adnan.h@almadapaper.net
هذه ليست المرة الأولى التي يغمز فيها زعيم سياسي أو مسؤول حكومي عراقي من قناة السلطة القضائية، لجهة تأخّرها في النظر في القضايا المعروضة عليها أو إهمالها أو حتى اتّخاذ قرارات لا تتوفر فيها شروط العدالة كاملة.
أول من أمس، دعا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم "المؤسسة القضائية الى النظر في جميع القضايا المطروحة أمامها وحسمها"، في إشارة الى واحدة من القضايا التي تعرقل تطبيق نظام العدالة، وبخاصة في ما يتعلق بقضايا الإرهاب والمساءلة والعدالة والفساد الإداري والمالي.
أثناء زيارة إلى هيئة النزاهة أخيراً، بدا لي أن الشكوى الأبرز هناك تتصل بتلكؤ القضاء في حسم القضايا، وبعضها كبير وخطير، برغم توفّر الأدلة القاطعة من وثائق واعترافات. والفساد الإداري والمالي هو الآن العقبة الأكبر أمام تحقيق الاستقرار واستعادة السلم الأهلي وقطع دابر الإرهاب والمضي في طريق التنمية الاقتصادية للخروج من المأزق المالي والاقتصادي والاجتماعي الذي تكابده الدولة والمجتمع سواء بسواء، فمن الثابت أن الفساد الإداري والمالي في جهاز الدولة العراقية قد شكّل أحد المنابع الرئيسة للإرهاب على مدى السنين العشر الماضية.
المعطيات المتوفّرة لدى هيئة النزاهة تفيد بأن ثمة قضايا تخصّ مسؤولين كباراً في الدولة أو رجال أعمال على صلات وثيقة بمتنفذين حكوميين وسياسيين، لا يتعامل معها القضاء بالجدّية المتناسبة مع خطورة هذه القضايا، وغالباً بتأثير من ضغوط مسؤولين حكوميين وسياسيين كبار. بعض القضاة يتذرعون بزحمة القضايا إذا ما أرادوا التأجيل والتسويف في حسم القضايا، وبعض آخر يقرّر فجأة وعلى نحو غير متوقع أنه غير مقتنع بتحقيقات هيئة النزاهة أو بالأدلة المقدمة منها ..! مع أن هيئة النزاهة تبذل الجهود المضنية لتوفير المعطيات المطلوبة، وهي ليست سوى مؤسسة تحقيقية ينتهي دورها عند رفع القضايا إلى القضاء الذي لا سلطان عليه غير الضمير الشخصي للقضاة.
لحلّ هذه الاشكالية كانت ثمة مطالب بإنشاء قضاء خاص بقضايا النزاهة، وهي مطالب ليست مقطوعة عن السياق، فثمة قضاء خاص بالمنازعات الإدارية يتمثل في محكمة القضاء الإداري التابعة لوزارة العدل وليس للسلطة القضائية.
بإنشاء محاكم نزاهة مختصة في النظر في قضايا الفساد الإداري والمالي، وتكون على صلة وثيقة بهيئة النزاهة، سيُمكن الإسراع في نظر هذه القضايا وحسمها. وسرعة النظر والحسم تعني سرعة استعادة عشرات مليارات الدولارات المنهوبة من بيت مال الشعب ومن قوته اليومي ومستقبله وتنميته الاقتصادية والاجتماعية، ومن السلم الأهلي المنشود.
جميع التعليقات 1
أبو أثير
القضاء العراقي الحالي لا يستطيع البت بالقضايا التي تمس شخوص مافيات الفساد لعجزه أمام سطوتهم وقوتهم ... وسأروي لك الحادثة التي كنت أنا شخصيا شاهدا عليها ... وتتلخص أن لي قاضي لي معرفة عائلية معه زرته في أحدى المناسبات العائلية فوجدته على غير عادته الطبيعية