الأرجح أنّ هذا العمل يستكمل، على أكثر من نحو، روايتَيْ عبد الله صخي السابقتَين، «خلف السدّة» و«دروب الفقدان»؛ ليس بسبب موضوعتها المركزية التي تتناول هجرة العراقي داخل وطنه وخارجه، فحسب؛ بل، أساساً ربما، لأنها تشترك في اق
الأرجح أنّ هذا العمل يستكمل، على أكثر من نحو، روايتَيْ عبد الله صخي السابقتَين، «خلف السدّة» و«دروب الفقدان»؛ ليس بسبب موضوعتها المركزية التي تتناول هجرة العراقي داخل وطنه وخارجه، فحسب؛ بل، أساساً ربما، لأنها تشترك في اقتراح مشروع سردي ملحمي، يتناول الشخصية العراقية في زمانها ومكانها، كما في تحولات مشهد بشري، واقعي ورمزي، أعرض مساحة وأعمق تاريخاً وأبعد دلالة. «اللاجئ العراقي» يمكن أن تكون ثالثة ثلاثية روائية، إذن؛ أو هي، في ترجيح آخر، عمل ينقل موضوعة الهجرة إلى مستويات إضافية، من حيث المضمون؛ كما يذكّر، من حيث الشكل الفني وتقنيات استجماع الحكايات الصغيرة في نسيج سردي متكامل، بأنّ صخي بدأ قاصاً، وكانت أول إصداراته مجموعة قصصية بعنوان «حقول دائمة الخضرة».
هنا فقرات من الفصل الأول في الرواية الجديدة: «في أول صباح له في الغرفة رقم 9 استيقظ مبكراً بعد أن أمضى ليلة بلا سكينة. نوم مضطرب متقطع تخللته سلسلة من الأحلام والكوابيس الناقصة أو الغامضة، بعضها مخيف يبعث الرعدة في جسده كلما تذكره. ليس تفاصيل الاحلام التي يتذكرها إنما لحظات الرعب التي تخلفها والرجفة التي تعقبها. اجتاز الفسحة التي تتوسط الغرف الثلاث. ليس هناك ما يدل على أن أحداً استيقظ قبله. اغتسل وخرج لشراء مواد غذائية من الدكاكين القريبة.
وهو ينزل الدرجات الحديدية المؤدية إلى ممر قصير يقود إلى الشارع العام نظر إلى مجمع الغرف على يساره. كان رمادياً صامتاً يهيمن عليه السكون الصارم، وكانت الحديقة خالية معتمة. انعطف يميناً نحو الشارع العام. مشى بمحاذاة محلات الطابق الأرضي. لم تزل مغلقة ما عدا مرآب سيارات النزلاء في الطرف البعيد. كانت السماء ملبدة بغيوم سوداء والشوارع الإسفلتية المبللة بمطر الليل تعكس أضواء السيارات. من أقرب بقالة اشترى خبزاً وبيضاً وجبناً وقهوة وعلبة شاي وسكراً وقنينة زيت»
صبحي الحديدي
عن/ القدس العربي