TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شانيل سينمائياً

شانيل سينمائياً

نشر في: 29 مارس, 2017: 03:42 م

خلافاً للرسامة المكسيكية فريدا كالهو للمخرجة جولي تايمور، التي لم تحظ بإحاطة شاملة لسيرتها إلا بكتاب يتيم وإن كان وافياً عن الحياة الملعونة لأهمّ فنانة في بدايات القرن المنصرم.. فإن سيرة (قائدة) التصميم- كما كانت تلقّب- في القرن العشرين وصاحبة أغلى ماركة في عالم الأزياء غابرييل شانيل، حظيت بالكثير من التوثيق لحياتها، كتب عن سيرتها وروايات، وانطباعات شخصية، وأيضاً أفلام روائية ووثائقية.. تناولت هذه الوثائق جوانب من سيرة الاسم الأهم في صناعة الرفاهية والأزياء الراقية، والتي أحدثت ثورة في صناعة الأزياء من خلال كسر القواعد الصارمة في التصميم، واعتماد البساطة والعودة الى الأساسيات.خلال عام واحد شهدت صالات العرض السينمائي في اوربا وأميركا عرض فيلمين عن شانيل، الأول كان (كوكو ما قبل شانيل) للمخرجة الفرنسية آن فونتان، والثاني (كوكو شانيل وايفور سترافنسكي) من إخراج انا موغلاليس، وكان أول فيلم تناول سيرتها هو (سوليتير شانيل).تنطوي سيرة شانيل على بعد درامي هائل يصلح للحكي والقصّ لعناصر التشويق التي يحتويها، والتي تقترب من الحكايات التقليدية وهو ما يجعل كاتب قصة الفيلم (كوكو وايغور) يقول: "إن قصة حياة هذه المرأة تتوفر على كل عناصر السندريلا المعاصرة".كما في الكتب والروايات التي تدور حول سيرة شانيل، فإن الأفلام التي اعتمدت هذا الموضوع، لا تدّعي الإحاطة الكلية لسيرتها، خاصة مع حياة مفعمة بالتحولات الكبرى، والتي قادت فتاة من ملجأ الأيتام تعاني شظف العيش، الى واحدة من أهم نساء المجتمع الراقي استطاعت بإرادتها الحديدية وذكائها، لا أن تغيّر نمط حياتها فحسب، بل في أن يقترن اسمها بالثورة الأهمّ في عالم الأزياء.طفلة تفقد أمها في سن مبكرة، ويهجرها مع إخوتها أب قاسٍ، ثم تدخل الميتم سنوات طويلة لتتعلم الخياطة على أيدي الراهبات، تفشل بعدها في امتهان الغناء لتضعها الأقدار عند عتبة النجاح بل الصعود المدوي نحو الشهرة، وتدور حول هذا المحور الدرامي، محاور أخرى تضيء جوانب مهمة من مسيرتها.في فيلم (كوكو ما قبل شانيل) وكما يشي عنوانه ينشغل الفيلم في تتبّع سيرتها قبل الدخول الى عالم الشهرة، المخاض العسير لولادة نجمة بكل المقاييس، ويضعنا كمشاهدين، في الربع الساعة الأخيرة من الفيلم بلقطات سريعة ومتتابعة، عند شانيل المرأة الأشهر في عالم الموضة.فيما يتناول فيلم (كوكو وايغور) العلاقة المزعومة التي ربطت بينها وبين الموسيقي الروسي الأشهر ايغور سترافنسكي، وهي العلاقة التي يشكك بعض المؤرخين في صحتها.كلا الفيلمين يركز على علاقاتها العاطفية ودورها في تشكل شخصيتها الاستثنائية، في (كوكو قبل شانيل) ضربة الحظ التي وضعت الثري الإنكليزي في طريقها، والذي وضع بدوره في يدها مفتاح الدخول الى المجتمع المخملي، فيما الفيلم الثاني يركز أيضاً على علاقتها مع الموسيقي المشهور. وحتّى مع مجموع الأفلام الثلاثة التي تناولت سيرة شانيل، فإن جوانب مهمة من حياتها مازالت غامضة.. السبب في اختيار انا فوتين المخرجة الفرنسية للسنوات الأولى من انطلاق شهرة شانيل، ربما يعود الى عدم التورط في قضايا كبرى في حياتها قد تسيء الى جاذبيتها، من مثل علاقتها بالنازية التي أدت الى مغادرة بلدها الأم فرنسا ومحاكمتها، وتدخل شخصية سياسية كبيرة مثل وينستون تشرشل في العفو عنها.وجانب آخر مهم هو دخولها الى عالم السينما، الذي تمّ بناءً على عرض قدمه صاحب إحدى الشركات العملاقة ( M.G.M) صموئيل غولدوين، بملايين الدولارات، وكانت تسافر من نيويورك الى كاليفورنيا بقطارها الأبيض الخاص.. وكيف غادرت هذا العالم الساحر لمجرد أنها ترفض أن تكون تابعة للنجوم.ومثل فيلم فريدا، فقد توفرت لسيرة شانيل، كما عالجتها فونتين ممثلة من طراز (اودري تاتو) بخصالها التي تقترب من ملامح شانيل، وموهبتها التي كرستها كنجمة فرنسا الأولى، خاصة بعد أدائها المذهل في فيلم (ايميلي بولان) الذي أعاد فرنسا الى صدارة المشهد السينمائي العالمي.سيرة كوكو شانيل، تتطلب سيناريواً متقناً يتناول أهمّ محطات حياتها، ليكون بمستوى حياة محتدمة عاشتها ومنجز قدمته، جعلت أهم نجمات السينما امثال دينون وكيدمان وتاتو، يتسابقن في الإعلان عن عطر شانيل 5 الماركة الأهم في العطور الفرنسية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

"دبلوماسية المناخ" ومسؤوليات العراق الدولية

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram