حازم مبيضينيمتاز إحياء ذكرى استشهاد رفيق الحريري هذا العام, بأنه يتم للمرة الاولى ونجله سعد يشغل منصب رئيس الوزراء, ساعياً إلى قيادة المجتمع اللبناني إلى حالة من التصالح مع الذات, وإلى علاقات عربية تحفظ لوطن الأرز حريته واستقلاليته, دون تفريط بدم الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن هذه المبادئ,
محدداً أن موعد ومكان إحياء الذكرى سيكون مناسبة للتأكيد أن لا تسوية على المحكمة الدولية، ولا تسوية على دماء رفيق الحريري وعلى دماء الشهداء، ولا تسوية على الحقيقة وعلى العدالة، لأن لا تسوية على الحق, ليبقى لبنان رسالة الشرق إلى كل العالم. وبعد أن أعطى لعلاقات بلاده مع الجارة سوريا معاني جديدة, وأرساها على أسس من الندية والاحترام, وبعد أن تجاوز الكثير من العقبات التي زرعها البعض في دروب أمن لبنان.لم يتحول سعد الحريري إلى رهينة لأي جهة سياسية أو عسكرية في بلاده, ولم يتحول إلى رهينة لقوة وجبروت إسرائيل التي اتهمها بارتكاب خطأ كبير بتهديدها أمن لبنان وسوريا, ولم يتوقف للحظة عند سيل الاتهامات لهذه الجهة أو تلك باغتيال والده, تاركاً الامر بيد المحكمة الدولية باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة على كشف المستور, وتحديد مرتكب الجريمة, وأيضاً باعتبار أن الهدف منها ليس الانتقام بل تحقيق العدالة، فهي من خلال جهدها الكبير ستنتهي إلى إظهار من اغتال رفيق الحريري وغيره من السياسيين اللبنانيين وستكون نتائج عملها مقبولة ونهائية. لايملك سعد ولاسواه التنازل عن مهمة كشف مرتكب الجريمة, التي تشارك قوى المعارضة في إحيائها باعتبارها خسارة وطنية تخص جميع اللبنانيين, ولن يكون التواصل الدائم والايجابي بين لبنان ومحيطه العربي على حساب الدم الزكي, ولن يكون النظر بعين من الواقعية إلى التغيرات الإقليمية والتهديدات الإسرائيلية, في ظل ازدياد التوترات في المنطقة يوما بعد يوما، مدخلاً للتنصل من التزام كل اللبنانيين بالعمل على كشف الجناة الذين سعوا من خلال جريمتهم إلى إدخال لبنان في نفق مسدود, ولن يكون لتنصل البعض من تكتل قوى 14 شباط خدمة لمصالحهم الشخصية الآنية الضيقة أي تأثير حقيقي في استمرار الزخم المعهود الرامي لكشف الجناة والمجرمين. في ذكرى استشهاد رفيق الحريري, الزعيم الوطني اللبناني العربي الكبير, نتأكد أن حضوره في المشهد يطغى على غيابه, وأن مرتكبي جريمة اغتياله لم ينجزوا هدفهم في جر لبنان إلى المتاهات التي خططوا لزجه في منعرجاتها, ونتأكد أن ورثة فكر الشهيد كثر ومنتشرون في كل زوايا وطن الارز, وأن الوفاء لذكراه لايقتصر على سعد وبقية أفراد عائلته, لانه لم يكن ملكاً لهم وحدهم بقدر ما كان لكل مواطنيه بغض النظر عن انتماء أي منهم, سواء كان مذهبياً, أو سياسياً, أو الاثنين معاً, ونتأكد مرةً أخرى أن المبادئ لاتموت عند الغياب الجسدي لمعتنقيها والمدافعين عنها, ونتأكد أن اللبنانيين سيظلون أوفياء لذكرى شهيدهم الكبير الذي نعود للتأكيد أن حضوره يطغى على الغياب.
خارج الحدود: الحريري .. حضور يمنع الغياب
نشر في: 15 فبراير, 2010: 06:59 م