الثروات الطبيعية في بلدان العالم، تعد مصدر سعادة الشعوب، النرويج مثلاً الغنية بالنفط، اعتمدت على تصدير الأسماك في تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية، فأصبحت دولة مانحة تشارك في إعمار بلدان تعرضت لكوارث طبيعية، ومصائب أخرى جراء حماقات حكامها، شنّوا حروباً على الجيران، سخروا كل إمكانات السلطة لملاحقة المعارضين.
العراق من أغنى دول المنطقة بالنفط، مازال يعاني المصائب والنوائب، الملايين من أبناء الشعب يعيشون تحت خط الفقر، في زمن الاحتلال العثماني للعراق، شاهد اتباع الوالي النار الأزلية في كركوك، ولم يخطر في بالهم، بأن الأرض غنية بالنفط، ولإعجابهم بالمشهد، دعوا الدراويش، لإقامة حلقات الذكر في المنطقة، وعلى ايقاع الدفوف، عبّروا عن اعجابهم بالمعجزة، ونقلوها الى الوالي وبدوره الى السلطان، فأصدر فرمانات بالتعامل مع النار الأزلية بوصفها واحدة من المظاهر المقدسة، وعلى مقربة من النار الأزلية، يقع حقل كبير بابا كركر، يستخرج منه النفط بطرق بدائية اثناء عهد العثمانيين.
في زمن الاحتلال البريطاني عرف المحتلون قيمة النار الأزلية وبئر بابا كركر، وقاموا بإنشاء البنى التحتية للحقل، وبدأ الاستخراج المنظّم اواسط ثلاثينيات القرن الماضي، وكانت الحصة الأكبر منه تذهب الى الشركة البريطانية حتّى تأميمها في العام 1972، فاستبشر العراقيون خيراً بالقرار لاعتقادهم بأنه سيقضي على الفقر، ويسهم في تحسين المستوى المعيشي.
في سنوات الاستقرار السياسي النسبي بالتاريخ العراقي، كانت تصريحات أصحاب القرار ترسم مستقبلاً مشرقاً لأبناء شعبهم، من خلال تبني شعارات "وطنية " بجعل النفط ملكاً للشعب، ثم تبيّن في ظل اتساع الصراع على السلطة، أن تلك الوعود والشعارات، عبارة عن كلام جرائد، وبالدخول الى فصل جديد من الاضطراب وتكريس هيمنة الحزب الحاكم على السلطة، ثم اندلاع الحروب، تبدّدت الأموال على شراء الأسلحة والمعدات العسكرية والطائرات الحربية، وضاعت فلوس بابا كركر وبقية الحقول النفطية الأخرى، فتراكمت ديون بلد البترول، وفرض عليه مجلس الأمن عقوبات اقتصادية وحصاراً استمر سنوات بعد غزو الكويت، جعل العراقيين يعتمدون على مفردات البطاقة التموينية ملتزمين بوصايا القيادة الحكيمة لمواجهة العقوبات الدولية بالصبر والمصابرة كسراً للحصار الجائر.
في المرحلة الحالية ونتيجة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، دخل العراقيون في مواجهة جديدة تتطلب منهم تنفيذ اجراءات التقشف، وتحمل نتائج سياسية مالية سيئة على مدى السنوات الماضية، ولا أحد يعرف مصير مليارات الدولارات، كانت كافية لرفع دخل الفرد العراقي وتجعله يؤمن بأن ثروات بلده، ستضمن مستقبلاً افضل لأبنائه والأجيال المقبلة .
العراقي اليوم يعيش في خيبة تمتد جذورها الى مطلع القرن الماضي، فلجأ الى سماع أغاني الراحل سعدي الحلي، لأنها تعبر عن لوعة كغيرها من الأغنيات العراقية المثقلة بعبارات وصور الحزن المتكلس منذ آلاف السنين. زيارة صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب، جدّدت الآمال في تسجيل "بكرة ايفانكا " للتغنّي بنفط بابا وماما كركر، واستعادة شعار النفط سلاح في المعركة، عليهم............... عليهم.
"ايفانكا" بابا كركر
[post-views]
نشر في: 7 إبريل, 2017: 09:01 م