عامر القيسي اظهرت الحملات الدعائية الانتخابية التي انطلقت يوم الجمعة المنصرم فروقات طبقية واضحة بين الكتل والاحزاب والأئتلافات التي ستخوض غمار الانتخابات في السابع من آذار المقبل . وهي على مايبدو ليست انعاكسا للواقع الطبقي في العراق، فبعض الفقراء، أو الذين قالوا لنا انهم فقراء عبر شاشات الفضائيات، فاجأونا بحملات اعلامية تصنف على أساس رفوف الدفاتر الخضراء المغرية المقبلة الينا من جهاتنا الاربع،
وهذا يعني ان ملايينا غير معدودة قد صرفت في باكورة الحملة الانتخابية "والحبل على الجرار" فيما كشفت احزاب وكتل عن عريها النقدي من خلال لافتات بامكان اي صاحب مجلس عزاء عشائري ان يخط ويوزع اضعافها. وفي الوقت الذي كانت بعض الاحزاب تبذخ العطاء لشراء الاصوات،من هنا وهناك، كانت احزاب اخرى تقطع، لمن يرغب، وصولات تبرع من اجل الحملة الدعائية الانتخابية، وأوراق الوصولات كما قيل لنا هي لغرض قطع دابر الفساد المالي حتى لايتسلل الى داخل هذه الاحزاب التي من ابرز شعاراتها مكافحة الفساد السرطاني الذي تمدد في جسد مؤسسات الدولة العراقية. ورغم ارتفاع سخونة لهجة الحديث عن المال السياسي الا ان احدا لم يكلف نفسه " الحكومة ، النوّاب، مفوضية النزاهة..الخ" مهمة السؤال والسؤال فقط عن مصادر هذا المال الذي يبذخ بلا حساب. نعرف جيدا اننا نفتقد الى قانون خاص ينظم عمل الاحزاب وقانون ينظم مصادر التمويل وقد جرى تعطيل تمرير مثل هذين القانونين وغيرهما لاعتبارات ليست موضع حديثنا اليوم ، لكن هذا الفراغ لايمكن ان يكون مبررا لكي تلعب الاحزاب " على حل شعرها " كما يقول المصريون. ورغم ان الوقت ربما لايسعف من يريد لمعالجة اخطر ظاهرة سلبية في هذه الانتخابات الا ان المال المجهول المصدر بالنسبة لنا ينبغي ان يجد ممن يحاسب عليه بعد الانتخابات بأي وسيلة كانت ، فالاموال لاتعطى لسواد عيون عمر أو زيد . هناك اهداف سياسية معلومة وراء نثر المال السياسي كما تنثر فوق العروس الدراهم ، وهناك اهداف مضرة بالعملية السياسية ومستقبل العراق، فما يؤخذ باليمين يتوجب تسديد استحقاقاته باليسار، وهي معادلة معروفة في عالم الصفقات السياسية، لانه بالاساس عالم خال من براءة الاطفال وليس في قاموسه القديم والمعاصر والبنيوي والتكعيبي مفردات النوايا الحسنة، لان المئات من هذه النوايا غالبا ما تؤدي الى الجحيم.المؤكد ان تأثيرات هذا المال ورائحته ستترك ظلالها على الانتخابات بهذه الدرجة أو تلك وستحصد احزاب المال السياسي ، سواء من داخل الحدود أو خارجها ، المقاعد البرلمانية الاضافية بمساعدة هذا المال الذي تتعدد قنواته وابوابه ، وهو مال مافيوي يغسل تحت اسماء التجارة والعمولات والتبرعات الدينية والهبات الخيرية ودعم بعض منظمات المجتمع المدني.اللعبة مكشوفة رغم كل محاولات تسترها الكوميدية واهدافها مفضوحة للمواطن العادي فكيف بالسياسي والقضائي والبرلماني؟ وهي بقدر فضائحيتها الا ان خطورتها عندما تصطدم اهداف الاموال السياسية على الساحة العراقية باختلاف نوايا الممولين وطموحاتهم في قيادة العربة العراقية من الداخل !!
انتخبوا وغيّروا .. أسعار المقاعد النيابية !
نشر في: 16 فبراير, 2010: 07:15 م