من  الفوضى والركود، وبدأ كثير من الجنود الذين كان معظمهم غير مدربين، ومن الفلاحين المجندين حديثا ، يعودون  الى قُراهم على أمل أن تمنحهم الثورة ما كانوا يظنون أنه حقهم المشروع-الأرض.

وخرجت الأمور عن نطاق السيطرة في جميع أنحاء الإمبراطورية الروسية العظمى تقريبا. وفي أقل من عام، تمت الاطاحة بالمعتدلين انفسهم  الذين قادوا الحركة لقلب نظام القيصر،وحدث ذلك  في أكتوبر من عام 1917(حدثت ثورة اكتوبر في السابع من تشرين الثاني   1917 حسب التقويم الميلادي المعمول به الآن والذي كان يصادف 25 تشرين الاول اكتوبر حسب التقويم الروسي القديم لذلك سميت بثورة أكتوبر – المترجم )، وبرزت على الساحة الحركة السياسية الأكثر راديكالية وهو الحزب البلشفي  الذي تحوّل لاحقاً  إلى الحزب الشيوعي إلذي استولى على  السلطة.

كيف يمكن لحزب مثل الحزب البلشفي لم يكن معروفا جيدا في شباط 1917 ، ان ينجح في الاستيلاء على الحكم في أكتوبر؟

هناك سؤال يتعلق بهذه القضية: هل كانت الثورة البلشفية في أكتوبر 1917 انقلاباً نفذته مجموعة صغيرة من الاشتراكيين  المتعصبين، والمتعطشين للسطة أم كانت حركة ديمقراطية
 شعبية،
مدعومة من غالبية الناس؟

يمكننا الإجابة على هذه الأسئلة من خلال ذكر  الأزمات الأساسية التي حدثت في عام 1917، وتفحص   موقف البلاشفة من تلك الأزمات.
دعونا نبدأ من آذار 1917، فقد حدث فراغٌ في السلطة في العاصمة بتروغراد بمجرد   تنازل القيصر عن الحكم. كانت الأزمة الأولى هي أزمة حكم. شكّل الليبراليون المعتدلون على الفور حكومة مؤقتة اما لماذا كانت مؤقتة؟ لان الليبراليين كانوا يعتقدون ان الحكومة ينبغي أن تستند إلى إرادة الشعب، وأن ممثلي الشعب يجب أن يكتبوا الدستور الذي من شأنه أن يحدد القواعد الأساسية للحكم والحقوق المدنية، ومن ثم ينبغي إجراء انتخابات لتشكيل حكومة جديدة . كانت المشكلة في آذار 1917، ان البلاد كانت في حالة حرب و الناس في السلطة لم يكن  يعتقدون  أنه يمكن لهم الانسحاب  من الحرب والتخلي عن حلفائهم، أو وقفها لعقد مؤتمر دستوري. فلذلك شكّلوا  "الحكومة المؤقتة" بشكل مؤقت حتى يتمكنوا من انهاء الحرب.

حسناً، ذكرتم أن هذه كانت  حكومة المعتدلين والليبراليين، ولكن كما تبين في ما بعد  ، فإن الاشتراكيين لعبوا  دورا رئيسيا في الاحداث اللاحقة، فماذا كان موقفهم آنذاك ؟
في هذه المرحلة، كان مَن يسيطر على الحكم هم  الليبراليون المعتدلون، وبعض المحافظين. وإن كان  هناك بعض الاشتراكيين في الحكومة القيصرية، لكنهم لعبوا دورا صغيرا للغاية، اما   الأحزاب المتطرفة فقد كانت نشطة في صفوف الناس  فقامت  بتنظيم العمال، و الفلاحين، دون ان يكون لها دور كبير  في الحكومة، ولذلك قرروا في هذه المرحلة، أن دورهم قد حان لكسب  بعض القوة التي كانت متناثرة في الشارع.
لم يكن لدى  القادة السياسيين الذين يمثلون العمال والفلاحين الثقة بان الحكومة المؤقتة سوف  تحترم حقوق الأغلبية من الشعب، واغلبية الشعب  كانت  تريد وضع حدٍ للحرب وتطبيق بعض الاجراءات  التي تؤدي الى تحقيق العدالة وفورا وليس فيما بعد. وكان معظم هؤلاء القادة من الاشتراكيين، الذين  كانوا لا ينتمون الى الأحزاب السياسية الأكثر شعبية في ذلك الوقت، و كانوا غير مشاركين في السلطة في ذلك الحين  . كان الاشتراكيون يؤمنون بنظرية كارل ماركس التي تقول  إن الثورة الاشتراكية لا يمكن أن تتحقق إلا بعد ان يستولي الليبراليون والرأسماليون على  السلطة لفترة كافية لإقامة سيادة القانون، وخلال ذلك  سيتم إفقار العمال، في حين ان الثروة  ستتركز في أيدي أقلية صغيرة من الناس. لذلك فلم يكن الاشتراكيون مستعدين بعد لاستلام السلطة بأنفسهم، وكانوا يعتقدون أن الوقت لم يحن بعد للاستيلاء على  السلطة لكنهم لم يكن  يريدون كذلك  أن يتخلوا عن كل السلطة لليبراليين، لذلك قاموا بتأسيس نوع من لجان الرقابة الشعبية التي  تسمى بالسوفييتات. و"السوفييت" هي الكلمة الروسية التي تعني "المجلس". وكانت هذه المجالس المتألفة من ممثلي الفلاحين والعمال و الجنود قد انتشرت في وقت سابق، في عام 1905، لكنها ظهرت مرة أخرى في عام 1917. وكان سوفييت بتروغراد بمثابة  اللجنة التي تراقب عمل   الحكومة المؤقتة. وكانت النتيجة ما يمكن تسميته بالحكومة المزدوجة. كانت الحكومة المؤقتة ضعيفة الى حد لا تتمكن  فيه من منع تشكيل السوفييتات  ، و كانت السوفييتات  ضعيفة الى الحد الذي لا تستطيع فيه الاستيلاء على السلطة حينها ، وكانت النتيجة نوعاً من الجمود الذي اصاب الحياة السياسية  في روسيا في عام 1917.فضلا عن الفوضى السائدة آنذاك
ووسط  كل هذه الاحداث، اصدر مجلس السوفييت في فبراير/ شباط ما يسمى بالمرسوم رقم 1. وكان هذا أول اجراء يقوم به في عام 1917،.دعا هذا المرسوم  إلى دمقرطة  الجيش.و لاقى هذا المرسوم  شعبية لا تصدق، ولكنه كان في نفس الوقت يحمل عواقب كارثية بشكل لا يصدق بالنسبة للجيش. وكان هذا المرسوم يشير  من بين أمور أخرى،الى  انه يمكن  اصدار أوامر عسكرية من دون موافقة الضباط. لذلك، كانت أوامر الضباط تخضع لما يسمى بالموافقة الديمقراطية. وبطبيعة الحال، فإن أي شخص يعرف كيف تدار الشؤون العسكرية يستنتج ان ذلك  مقدمة لحدوث الكارثة!

إذاً، اين كان البلاشفة من كل هذا؟
عند هذه النقطة كان  البلاشفة متحمسين جدا للعب أدوار بارزة في الحكومة المؤقتة، التي لم تكن تريد حقاً القيام بأي شيء من هذا القبيل. كان هناك ممثلون للبلاشفة في مجالس السوفييتات، على الرغم من أنهم  لم يكونوا يشكلون الغالبية في بداية عام 1917. وكان زعيمهم لا يزال يعيش في المنفى.
وصل فلاديمير لينين، القائد المعروف  للحزب البلشفي الى روسيا في نيسان 1917. وعندها، ألقى خطابا لم يُثر الانتباه حينها  ولكنه اصبح  في ما بعد  ، واحداً من أكثر الأحداث أهمية في تلك السنة. وفي ذلك الوقت، صدم هذا الكلام حتى أقرب مؤيديه. حين قال إن البلاشفة ليس في حاجة إلى اتباع وصفة  ماركس التاريخية؛ لقد انتظرنا الليبراليين والرأسماليين طويلا وبما فيه الكفاية، وليس هناك سبب لعدم الاستيلاء على السلطة الآن. وكان شعاره هو "كل السلطة للسوفييتات!"  اعترف لينين بحدوث فراغ في السلطة ، وأدرك أنه سيكون من الممكن الاستيلاء على السلطة عاجلا وليس آجلا.
تحول "كل السلطة للسوفييت!"  الى شعار شهير. انطلقت السوفييتات  في جميع أنحاء البلاد، واصبحت ظاهرة   الحكومة المزدوجة منتشرة في المدن والبلدات في جميع انحاء روسيا وانتشرت  في بتروغراد كل أنواع المؤسسات الشعبية أيضا بالإضافة إلى السوفييتات. كانت الحكومة المؤقتة تتلكأ في انشاء حكومة ديمقراطية، و تأسيس الرقابة العمالية في المصانع، و إجراء إصلاحات زراعية  وبدأ الناس العاديون بإجراء انتخابات لمجالس المصانع والقوات المسلحة في  الاحياء. وسيطر الاشتراكيون على نتائج هذه الانتخابات المحلية منذ البداية.

عن الموقع الالكتروني لقسم التاريخ في جامعة تكساس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

 ترجمة / المدى في الوقت الذي ما تزال فيه أوضاع واحتياجات النازحين والمهجرين في العراق مقلقة وغير ثابتة عقب حالات العودة التي بدأت في العام 2018، فإن خطة برنامج الأغذية العالمي (FAO )...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram