(2)
وبعد عام اخرجت مسرحية تينيسي وليامز (الحيوانات الزجاجية) وصمم (كاظم) منظرها المتوافق مع المدرسة التعبيرية، حيث استخدم القماش الأسود الشفاف لبناء جدران منزل غربي يمكن للمتفرج أن يشاهد جميع مرافقه وفضاءاته حيثما يُسلط الضوء عليها. وبعد ذلك اخرجت للفرقة القومية عام 1966 مسرحية جان كوكتو (النسر له رأسان) وصمم (كاظم) منظراً واقعياً لصالة الاستقبال في قصر ملكي وفقاً لطراز الباروك وبجميع تفاصيله، وأذكر أن، الراحل كاظم بقي يرسم زخارف ذلك البناء إلى آخر لحظة من لحظات التحضير لبداية العرض .
تركنا العمل مع الفرقة القومية للتمثيل، لنعمل مع فرقة المسرح الحديث، وصمم الراحل مناظر مسرحية (النخلة والجيران) التي أعدها الراحل (قاسم محمد) عن رواية غائب طعمة فرمان، واخرجها بنفسه ومثلت فيها دوراً ثانوياً وذلك عام 1968 ولأول مرة، في تاريخ المسرح العراقي، يصمم الراحل مسرحاً دواراً يضع عليه مفردات ديكورية لأماكن مختلفة من أزقة بغداد وحواريها، ويقوم الممثلون أنفسهم بتحريك المسرح الدوار لكشف المكان الذي تحدث فيه مشاهد المسرحية. وفي العام نفسه صمم الراحل منظراً واقعياً مختزلاً لبيت عراقي في مسرحية يوسف العاني (صورة جديدة) التي أخرجتها لفرقة الحديث في مسرح قاعة الخلد، وبعد ذلك قدمت مع (قاسم محمد) في قاعة الخلد أيضاً، مسرحية يوسف العاني (الخرابة) وأيضأً لأول مرة يستخدم (كاظم) شاشة تنعكس عليها الصور الثابتة والافلام الوثائقية عن مآسي الحروب، وكان ذلك الاستخدام بوقته يمثل فتحاً جديداً في المنظر المسرحي في العراق، علماً أن الفنانين الكبيرين بيسكاتور وبريخت، قد استخدما تلك التقنية قبلنا بسنوات، والغريب أن بعض المخرجين العراقيين هذه الأيام، يستخدمونها ويسمونها (داتا شو) ويدعون انهم بهذا الاستخدام مجددون، كما أن المخرج (ابراهيم جلال) قد استخدمها بعدنا وقبلهم عندما أخرج مسرحية (المتنبي) لعادل كاظم، وابتدأ العرض بصورة فيلمية منعكسة على شاشة كبيرة، تمثل حصاناً يركض مسرعاً من جهة يمين المسرح إلى يساره.
لمسرحية يوسف العاني (المفتاح) التي أخرجتها عام 1968 صمم الراحل كاظم، مناظر وأزياء المسرحية وكان تصميمه للمناظر مبتكراً جداً، حيث استخدم منصة على شكل حدوة حصان تمتد من الجهة اليمنى للمسرح إلى اليسرى، وبعلو متر ونصف وبعرض متر ونصف أيضاً، وغرز عليها وأمامها مفردات ديكورية تمثل أماكن وقوع احداث المسرحية. وعبر (كاظم) أفضل تعبير عن رحلة بطلة المسرحية وبطلها بحثاً عن ما يديم الحياة ومن يساعدها في انجاب طفل وذلك وفقا للحدوتة العربية المشهورة (يا خشيبة نودي نودي وديني على جدودي وجدودي بطارف مكة ينطوني ثوب وكعكة والكعكة وين اضمها اضمها بصنيديكي... الخ) وأضاف (كاظم) إلى المفردات الديكورية (موتيفات) فولكلورية عراقية تلائم أماكن احداث المسرحية.
وعندما أعدت إخراج (ملحمة كلكامش) للفرقة القومية للتمثيل، صمم لي (كاظم) مناظر الملحمة وازياءها، واتخذ من الحرف المسماري مفردة ديكورية، كتب بها عنوانات المشاهد. وبالنسبة للأزياء حاول تطبيق الدقة التاريخية من الطراز وذلك اعتماداً على رسوم الرقم الطينية والمخلفات الآثارية.
وعدنا للعمل مع قسم الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة حيث ساهم الراحل (كاظم) بتصميم مناظر مسرحية معين بسيسو (ثورة الزنج) مستخدما الرماح مفردة ديكورية تتنوع في تنظيماتها وتشكيلاتها وفقاً لتنوع الأحداث وكذلك استخدم لوحات رسومه تبين تقطع الأرض الفلسطينية إلى اشلاء بسبب احتلال الصهاينة وعدد ابنيتهم.
(كاظم حيدر) والابتكار في تصميم المناظر والأزياء المسرحية
[post-views]
نشر في: 27 مارس, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...