حين يسعى شخص بكل جهده ليحصل على درجة علمية تؤهله للتعيين في الجامعة ويظهر اسمه في جامعة في إحدى محافظات الوسط ضمن قوائم السجناء السياسيين المفضّلة في القبول على غيرها، ويذهب لتسلم أمر تعيينه، فيكتشف أن هناك من استبدله بشخص آخر، تبيّن فيما بعد أنه يعمل أصلاً، في إحدى جامعات العاصمة، فهذا يحدث في بلدي !!
وحين يسعى الشخص الأول لتقديم شكوى الى المفتش العام على اعتبار أن الشخص الثاني بات يشغل وظيفتين في الوقت الذي يستحق هو الوظيفة أكثر منه، ويتم تحويل شكواه الى المفتش العام في المحافظة المعنية فيحصل على وعد بإلغاء تعيين الثاني واستبداله به، في موعد محدد فينتظر وينتظر ويحل الموعد المحدد، فيكتشف أن الاستبدال لم يحصل وأن هناك تواطؤاً واضحاً على استمرار تعيين الثاني دون وجه حق سوى وجود علاقة وثيقة أو (وساطة) قوية.. فهذا يحدث في بلدي !!
وحين يتوجه الشخص الأول بشكواه الى وزارة التعليم العالي هذه المرة وترقد شكواه في مكتب وكيل الوزير لفترة طويلة، ولكي يتم تهميشها من قبل مدير مكتب الوكيل، فلابد أن تحظى بشرف الانضمام الى عشرات الشكاوى المكدّسة في حقيبة سفر يأخذها معه المدير الى المنزل ليعمل على تهميشها اسبوعياً، ولا أحد يدري ما الذي يشغله عن ذلك طيلة أيام الاسبوع للتخفيف من تراكم الشكاوى والمعاملات التي تحوي كل منها أحلاماً وامنيات ومشاعر احساس بالغبن، وكلها تنتظر وتنتظر جرة قلم خضراء ..فهذا يحدث في بلدي !!
أن يفقد المرء وظيفته المنتظرة بكل بساطة، ويراها طوع بنان شخص آخر ، وأن يحمل المسؤول معاملات المواطنين وشكاواهم الى منزله في حقيبة سفر، ربما تكون أمور عادية في بلد يتحول المعارض فيه الى موالٍ بلمحة بصر، وتتغير القناعات من المهاجمة والاستنكار الى التحالف والتعاون مع دول اشتهرت بتصدير الإرهاب بين يوم وليلة، وأن تتسرب مليارات الدولارات على مشاريع وهمية وصفقات فساد مدمّرة أمام أعين الشعب الذي يلوك الصخر وينتظر الفرج، فكل هذه الأمور وغيرها تحدث في بلدي !!
ماذا ننتظر إذن ؟...أن يأتينا الإنقاذ من خارج البلد أم تصحو ضمائر الفاسدين ويعيدوا الأمور الى نصابها ؟...هل نواصل عقد آمالنا على رجل دولة واحد ونحمّله مسؤولية اغلاق عشرات الملفات المفتوحة بشراهة لتلتهم وطنيتنا واخلاقياتنا وكرامتنا وأرواحنا ؟..أم سنواصل الاستنكار والشكوى بكل الطرق بدءاً من قضايانا الشخصية المعلقة غالباً بجرة قلم خضراء عصيّة، على تحقيق احلامنا وانتهاءً بقضايا الوطن المعلقة بقرار خارجي أو تدخل اقليمي أو تعاون مشروط من دول اعتادت أن تحصي غنائمها، قبل أن تخوض معركة أو تعقد اتفاقاً؟...اعتقد أن اسئلتي لن تجد لها أجوبة، فمايحدث في بلدي لايمنحنا أجوبة، بل يجعل كل شيء أمراً واقعاً ينبغي علينا تقبّله حتى لو فقدنا وظيفة ظلماً، لأننا اعتدنا تقبل الظلم منذ أن فقدنا الوطن ذاته !!
يحدث في بلدي
[post-views]
نشر في: 31 مارس, 2017: 09:01 م