TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى السبت:مبارزة باخ ومارشان

موسيقى السبت:مبارزة باخ ومارشان

نشر في: 1 إبريل, 2017: 12:01 ص

حصلت العديد من المنازلات الموسيقية في الماضي، فقد تنافس جورج فريدريك هندل ودومنيكو سكارلاتّي سنة 1709، وأصدر الكاردينال أوتّوبوني في ختام المنازلة "حكماً" عادلاً، بأن أعلن فوز هندل بالعزف على الأورغن، وسكارلاتّي على الهاربسيكورد. كما فاز موتسارت على

حصلت العديد من المنازلات الموسيقية في الماضي، فقد تنافس جورج فريدريك هندل ودومنيكو سكارلاتّي سنة 1709، وأصدر الكاردينال أوتّوبوني في ختام المنازلة "حكماً" عادلاً، بأن أعلن فوز هندل بالعزف على الأورغن، وسكارلاتّي على الهاربسيكورد. كما فاز موتسارت على موتزيو كلمنتي (1752 – 1832) في سنة 1781 عندما اقيمت المنافسة الشهيرة التي ضرب فيها موتسارت مفتاح البيانو بأنفه بينما تباعدت يداه (كما رأينا في فيلم موتسارت لميلوش). عندها قالوا، إن كلمنتي لا يمتلك سوى الفن، بينما امتلك موتسارت الفن والذوق كذلك.
لكن أغرب وأشهر المنافسات هي تلك التي كادت أن تجري بين باخ والعازف والموسيقار الفرنسي لوي مارشان (1669 – 1732) سنة 1717، حينها كان باخ في الثانية والثلاثين ومارشان في الثامنة والأربعين من العمر. تبدأ القصة في مدينة دريسدن، حيث قاد الفرنسي جان باتيست فولوميير، فرقة بلاط ملك سكسونيا وكان الأسلوب الفرنسي في الموسيقى يعد مودة العصر في ألمانيا. وحدث أن استدعى الملك لوي مارشيه لما عرف عنه من مهارة العزف والارتجال على الهاربسيكورد، وأعجب به الملك فوراً وعرض عليه وظيفة في البلاط على الفور. لكن هذا كان يعني تشغيل منافس قوي لفولوميير، خاصة وقد عرف عن مارشان العنجهية الصلافة والتكبر. لهذا ابتكر فولوميير خطة جهنمية للتخلص من منافسه الخطير، تتلخص بدعوة يوهان سيباستيان باخ زميله قائد فرقة بلاط فايمار القريبة، وقد اشتهر بأنه عازف اورغن وهاربسيكورد بارع هو الآخر. أخذه فولوميير ليستمعا إلى عزف مارشان، ليدبر بذلك مكيدة لغريمه عبر ترتيب مبارزة بين الاثنين، وكان يعلم بتفوق باخ الذي تحدى مارشان الذي قبل التحدي دون أن يعرف مؤهلات باخ. كان مارشان سيد الاسلوب الفرنسي في العزف على الهاربسيكورد، لكن باخ كان متمكناً في الاسلوب الفرنسي هو الآخر، وفوق ذلك كان متمكناً في الاسلوب الألماني والايطالي والانكليزي.
اختير قصر أحد الوزراء مكاناً للمنافسة، ووصل الخبر للملك الذي تحمس لأمر فأعلن عن مكافأة جزيلة للفائز. جاء يوم المسابقة وبدأت العائلة المالكة وكل الامراء والنبلاء بالتقاطر إلى قصر الوزير. ووصل باخ في الوقت المناسب، وأخذ الجميع ينتظرون الفرنسي مارشان دون طائل. فأرسل الوزير رسولاً ليستعجله، لكن مارشان كان قد غادر فجراً على عجل بعد أن أيقن أنه خاسر لا محالة، وما كان غروره يسمح له بمثل هذه المهانة.
الغيت المسابقة لكن فولوميير الماكر نجح أيما نجاح في التخلص من غريمه. وقدم باخ حفلاً موسيقياً رائعاً للملك وحاشيته عوضهم فيه عن إثارة المسابقة التي لم تقم، عرض فيه باخ مهاراته الارتجالية وفنه الراقي. ولم يتكلم الرجلان عن هذا الحادث كثيراً في السنوات اللاحقة، سكت مارشان خوفاً من الفضيحة، وفسّر المؤرخ الفرنسي تيتون سفره المفاجئ إلى طغيان الحنين إلى باريس عليه؛ أما باخ فصمت تواضعاً واحتراماً، وما كان يتحدث عن الأمر إلا بعد الالحاح حسبما ذكر ابنه كارل فيليب إيمانويل لاحقاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

بروتريه: عبد الستار ناصر.. السارد الذي حكى سيرته بشجاعة

انت تتجنب الاختلاط بالآخرين ؟ هنا مكمن قوتك

فاضل السلطاني يسبر وقائع الانهيار الثقافي

تركات ضاجّة ..

الكاتب أكيرا ميزوباياشي: "تعرض والدي للتعذيب وسوء المعاملة، لكونه من دعاة السلام"

مقالات ذات صلة

مآثر فوق التصوّر
عام

مآثر فوق التصوّر

صلاح نيازي أدناه مقتبسات متباعدات أشبه ما تكون بلوحات توحدها إنسانيتها. اللوحة الأولى- عشبة كلكامش. في هذه الملحمة يذهب كلكامش بعد أنْ أمضّ به القلق من الموت إلى «اتو نفشتم» الخالد، عسى أن يعطيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram