حازم مبيضينبعد أن وافقت دمشق على اسم السفير الاميركي المقترح اعتماده فيها، فان المحللين يعتقدون أن الرئيس اﻷمريكي باراك أوباما، لن يحقق سوى مكاسب ضئيلة من إنهاء حالة التوتر والقطيعة مع دمشق، وهو سيواجه صعوبة حقيقية في إبعاد سوريا عن حليفها اﻻيراني، وفي كسر جمود عملية السلام في الشرق اﻻوسط، لكنهم يعترفون أن تحسن العلاقات يمكن أن يسمح لواشنطن بتحقيق مكاسب في التعاون الأمني مع دمشق،
وتحسين فرص التوصل إلى السلام مع إسرائيل، بغض النظر عن مسيرة التسوية مع الجانب الفلسطيني. معروف أن التعاون الأمني السوري الاميركي والبريطاني استؤنف، لكنه بالنسبة لرجال أمن فاعلين في واشنطن، لن يحقق أكثر من أهداف متواضعة لن تتجاوز تقاسم المعلومات اﻻستخباراتية، ويعتقدون أن تعيين سفير أميركي في دمشق ﻻ يعكس تحسناً كبيراً، لأن الرئيس السوري بشار الأسد من وجهة نظرهم، يركز في المقام الأول على ضمان استمرار النظام القائم، وبما يعني عملياً إستمرار العلاقات الاستراتيجية مع إيران، إﻻ إذا اقتنع الأسد بامكانية حصوله على ما يحتاجه في موقع آخر، والمثال قائم في لبنان حيث ينبع التأثير السوري في ذلك البلد، من الدعم المقدم لحزب ﷲ، الذي يحظى أيضا بالدعم الإيراني، والواضح أن هذا الحزب المذهبي يمثل اليوم الجامع المشترك بين طهران ودمشق. في مواجهة هذه المستجدات، والمنتظر أن تكون لها انعكاساتها على الساحة اللبنانية، وعلى ملف السلام الشرق أوسطي، وعلى الرغم من عدم توقع أن يكون تحسن العلاقات الاميركية السورية جذرياً قبل حدوث اختراق فعلي في ملف السلام مع إسرائيل، وقبل أن ترفع دمشق الغطاء عن المجموعات الفلسطينية التي تدعمها بما فيها حركة حماس، وقبل أن يتحول الاقتصاد السوري عن مساره الراهن، فان المتوقع أن الايرانيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وهم يتوقعون أن يلجأ السوريون لاعادة التوازن في العلاقة معهم، وبما يعني إضعاف لطموحات إيران في المنطقة، خصوصاً وهي تعاني عزلة متزايدة نتيجة موقف العالم الغربي من ملفها النووي، إضافة إلى معاناتها من التحركات الداخلية فيها بعد الانتخابات الرئاسية التي يرفض الإصلاحيون نتائجها. تتزامن تسمية السفير الاميركي الجديد في دمشق،مع حملة تراشق لفظي بين السوريين والإسرائيليين، ينظر البعض إليها باعتبارها جساً للنبض بين الجانبين، لكن ذلك لايعني أن على صانع السياسة السوري أن يضع كل البيض في السلة الأميركية، وهو يمتلك خيار استمرار علاقته الوثيقة مع طهران، مثلما يمتلك خيار الأتراك الذين يثق بوساطتهم أكثر من ثقته بواشنطن التي يؤمن بانحيازها أكثر الى الدولة العبرية. مرحلة جديدة من العلاقات بين واشنطن أوباما ودمشق على وشك أن تأخذ حيزها في سياسات الشرق الأوسط، لكنها ستظل محكومة بانحياز الولايات المتحدة إلى الدولة العبرية، ما يعني أن على دمشق بذل المزيد من الجهد لدفع الاميركيين إلى موقع الانحياز إلى المبادئ التي بني عليها وطنهم، أو على الاقل إلى موقع الحياد بين طرفي الصراع، والمؤكد أن الجهد السوري في هذا الاطار سيحظى بدعم العديد من الدول العربية، مثلما سيحظى بمناكفة طهران، والتي نجهل على أي شكل ستكون، وهل سيكون لبنان ساحتها الرئيسة من خلال حزب الله، المؤمن بولاية الفقيه، والمؤمن بشكل أعمى برشاد كل السياسات الايرانية.
خارج الحدود :سفير أميركي في دمشق
نشر في: 16 فبراير, 2010: 06:06 م