TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الصدر .. إذا أغتيل !

الصدر .. إذا أغتيل !

نشر في: 25 مارس, 2017: 05:42 م

لا أظن أن تحذير زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من إمكانية اغتياله لا يستند إلى أساس. إنه ليس " دعاية انتخابية" كما رأى البعض، ففي لقاء معه، صحبة زملاء إعلاميين وناشطين مدنيين، في تشرين الثاني الماضي تحدّث بوضوح عن أنّ مواقفه ليست مُحبّذة لدى "جماعته" (الاحزاب والقوى الشيعية المتنفذة في السلطة)، ولم يخفِ قلقه من تنامي قوة الميليشيات الشيعية وتعدّدها.
 هل يُمكن اغتيال الصدر؟
اغتيال الصدر سيكون احتمالاً قائماً إذا ما واصل، وتشدّد في،  نهجه الحالي المُلحّ في مكافحة الفساد الإداري والمالي، وفي تعديل قانون الانتخابات والنظام الانتخابي المعتمد الآن، وتعيين مفوضية جديدة للانتخابات بعيداً عن نظام المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية المتّبع في تشكيل المفوضية. هذا النهج غير مرغوب فيه من غالبية القوى المتنفذة، وهي إسلامية، شيعية وسنية، لأن هذا النهج يمكن أن يؤول إلى الإضرار بمصالح هذه القوى المستحوذة على ركائز قوية  للنفوذ ومصادر رئيسة للمال عن طريق مواقعها في السلطة التي ستتعرض الى التقويض أو الإضعاف بالقانون الجديد الذي يريده الصدر وبالمفوضية الجديدة التي يطالب بها.
اذا ما وجدت جهة ما ضرورة للاغتيال، لن يكون من الصعب وضع خطة له، والخطة إذا ما وُضِعت لن يكون من المستحيل تنفيذها في مشهد عراقي ملتبس ومتداخل ومتضارب ومتباين على نحو سريالي.. فاجع.  
مع ذلك أظن ان المجانين وحدهم مَنْ يُمكن أن يُقدموا على اغتيال السيد الصدر، ببساطة لأن قتله سيشعل نار حرب لا تُبقي ولا تَذر، خصوصاً بين قوى "الضدّ النوعي" (الشيعي)، ولن تؤول في نهاية المطاف إلى تحقيق الغاية والغرض من عملية الاغتيال.
يُمكن المقاربة بين اغتيال الصدر المُفترض وحادثة اغتيال القس السلفادوري أوسكار روميرو في آذار (مارس) 1980. كان روميرو قساً كاثوليكياً بارزاً في السلفادور الأميركية اللاتينية خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وأصبح رئيساً للاساقفة في العام 1977. وبعدما كان محافظاً، راح يتحدث باسم الفقراء وضحايا القمع بعد أن شهد العديد من الانتهاكات السافرة لحقوق الإنسان على أيدي نظام الحكم الخاضع لإرادة وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي أيه)، وهي انتهاكات طالت العديد من رجال الكنيسة الذين تعاطفوا مع الحركات الثورية اليسارية (لاهوت التحرير)، ما أدى الى المواجهة المباشرة بين الحكومة والكنيسة، وكانت الحكومة وكذا الفاتيكان يتهمانه بأنه يعض بعقيدة شيوعية.
حظي بشعبية كبيرة داخل بلاده وامتد الاعجاب بمواقفه الى الخارج فرُشّح إلى جائزة نوبل للسلام. وفي 24 آذار 1980 أطلق سفّاح النار على الاسقف أمام باب الكنيسة التي كان يحتفل فيها بيوم القداس وأرداه قتيلاً. وهو كان قد توقّع الاغتيال وتحدّث مراراً عنه، وظهر لاحقاً أن (كتائب الموت) التابعة للحكومة والموكلة بمهام تصفية معارضي النظام، كانت وراء عملية الاغتيال.
المهم إن اغتيال الاسقف كان من الأسباب الرئيسة لاندلاع الحرب الأهلية في السلفادور بين الحكم التابع للولايات المتحدة وتحالف القوى اليسارية (جبهة التحرير الوطني- فارابوندو مارتي)، وهي حرب لم تتوقف إلا بعد 12 سنة باتفاق سلام عقد في المكسيك.
مَنْ يجازف باغتيال الصدر؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين قضية العراق تشبه قضية السلفادور في السبعينات والثمانينات بالضبط والبروفيسور نعوم چومسمي قال نفس ما ذكرته انت في مقال اليوم في كتاب له وايضاً وتحدث وذكر ان احتلال أمريكا للعراق سوف تعمل نفس ما عملت في السلفادور وسماه الخيار السلفادوري و

  2. د عادل على

    انا لا افهم لمادا لاتجتمع الجماعات الشيعيه ومن ضمنها الصدريون سويه وعلى مائدة مدوره لمعرفة الخلافات الخلا فات الموجودة لايجاد حل لها لان ضعف الاحزاب الشيعيه بسبب تفرقتها قد يؤدى لانقلاب عسكرى مساند من قوة عظمى ليصبح الشيعه فى ماضى سحيق رايناه من 8 شباط

  3. ييلماز جاويد

    العقلاء المخابيل كثيرون . ألم يبيعوا الموصل للدواعش من أجل الولاية الثالثة ؟

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram