عن دور الحركات الاجتماعية والاحتجاجية في العراق، وقع الناشط المدني والكاتب، جاسم الحلفي كتابه الموسوم (الحركات الاجتماعية في العراق) وتشكل الحراك الاجتماعي الراهن في العراق على أثر الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المترابطة ببعضها البعض، والت
عن دور الحركات الاجتماعية والاحتجاجية في العراق، وقع الناشط المدني والكاتب، جاسم الحلفي كتابه الموسوم (الحركات الاجتماعية في العراق) وتشكل الحراك الاجتماعي الراهن في العراق على أثر الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المترابطة ببعضها البعض، والتي تسببت بتعمق الفوارق الاجتماعية بفعل الاستقطاب الكبير في توزيع الدخل والثروة.
ليكون الحراك الاحتجاجي الحالي هو أحدث صور الاحتجاج على الأوضاع المزرية التي يقبع العراقيون تحت نيرها، وهو مؤشر واضح على رفضهم نظام المحاصصة الطائفية والفساد، وسخطهم على نهج المغانمة التي اختطتها الكتل السياسية الطائفية لأجل ترسيخ مشاريعها، والتي تسببت بتمترس الفساد في مؤسسات الدولة والذي استباح ثروات العراق وبدّدها، كما تسبب في تدهور الوضع الأمني واستيلاء تنظيم (داعش) على عدد من مدن البلاد، وفي تكوين الميليشيات وانتشار السلاح خارج المؤسسات العسكرية للدولة.
عن ذلك ومحاور أخرى، كانت لنا هذه الدردشة مع الحلفي، الذي تحدث عن ظاهرة الحركات الاجتماعية التي شغلت الباحثين، انطلاقاً من مساحة تأثيرها على الأحداث السياسية، وطبيعة الدور الواسع الذي تلعبه، وقدرتها المتميزة في التأثير، من خلال انشطتها وفعالياتها المتنوعة والمتعددة. مبيناً: أنها مارست انشطتها عبر وسائل سلمية جديدة وغير تقليدية، عبر شعارات واضحة واهداف محددة. وتمكنت من تحشيد نشطاء من مختلف طبقات الشعب العراقي، وفئاته وشرائحه الاجتماعية. موضحاً: اذ تركزت المطالب بالحريات، والحقوق، والكرامة، والعدالة الاجتماعية.
وتحدث الحلفي، أيضاً، عن ماهية طبيعة ومظاهر الحركات الاجتماعية في العراق في السنوات 2003-2014؟ من خلال مطلبين، اختص الأول، بالحركات الاجتماعية، مفهومها، جذورها. أما المطلب الثاني، فقد اختص بمكونات وقضايا الحركات الاجتماعية وأساليب عملها. مبيناً: أن الحركات الاجتماعية تنوعت تعريفاتها وتباينت وجهات النظر حولها، ولا يكتمل تعريف الحركات الاجتماعية، الا بوجود عدد من العناصر الأساسية، ومنها جهد منظم وهادف يسهم فيه المشاركون، إذ يضعون لهم أهدافاً سياسية منطلقاً للتغيير. مؤكداً: فالحركات الاجتماعية هي تلك الجهود المنظمة التي يبذلها مجموعة من المواطنين بهدف تغيير الأوضاع، أو السياسات، أو الهياكل القائمة، لتكون أكثر اقتراباً من القيم والأهداف التي ترفعها الحركات وتطالب بها. متطرقاً: الى الحركات الاجتماعية المعاصرة، التي ظهرت طوال القرن العشرين، وامتداداً إلى بدايات القرن الحادي والعشرين، فهي على قدر كبير من التعدد والتنوع والفاعلية على مستوى كل دولة وعلى المستوى العالمي.
ولفت الحلفي، الى بواكير الحركات الاجتماعية في العالم، والتي ظهرت الحركات الاجتماعية منذ وقت ليس بالقصير. ففي القرن الثامن عشر، عرفت انكلترا حركة سياسية أطلق عليها الحركات الميثودية، وهم اتباع الحركات الدينية الاصلاحية، التي قادها في اكسفورد عام 1729 تشارلز وجن يزلي. منوهاً: وهناك من يعزي جذورها الى الثورة الفرنسية عام 1789، والتي رفعت شعارات (حرية، إخاء، مساواة)، معلنة في ذلك دور الحركات الاجتماعية والسياسية في أوربا، حيث عبرت عن رفض الشعب الفرنسي للحكم الجائر للملوك ورجال الكنيسة. متابعاً: كما ظهرت أيضاً، في الولايات المتحدة، العديد من الحركات، والتي كانت تنبثق عن فكرة الحركات الاجتماعية. وبحلول القرن الحادي والعشرين، كان الناس في جميع انحاء العالم، قد تعرفوا على مصطلح "الحركات الاجتماعية" كدعوة نفير، مقابل السلطة القمعية.
وبشأن ظهور الحركات الاجتماعية في المنطقة العربية، بيّن الناشط المدني: أما في المنطقة العربية، فإنه ومنذ الاحتلال العثماني، كانت تبرز الحركات المعارضة لعملية التتريك التي حاولت السلطنة فرضها على المنطقة، وأسهم ذلك في تبلور حركات الاعتراض الوطنية والقومية ذات الأبعاد الاستقلالية. مضيفاً: وجاءت مرحلة الاستعمار، ومخططات إعادة رسم خريطة المنطقة لتستفز المشاعر الوطنية، وقابلتها حركة اجتماعية مناهضة للاستعمار، اتخذت وسائل عديدة للمقاومة والرفض. ورغم قدم الحركات الاجتماعية في العالم لكن ظهورها في المجتمعات العربية جاء متأخراً نسبياً.
كما تحدث الحلفي، عن بواكير الحركات الاجتماعية في العراق، مبيناً: انه بقدر تعلق الأمر بالحركات الاجتماعية في العراق، فلا يبدو أن التاريخ قد أنصفها، على الرغم من وضوح حضورها وتأثيرها في الأحداث السياسية، مما يستدعي دراسة هذه الحركات، وتأثيراتها في الأحداث التاريخية وانعكاساتها السياسية. مضيفاً: أن النظرة المتفحصة، بل وحتى العابرة إلى تاريخ العراق الحديث والمعاصر، تكشف عن كثرة ما حفل به من الانتفاضات، والهبات الجماهيرية، والمظاهرات، والوقفات، والحملات، والمنتديات الاجتماعية، والحركات المتنوعة الأخرى، سواء المنظمة منها أم العفوية.
المطلب الثاني كان دوافع الحركات الاجتماعية العراقية وتأثيراتها، حيث تحدث الحلفي، عن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق 2003-2014 وانعكاس الوضع الاقتصادي على بنية المجتمع، وساهم في تكوين فروقات اجتماعية كبيرة. حيث أدت الدخول العالية لبعض أفراد المجتمع. مردفاً: لاسيما من النخبة الحاكمة وكبار موظفي الدولة، الى نشوء تباين كبير بين طبقة من الأغنياء بنسبة محدودة، وبين طبقة واسعة اتسمت بانخفاض دخولها. مما ولّد شعوراً نفسياً بعدم الرضا، عن السياسات الجديدة في توزيع وإعادة توزيع الثروة الوطنية. مؤكداً: إذ اتسعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وازداد عدد أصحاب الملايين والمليارات من الدولارات الأمريكية، ممن اغتنى على حساب الشعب والاقتصاد الوطني.
وأضاف الناشط المدني: صاغت الحركات الاجتماعية في العراق أهدافها، وفق حاجات محددة وملموسة، مسّت بشكل مباشر مصالح المواطنين. وانعكس حضورها في فعاليات وأنشطة سياسية عديدة. موضحاً: توقفت الحركات الاجتماعية في العراق عند عدد من القضايا، هي القضايا الوطنية العامة، مثل موقفها من أجل الهوية الوطنية، وما يترتب على ذلك من ترسيخ قيم الديمقراطية، وحقوق الانسان في التشريعات وموضوعة الخدمات وتوفيرها، وتحسين تقديمها للمواطن، والعدالة الاجتماعية. لافتاً: ومنها ما يتعلق بالدعوة للضمانات الاجتماعية، وضمان السكن، وتحسين التعليم، والبطالة، وتحسين الظروف المعيشية، ومحاربة الفساد. اذ عبر المحتجون عن هويتهم الوطنية بصرف النظر عن تباينهم في إدراك الظلم. بعده وقّع الحلفي نسخاً من كتابه للحضور الذي تداخل البعض منهم بما جاء في طروحات المحتفى به وكتابه البحثي.